نقطة الانهيار؟ قضية اليمن الجنوبي

وسط انعدام اليقين الذي تغذيه الاحتجاجات الجماهيرية المستمرة ضد الرئيس علي عبد الله صالح، فإن المستقبل السياسي لليمن، وكذلك وحدته – خصوصاً وضع الجنوب – على المحك.

"نقطة الانهيار؟  قضية اليمن الجنوبي"، أحدث تقارير مجموعة الأزمات الدولية، يستكشف جذور القضية الجنوبية، وعلاقتها بانتفاضة 2011 واحتمالات التوصل إلى تسوية من شأنها أن تحافظ على وحدة التراب اليمني وفي نفس الوقت تعيد تعريف العلاقة بين الحكومة المركزية والأقاليم.  ومن أجل التوصل إلى حل سلمي لقضية الجنوب، ينبغي على اللاعبين السياسيين التوصل إلى اتفاق حول نقل السلطة في صنعاء يتبعه حوار وطني شامل.  إلاّ أنه ما من مؤشر على أن اليمن يسير في ذلك الاتجاه.  بدلاً من ذلك، ومع استمرار الاحتجاجات دون نتيجة، يتنامى الإحباط وكذلك عدم ثقة الجنوبيين أن الأحداث في الشمال سيكون لها أثر إيجابي في الجنوب.

تقول إيبريل آلي، كبيرة المحللين لشبه الجزيرة العربية في مجموعة الأزمات، "نواجه وضعاً انفجارياً.  يمكن  لاستمرار المأزق السياسي أن يفضي إلى مزيد من الانهيار في الظروف الاقتصادية والأمنية، ما سيحدث قدراً أكبر من الاضطرابات وعدم الاستقرار في الجنوب.  أما في حال اندلاع حرب أهلية شاملة في الشمال، فإن الجنوبيين قد يسعون بجدية أكبر نحو الانفصال.  من شبه المؤكد أن الانفصال بدوره سيطلق صراعاً آخر مع الشمال ويمكن أن يؤدي إلى اقتتال داخلي ومزيد من الانقسامات داخل الجنوب نفسه".

اندمجت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السابقة مع جارتها الشمالية، الجمهورية العربية اليمنية، في عام 1990 لتشكيل الجمهورية اليمنية.  عانت الوحدة من المشاكل منذ البداية ونجم عنها حرب أهلية قصيرة لكن دموية في عام 1994.  بعدئذ، ترسخت روايتان مختلفتان لما حدث، الأولى تعلن أن الحرب أغلقت ملف الانفصال  وعززت الوحدة، والثانية ادعت بأن الحرب أنهت الوحدة ودشنت احتلال الشمال للجنوب.  وفي النهاية، أدّت مشاعر التهميش والظلم لدى الجنوبيين إلى قيام حركة احتجاجية في عام 2007، تحولت لاحقاً إلى المطالبة بالانفصال.

في البداية، سهلت الانتفاضة اليمنية في عام 2011 التعاون بين المحتجين الشماليين والجنوبيين وأتاحت فرصاً جديدة لتسوية سلمية لقضية الجنوب.  إلاّ أن الحماسة الأولية تراجعت لتتجدد الدعوات من قبل البعض لاستقلال الجنوب.  يشير النشطاء السياسيون في الجنوب إلى خيارين محتملين: الانفصال الفوري أو فيدرالية تضم الإقليمين.  ثمة خيار ثالث يقوم على تنظيم البلاد في أربعة أو خمسة أقاليم اجتذب قدراً أوسع من الدعم في الشمال ويمكن أن يحظى أيضاً بدعم الأطراف المؤيدة للوحدة بقوة، وكذلك لدى حركة الإصلاح المعارضة وحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم.  إلاّ أن آخرين يدعون إلى نظام إدارة محلية أكثر قوة.

من أجل تمهيد الطريق لحوار ناجح، ينبغي على جميع الأطراف المعنيين، بمن فيهم الحزب الحاكم، الاعتراف رسمياً بأهمية قضية الجنوب والالتزام بإيجاد حل عادل لها من خلال المفاوضات.  في الحد الأدنى، ينبغي أن يكون للجنوبيين مكانة خاصة في الحوار لتطمينهم بأن قضاياهم لن تضيع وسط التحديات العديدة التي يواجهها اليمن.  لا يمكن لأي من هذا أن يحدث بالطبع دون التوصل وبسرعة إلى اتفاق حول تنفيذ خطة انتقالية قابلة للحياة للنظام السياسي برمته.  يقول روبرت مالي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات، "تمثل اضطرابات اليمن فرصة نادرة لإعادة تعريف عقده السياسي الناقص والفاشل.  وفي نفس الوقت، فإنها رفعت من كلفة عدم التحرك بشكل كبير. ما لم يتم التحرك بسرعة لمعالجة المظالم اليمنية بشكل عام، والمظالم المزمنة للجنوب بشكل خاص، فإن البلاد قد تكون مقدمة على فصل أكثر سواداً وشؤماً".

السابق
الحريري: نهاية القذافي هي النهاية المحتمة لكل الطغاة
التالي
معمر القذافي… من الثورة الى الحفرة