السفير: أساتذة الجامعة اللبنانية ينهون إضرابهم اليوم بعد استجابة الحكومة لمطالبهم

فكّكت الحكومة واحدة من العبوات المطلبية باستجابتها لمطالب الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية، حيث ينتظر، بناء على تلك الاستجابة، ان يتم الاعلان اليوم عن تعليق إضراب الاساتذة الذي استمر نحو خمسين يوما. فيما برزت أمام الحكومة مجددا عبوة تصحيح الاجور بعدما رفض مجلس شورى الدولة الخطيئة الحكومية بالزيادة المبتورة التي قررتها على الاجور واستثنائها شريحة كبرى من الموظفين من هذه الزيادة.
يأتي ذلك، وسط مناخ حواري آخذ في التصاعد في الاجواء الرئاسية، ورغبة شديدة لدى رئيس الجمهورية في إعادة إطلاق طاولة الحوار. وفي هذا السياق قال مصدر رفيع المستوى لـنا «إن على جميع الفرقاء سواء في الموالاة أو المعارضة أو القوى المستقلة أو الوسطية، عدم تفويت الفرصة السانحة للاستجابة للحوار والجلوس مجددا الى الطاولة لأن التطورات المحيطة تفرض على الجميع الارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية بعيدا عن الشروط المسبقة او الرهانات على تبدل موازين القوى داخليا وخارجيا».

وذكـّر المصدر «بأن اللبنانيين كانوا على الدوام يمتثلون للحوار ولكن بعد خراب كل شيء، فتفرض عليهم التسويات والحلول» واكد على ضرورة «عدم انتظار الوقوع في المحظور حتى نجلس للتحاور، لان الحوار على البارد أفضل بكثير للبنان واللبنانيين من الحوار على الساخن».

على الصعيد المطلبي، وافق مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها في القصر الجمهوري في بعبدا امس، على تعديل سلسلة رواتب أفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية، بصيغة تترجم الاتفاق بين وزير التربية حسان دياب ورابطة الاساتذة المتفرغين، والقاضي برفع الراتب الاساسي للاساتذة الى 3 ملايين و700 الف ليرة وإعطاء درجتين استثنائيتين ولمرة واحدة بما يعادل 450 ألف ليرة وزيادة قيمة الدرجة لتصبح 225 ألف ليرة، بالاضافة الى زيادة نصاب التعليم للاساتذة بحيث يزيد في حده الادنى 75 ساعة إضافية، والتركيز على الابحاث وإنجازها من قبل الاساتذة والتشدد في عملية تصنيف هذه الابحاث.
وقد جاءت موافقة مجلس الوزراء على هذا الموضوع بعد نقاش وزاري مستفيض، تخطى المطالب ليتناول وضع الجامعة بشكل مفصل، مع التركيز على العيوب والشوائب التي تعتري هذا المرفق بالاضافة الى المكامن الواجب إصلاحها، كما تطرق النقاش الى موضوع التعاقد وآليته وأهمية التشدد في هذا الموضوع.
وقالت مصادر وزارية لـ«السفير» ان البحث في هذا البند تجاوز الساعة ونصف الساعة، وبرزت خلاله اقتراحات من بعض الوزراء لإعطاء الاساتذة درجة واحدة بدل درجتين، إلا أن وزير التربية حسان دياب أصرّ على الدرجتين التزاما بما اتفق عليه مع الرابطة، وبما يؤدي الى فك إضراب الأساتذة الذي يعطل الجامعة، فأيده في ذلك معظم الوزراء.

وقال رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الاساتذة الدكتور شربل كفوري لـ«السفير» إن الهيئة ستعقد اليوم اجتماعا ستعرض خلاله ما قرره مجلس الوزراء في شأن مطالب الاساتذة على ان يتم الاعلان عن تعليق الاضراب في ضوء ذلك.
وعلم ان الهيئة ستزور اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي ساهم في الساعات الماضية في تدوير زوايا الازمة. وأجرى مشاورات حول هذا الموضوع مع وزير التربية بعد ظهر امس، وشدد على أهمية التعجيل في إقراره وإحالته كمشروع قانون الى المجلس النيابي، وذلك لوضع حد للتعطيل الذي يطال هذا المرفق الجامعي.

تصحيح الاجور .. الى البداية مجدداً
وأما على صعيد تصحيح الأجور، فقد أعاد مجلس شورى الدولة الكرة الى الحكومة مجددا، متيحا امامها فرصة للعودة عن خطيئة الزيادة المبتورة واستثناء شـريحة من الموظفين وهي احــدى ابرز الملاحظات التي استند اليها مجلس الشورى لنقض القرار ـ الخطيئة.

