عمال الأجانب: حالات اغتصاب وانتهاك جسدي ونفسي واقتصادي

لم تقدّم مقرّرة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بأشكال الرق المعاصر غولنارا شاهنيان، جديداً أمس خلال المؤتمر الصحافي الذي أعلنت فيه عن نتائج التقييم الذي أجرته لعدد من المبادرات التي أطلقتها السلطات اللبنانية لمنع الإستعباد المنزلي الممارس بحق العاملين في المنازل.

إذ قالت شاهنيان في ختام زيارتها إلى لبنان ان «هناك العديد من الخطوات الجيدة التي تقوم بها السلطات اللبنانية تجاه الحد من الانتهاكات بحق العاملات في المنازل»، لكنها فصلت بالكامل ما بين قضية هؤلاء، وبين الإتجار بالبشر، وسمعة لبنان حولها.

وبذلك، لم تتوقف شاهنيان عند إقرار لبنان لقانون مكافحة الإتجار بالبشر مؤخراً، على الرغم من أن المنظمات المعنية والحقوقيين المناضلين في سبيل إقرار حقوق العاملات المنزليات، اعتبروه «خطوة جدّ إيجابية للحد من الانتهاكات الممارسة بحقهن»، بل شددت على ضرورة وجود قانون خاص بالعمال المنزليين، يكون منفصلاً عن قانون العمل العام، ليتيح حفظ حقوقهم وتبيان واجباتهم.

وانطلقت شاهنيان في تقييمها لزيارتها إلى لبنان، وهو ثامن بلد تزوره بعد تجديد مهمتها منذ سنتين، من سلّة قانونية دولية ترعى حقوق العمال المنزليين، وعلى رأسها إتفاقية الأمم المتحدة المقرة في العام 1926 التي صادق لبنان عليها، وكذلك «إتفاقية القضاء على كل اشكال العبودية» المبرمة في العام 1956، بالإضافة إلى إتفاقية حظر عمالة الأطفال.. وغيرها من الإتفاقيات الدولية.

وأكدت شاهنيان انها سترفع تقريرها عن لبنان إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، مشيرة إلى وجود انتهاكات عديدة في بلادنا، وعلى رأسها حوادث اغتصاب وحجز حرية وانتهاكات جمة، تبدأ من العنف الجسدي مروراً بالنفسي والاقتصادي وصولاً إلى حجب الراتب.

وبدت الانتهاكات التي تحدثت عنها شاهنيان ضئيلة وفقاً لحجم المشاكل التي تعانيها العاملات في المنازل فعلياً، فهي لم تتحدث عن نسب انتحار العاملات الأجنبيات في لبنان مثلاً، بل أشارت إلى حوادث كثيرة نقلها لها عدد من العاملات اللواتي التقت بهن في مراكز الإيواء التابعة للجمعيات التي تهتم بهن.

وشملت زيارة شاهنيان الوزارات والسلطات الرسمية المعنية بمتابعة أوضاع العاملات في المنازل، والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، والكنائس والجمعيات التي تعنى بأوضاعهن، وكذلك مراكز الإيواء التي تحتضنهن لدى التعرض للمشاكل. واستخلصت مقررة الأمم المتحدة من زياراتها «وجود العديد من النقاط الإيجابية والإجراءات البناءة لتحسين أوضاع العاملات في المنازل».

وفندت شاهنيان الخطوات المرتقبة على النحو التالي: «خطوات قانونية تتمثل بمشاريع قوانين قيد الدرس ومنها مشروع قانون حماية حقوق العاملات في المنازل والذي لم يعتمد بعد»، مؤكدة على «ضرورة درسه بشكل مستقل عن العمال الآخرين نظراً لخصوصية هذا النوع من العمل». وشددت على ضرورة «التنسيق والتعاون ما بين الجهات الرسمية المعنية كافة لإدخال تعديلات تحسينية على مشروع القانون».

