وثائقي لتخطي المحرّمات بالحديث عن الأزمات النفسية

سيصبح الاكتئاب المرض الاول في العالم بعد سنوات عدة، وهناك 150 مليون شخص في العالم يعانونه بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، وشخص من اربعة في حاجة الى عناية خاصة بالصحة العقلية في مرحلة من حياته. فما سبب كثرة مشكلات الصحة النفسية؟ وهل يكفي علاج الاعراض عوض حل المشكلات؟"

للمتخصص في الطب النفسي والتحليل النفسي الدكتور شوقي عازوري رؤية مختلفة لتزايد عدد الحالات النفسية في العالم. يقول: "ان تغيير نوعية المشكلات النفسية قرار لا علاقة له بالطب انما بمصالح تصنيعية اولها مصالح شركات الادوية. في العام 2014 سيكون الاكتئاب المرض رقم واحد في العالم، وهذا لا يعني ان الاكتئاب غير موجود انما المبالغة في تشخيصه يعني ان هدفها انتاج اكبر للادوية المضادة للاكتئاب.
اليوم، المريض اللبناني اكثر من غيره كمواطن، ينفعل مع الازمات الانسانية والسياسية والاجتماعية، خصوصاً الوطنية القائمة في العالم، لأن الحرب الدائمة، النفسية العقلية والارهاب النفسي، تؤدي الى حالة انهيار ورعب تظهر على شكل اكتئاب.
المواطن اللبناني محبط لانه يتأثر بكل الاوضاع القائمة، في الحرب نختبئ، ولكن ماذا بعد الحرب؟ من غير المسموح ان نخفي وجهنا مثلا على التلفزيون عندما نشتكي من مشكلة تخصنا. سبب كبير من الانهيارات العصبية تحصل من الازمة الدائمة والنفق الذي نحن فيه، باعتبار ان المواطن ينقصه كل شيء. قبل ان يشتري الادوية ويبدأ بتناولها يجب ان يجرب الراحة في اماكن يحبها مع اشخاص يحبهم، لأنه لا يحتاج الى هذه "الحبة" المبالغ في وصفها في بعض الاحيان.
العالم ليس بخير اليوم، البطالة تكبر، وكذلك القلق والأمراض والحروب. عدد كبير من الشعوب مهددة بالمجاعة والعطش، وكذلك الازمات الاقتصادية والسياسية والمالية والاجتماعية كلها تهدد الفرد في صحته النفسية وتوصله الى المرض. علاج هذه المشكلات بالادوية يكون علاجاً للاعراض وليس لاسباب المشكلة، وهذا يجعل من الانسان مدمن ادوية عوض البحث عن حلّ جذري لمشكلته. وهذا لا يمنع ان الاكتئاب مرض يعالج، والادوية موجودة، انما لحالات خاصة، ويكون بامر من الطبيب فقط. ادوية الاعصاب ضرورية ولكنها غير كافية كي تسمح للانسان في الخروج النهائي من مشكلته. هي لوحدها كالمسكن، اذ يعود الألم بعد زوال مفعوله.
 
 
"كيف حالَك، كيف حالِك"
"كيف حالَك، كيف حالِك" وثائقي للمخرجة كارول منصور مدته 36 دقيقة، هو ليس دراسة علمية طبية عن الامراض النفسية المنتشرة في لبنان، وليس تحليلاً احصائياً، انما فيه قصص اشخاص وأسر وتجاربهم تظهرها المخرجة منصور بمقاربة انسانية تلقي الضوء على الوجع لتحفيز الناس على التحدث لازالته.
يبدأ الوثائقي الذي عرض في مسرح المدينة امس بدعوة من اطباء بلا حدود، بنبذة تاريخية عن العصفورية وصور لمبناها المقفل في الحازمية، ثم مقابلات مع عدد من المتخصصين في الطب النفسي والتحليل النفسي، وعلم النفس، الى حكايات شخصية: شهادات من فتاة اخفت وجهها لتقول انها تعاني نفسياً وتستشير طبيباً نفسياً من مجموعة اطباء بلا حدود بسبب مشكلات مع عائلتها. الزميلة جنان ملاط قدمت شهادة عن تجربتها لتحفيز المشاهد على طلب المساعدة عندما يحتاج اليها، وكسر حاجز الصمت، الى فتاة تروي قصتها عن اخيها المصاب بانفصام الشخصية منذ 29 عاماً، امضاها في دير الصليب قبل ان يعود الى منزله لانه كسر وركه، وهناك ينعدم الاهتمام الطبي الجسدي في المريض إذ لا امكان له، ثم ام تتحدث عن ولدها المتوحد وكيف كانت عيناه لا تواجه عيناها، ولا تراه يبتسم، واخرى ترى طبيباً نفسياً بسبب قصة حب. عن هذه التجارب تقول منصور: "في الوثائقي حاولت كسر المحرمات في ما يتعلق بموضوع المشكلات النفسية، لانه ليس مخجلاً ان نرى متخصصاً في حال دعت الحاجة الى ذلك، بل يجب ان نبحث عن الخدمات المتعلقة بالموضوع. اردت ان ارسل رسالة اظهر فيها انه لا توجد في لبنان لا خدمات كافية، فهناك 3 مستشفيات فقط تهتم بالصحة النفسية هي، دير الصليب، ودار العجزة الاسلامية، ومستشفى الفنار، الى بعض الوحدات المتخصصة في بعض المستشفيات.
بعد ما مررنا به في لبنان اشعر ان جميعنا في حاجة الى مساعدة في مكان ما. حياة والدة الولد المتوحد كانت لا تطاق لو لم تطلب المساعدة، كما الوالدة التي عانت ابنتها من "متلازمة داون" وكيف ساعدها الاطباء لتخطي المشكلة".
وعن علاقة الوثائقي باطباء بلا حدود تقول انه سيتم استخدامه لنشر التوعية لخدمة الذين يحتاجون الى مساعدة نفسية، ولفت انتباه الناس الى المشكلات النفسية وكيفية تحسين نوعية حياتنا، وحياة من حولنا من خلال استغلال الوقت والانتباه لصحتنا النفسية. ومن خلال الصورة وتقديمها بطريقة فنية كانت دعوة الى طلب المساعدة لحياة افضل.
ونوهت بمن ساعدها في تحقيق الوثائقي: المتخصصة في الصحة العامة الدكتورة منى خالدي، والمتخصص في الطب النفسي الدكتور ربيع الشماعي، وفريق أطباء بلا حدود الذين انتجوا العمل لاستعماله في المخيمات والاماكن التي يعملون فيها كوسيلة توعية تصل في بساطة الى الناس وتحضهم على التصرف بايجابية تجاه المشكلات النفسية التي تحوطهم
 

السابق
من 13 الى 20 الحالي دورة حسام الدين الحريري
التالي
اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الاعدام