ويبدو ان الحكومة تلقفت رأي مجلس الشورى، حيث اكد الرئيس نجيب ميقاتي خلال جلسة مجلس الوزراء اعادة درس الموضوع مع وزير العمل والجهات المعنية «لان هاجسنا الوصول الى صيغة تتناغم مع القوانين وتحقق ما يطلبه العمال وما يستطيع اصحاب العمل التجاوب معه. ان الحكومة تتقبل قرار مجلس شورى الدولة وتحترم ما ورد فيه وستدرس ما يمكن ان تقوم به للوصول الى مرسوم يحقق العدالة والواقعية».
وبناء على ذلك شكل مجلس الوزراء لجنة مؤلفة من الرئيس ميقاتي والوزراء محمد الصفدي، نقولا نحاس، وشربل نحاس لدرس ملاحظات مجلس شورى الدولة على مشروع المرسوم الرامي الى تعيين الحد الادنى للاجور وغلاء المعيشة. على ان تجري هذه اللجنة مشاورات من جديد مع الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام. 
ولعل مجلس الشورى في نقضه مشروع المرسوم المحال اليه من قبل وزير العمل شربل نحاس، قد اوجد المخرج الملائم للحكومة، علما ان رأي شورى الدولة لا يتمتع بصفة الالزام، بل هو رأي استئناسي غير ملزم.
وقد لفتت في رأي شورى الدولة الحيثيات التي استند اليها، وإقرانها بتعليل تفصيلي لكل مواد مشروع مرسوم الزيادة، حيث اشار الى شوائب تعتري المشروع في الشكل والمضمون على حد سواء، ولعل من اسباب نقض المرسوم، هو أن الزيادة بالشكل الذي تمت فيه تتناقض مع مبدأ المساواة بين المواطنين، ويتجلى ذلك في استثناء مرسوم الزيادة فئة العمال والمستخدمين الذين تزيد أجورهم الشهرية على مليون وثمانمئة الف ليرة من أي زيادة، «في حين أن غلاء المعيشة هو مسألة واقعية يفترض أنها تطال جميع المستخدمين والعمال، مع الأخذ في الاعتبار طبعاً أن الحاجة إلى الزيادة لا تكون نفسها بالنسبة إلى الجميع».
بيد أن رأي شورى الدولة دحض بصورة قاطعة ما ورد أكثر من مرة على لسان الهيئات الاقتصادية، التي اكدت ان ليس من حق الدولة ان تتدخل في زيادة الاجور، حيث لم يأخذ مجلس الشورى بالحيثيات التي تقدمت بها الهيئات في هذا الإطار، مؤكداً حق الدولة بالتدخل في تعيين الحد الأدنى للأجور ونسب غلاء المعيشة وكيفية تطبيقها (راجع نص مشروع المرسوم ورأي مجلس الشورى بشأنه في ص 5).

وفيما توقع وزير العمل شربل نحاس اعادة فتح موضوع الاجور بشكل كامل باعتبار ان القرار السابق للحكومة اصبح معلقا، اعرب رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن عن ارتياحه لقرار مجلس الشورى، وقال لـ«السفير» ان الكرة اليوم عادت الى الحكومة مجددا وباتت عليها مسؤولية المبادرة الى تصحيح الخطأ بناء على ما ورد في قرار مجلس الشورى، وبالتالي تصحيح القرار بما يتلاءم مع القانون ومن دون ان تعتريه اية ثغرات.
وردا على سؤال قال: ما دامت الحكومة قد اقرت مبدأ الزيادة، فقد بات عليها ان تبادر الى تصحيح القرار استنادا الى رأي مجلس الشورى، مشيرا الى ان أي تراجع عن قرار زيادة الاجور، معناه العودة الى التحرك النقابي والعمالي والاضراب.
فوليه: نتوقع وفاء لبنان بالتزاماته

على صعيد آخر، وفي سياق التناغم الغربي الواضح في الموقف حول موضوع تمويل المحكمة الدولية، تلقى لبنان دعوة اوروبية للوفاء بالتزاماته الدولية نقلها المفوض الاوروبي لشؤون التوسع والسياسة الاوروبية للحوار ستيفان فوليه، الذي اجرى محادثات في بيروت مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عدنان منصور .  

السابق
مجلس الوزراء قرر اعادة درس الاجور ووافق على تعديل رواتب اساتذة “اللبنانية”
التالي
النهار: مجلس الأمن يحضّ الحكومة على التمويل وزيادة الأجور إلى بداياتها وأساتذة اللبنانية يباركون