هل اقتربت ساعة الحسم الأميركي؟

التصعيد المتوحش لقوات النظام السوري ضد الانتفاضة الشعبية , وزيادة أعداد الضحايا و الشهداء , والإرتفاع المضطرد في العمليات العسكرية إضافة إلى زيادة حالات الإنشقاق في الجسم العسكري للنظام السوري , مع ما يرافق ذلك من نشاط ديبلوماسي عربي ضمن إطار الجامعة العربية وبرئاسة رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني لمحاولة الوصول إلى حل توافقي بين السلطة والمعارضة, وهو حل لن يكتب له النجاح أبدا ضمن ماهو متوقع ومعروف, جميعها أمور تؤكد بأن تيار الثورة السورية في تصاعد وان نيران الرفض الشعبي لم تخمد, ولا ينتظر أن تخمد مع تسارع التطورات في العالم العربي, وإنهيار النظام الليبي بالصورة التي حدثت, وقد أضاف إلى المشهد السوري بعدا تراجيديا والتصريحات الأخيرة للسيناتو الأميركي جون ماكين, وهو المرشح السابق للرئاسة, عن إحتمالات تدخل عسكري أميركي لحسم الموقف على الأرض, وإنهاء النظام البعثي السوري ,مكررا التجربة العراقية, ولكن بكلفة أقل, وبوسائل وأدوات مختلفة بالكامل عما حصل عام 2003 ,

من الواضح أن كل المؤشرات باتت تتجه نحو حسم عسكري يوقف الآلة العسكرية للنظام السوري و ينهي سطوة حزب البعث و العائلة الحاكمة في الشام و الممتدة بأجيال متلاحقة منذ عام 1963 , خطط الإنسحاب العسكري الأميركي من العراق في نهاية العام الحالي لا تعني إنسحابا من الشرق الأوسط بقدر ما تعني إعادة التخندق وترتيب المواقع والتهيؤ لحالة ونقلة تعبوية جديدة لن تبتعد كثيرا عن بغداد وستكون محطتها المقبلة بكل تأكيد في دمشق مالم تحصل تطورات داخلية سورية تعيد صياغة المشهد واهمها إحتمال قيام إنقلاب عسكري في دمشق ينهي الأوضاع الشاذة القائمة ويؤسس لعقد توافق وطني جديد بعيدا عن لمسات وآثار التدخل الدولي ,

كل المؤشرات أضحت واضحة بعد تصريحات السيناتور ماكين , وحلقة الحسم الدولي في سورية باتت واضحة المعالم أكثر من أي وقت مضى, بل أنها تحولت خياراً ستراتيجياً غربياً لن تستطيع شبكة الحماية الصينية ولا الروسية تفتيته وأبعاد شبحه القريب الذي سيواجهه النظام , محطة التغيير المقبلة ستكون دمشق شاء من شاء وأبى من أبى وكل التحركات والجهود الديبلوماسية القائمة حاليا ليست سوى رتوش ومؤثرات صوتية لاعادة تقويم المشهدين السياسي والعسكري وإعداد الساحة للتطورات الحاسمة القريبة , فمن الواضح إن النظام السوري قد إعتمد خيار القوة المفرطة لكسر الثورة وتبديد آمال الثوار , وقد يلجأ النظام لخيارات إنتحارية لا يجد مناصا من اللجوء إليها مثل إعادة سياسة التدمير الشامل للمدن المنتفضة وإحتمال تدمير مدينة حمص التي تحولت اليوم مدينة ثائرة تذكرنا بمدينة حماه عام 1982 والتي قمعها النظام وقتذاك بالقوة المفرطة وبتدميرية عالية لم يحاسبه أحد عليها وقتذاك لأن ظروف و مقتضيات اللعبة الدولية من تصعيد للحرب العراقية -الإيرانية ومن إجتياح إسرائيلي لبيروت الذي كان يتم الإعداد له قد ترك مساحة حركية واسعة للنظام لم تعد متوافرة اليوم تصريحات السيناتور ماكين بمثابة عد تنازلي واضح لبدء المهمة الأميركية في الشام , وفشل جهود الجامعة العربية بحل الأزمة السورية سيعطي الضوء الأخضر للحل العسكري الدولي وبالأيدي الأميركية المباشرة هذه المرة وليس بأيدي قوات الناتو التي أنجزت المهمة في ليبيا , فيما يزداد الطوق الحديدي على النظام في دمشق ,

فشل الجامعة العربية سيؤدي لبروز خيار الحماية الدولية للشعب السوري وهو ما ستقوم به الآلة العسكرية الأميركية بكل تأكيد رغم لجوء الكثير من التحليلات والترجيحات لإبعاد ذلك الخيار وإعتباره خيارا مستحيلا إلا أن الواقع الميداني المترافق مع نار الحملة الإنتخابية الأميركية و الرغبة الجمهورية بإعادة السيطرة على البيت الأبيض ستؤدي في النهاية إلى حالة حسم أميركية يحسم معها نهائيا مصير نظام البعث السوري المتبقي , على قادة النظام السوري التفكير جديا في الإنسحاب من المشهد قبل أن نرى مشاهد سوريالية ومحاكمات مدهشة , وإنهيارات غير مسبوقة في تاريخ الشرق القديم , تصريحات السيناتور ليست إستهلاكية أو دعائية بل أنها خطة عمل واضحة المعاني والمباني وستترجم حرفيا خلال الأسابيع المقبلة , ومصير نظام دمشق أضحى اليوم على كف عفريت ولن تستطيع الجامعة العربية إنقاذ الموقف , لأن النجار لا يستطيع أبدا إصلاح ما أفسده الدهر لقد قرر الأميركيون العودة العاصفة لمسرح الشرق , وستكون دمشق هي المحطة المقبلة ولكن هل سيحصل إنقلاب عسكري في الشام يعيد صياغة المشهد قبل أن نرى كروت الكوتشينة الأميركية وهي تبحث عن بقايا النظام الإستخباري السوري ? كل الخيارات ممكنة ومتاحة أيضا.  

السابق
ميرزا ينقض رواية ريفي
التالي
صيت مش اكثر!!