وعن الخطوات الجيدة، توقفت شاهنيان عند «العقد الموحد للعاملة المنزلية، حيث توقع على عقد واحد في بلدها وفي لبنان، وليس على عقدين مختلفين كما يحصل الآن»، ولفتت إلى «أهمية المآوي والبيوت الآمنة لاستقبال المنتهكات حقوقهن، ومراكز الاستقبال في المطار»، مؤكدة أنها حصلت على وعود رسمية ومدنية بتحسين تلك المراكز.

وشددت شاهنيان على دور الدول المرسلة للعمالة الأجنبية إلى لبنان على مستوى توعية العاملة، ليس فقط لحقوقها، وإنما ايضاً لواجباتها وثقافة البلد الذي تقصده وعاداته وتقاليده، كما رأت أنه «من الأفضل أيضا تدريب الوافدات على الأعمال المنزلية».
ورأت شاهنيان أن «هناك بعض الممارسات في لبنان التي تشبه الرق الحديث كالاحتجاز في المنزل وعدم السماح للعاملة أو العامل بالخروج»، مؤكدة أنه «بغض النظر عن رأي رب العمل، فإن العمال المنزلي له الحق بحرية التنقل وبمكان يحافظ على خصوصيته وسلامه النفسي وبيوم عطلة في الأسبوع وبقبض راتبه عند أخر كل شهر وبالمعاملة المحترمة»، آملة أن يلحظ القانون الجديد تلك النقاط.
وتوقفت شاهنيان عند «ربط تأشيرة العامل في المنزل برب العمل، ما يتسبب بحجزه في بيت واحد لا يحق له تغييره، كما أنه يصبح شخصاً غير قانوني وغير شرعي لمجرد مغادرته المنزل الذي يعمل فيه»، مؤكدة أنها «ناقشت هذه النقاط مع الجهات المختصة وشددنا على ضرورة تصحيح هذا الخلل». ولفتت مقررة الأمم المتحدة إلى بحثها مع المسؤولين «مسألة تعويض العامل المنزلي وتأمين إعادته إلى وطنه»، مشددة على «دور الدول المرسلة للعمال في تأمين وثائقهم القانونية الضرورية للحؤول دون إحتجازهم لفترات طويلة في مراكز الإيواء».

وفصّلت شاهنيان الأبعاد التي تجعل من العمل المنزلي بيئة مناسبة للتمييز العنصري وللانتهاك الحقوقي، بسبب طبيعة العمل نفسه الذي يعتبر دون المستوى المقبول اجتماعياً، وكون الذين يمارسونه هن من النساء، «كما لم يحظ هذا العمل بأي تقدير مع الزمن بل ما زال محتقراً من قبل المجتمع، بالإضافة إلى أنه يحصل داخل البيت ولا احد يراه او يسمع به». وتوقفت عند «العنف العائلي الذي تخضع له العاملة في المنزل كونها تصبح عضواً في العائلة».

وتطرقت شاهنيان إلى عمالة الأطفال في المنازل، من دون أن تطرح أرقاماً أو معلومات عن حجم انتشار الظاهرة، لتقول أنها «شددت على ضرورة تأمين الحماية لهم والتعليم المجاني والتغطية الصحية»، معتبرة أن «إنجازات المنظمات التي استطاعت إنقاذ البعض منهم غير كافية ويبقى انهم يحتاجون إلى الحماية والإجراءات القانونية التي تعزز حقوقهم».

وفي النهاية، رغبت شاهنيان برسم صورة ايجابية عن زيارتها إلى لبنان، فأكدت أنه «على الرغم من الإنتهاكات التي ما زالت موجودة، هناك تحسناً ملموساً عن السنوات السابقة».

السابق
قرار كبير وخطير بدأ العمل لتنفيذه؟
التالي
فتفت استبعد استقالة ميقاتي والتسويف عنوان المرحلة