الحص:التنمية لا تكون مستدامة ما لم تكن نابعة من حيوية تلقائية خلاقة

 عقدت "المنظمة العربية لمكافحة الفساد" ندوة عن "دور القطاع الخاص في مسار التنمية المستدامة وترشيد الحكم في الاقطار العربية"، في فندق البريستول، في حضور رئيس مجلس امناء وادارة المنظمة الرئيس سليم الحص، امين عام المنظمة الدكتور عامر خياط، عضو مجلس الاعيان الاردني طلال ابو غزالة، وزير المالية السابق جورج قرم وفاعليات.

بداية تحدث خياط واكد "ان اهمية دور القطاع الخاص العربي ليس فقط بالنشاط الاقتصادي انما ايضا في ضرورة مشاركته الايجابية في النشاط الاجتماعي ومساهمته في نهضة البلاد وصولا الى المجتمع الذي نريد"، لافتا الى ان "بناء الاوطان يتطلب مشاركة حقيقية بين كافة مكونات الشعب من اجل القيام بما يتطلبه الواجب الوطني في هذا المجال".

وقال:"لقد كانت العلاقة بين القطاع العام والقطاع الخاص والسلطة التنفيذية على وجه التحديد من شوائب عديدة ليس في بلادنا فقط انما في عدة دول وخصوصا تلك التي تنهج سياسة الاقتصاد الحر. وقد ساعد في تنمية هذه الشوائب تزاوج سلطتي المال والسياسة من جهة وغرائز الجشع والنهب والاستئثار بالمال والربح السريع من جهة اخرى، وهذا كله تسبب في اعاقة الدولة عن تسديد التزاماتها المالية والاجتماعية تجاه مواطنيها وخاصة في امور ضمان الشيخوخة ودعم الطفولة والامومة ومواضيع الضمان الصحي والتأمين الاجتماعي والانفاق على التعليم بما يهدد امن المواطن وكرامة عيشه".

ابو غزالة

ثم تحدث ابو غزالة وركز على "اهمية دور القطاع الخاص والاعمال في نهضة المجتمع اذ ان الشركات هي اقدر من الحكومات واقوى في العديد من الاحيان"، ورأى "انه يجب النظر الى القطاع الخاص كشريك وليس كعدد او خصم".

واعتبر "انه تقع على القطاع الخاص مسؤولية اجتماعية وعليه الالتزام بالبعد الاخلاقي"، مشددا على "انه لا يمكن اقامة نظام منصف ولا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية اذا لم نعد الى البعد الاخلاقي".

واوضح "ان عالمنا العربي هو اقل مناطق العالم شعورا وممارسة للمسؤولية الاجتماعية، اذ انها غير موجودة لا في التشريعات ولا في ثقافتنا ولا في انظمتنا التعليمية"، مشيرا "الى ان مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات ينطوي على دمج القيم والاهتمامات والاعتبارات الاجتماعية في الانشطة اليومية والاستراتيجية للشركة".

الحص

بدوره تمنى الحص للمشاركين "غرفا سخيا من نتاج البحث يلقي الضوء ساطعا على ما يمكن أن يؤديه القطاع الخاص من دور بناء في تعزيز حركة التنمية المستدامة كما في ترشيد الحكم في أقطارنا العربية".

ورأى ان "دور القطاع الخاص في مسار التنمية المستدامة حيوي إلى أبعد الحدود، فالتنمية لا تتوقف في حال من الأحوال كليا على ما يؤديه القطاع العام من دور، لا شك في أن القطاع العام له دور أساسي في التنمية، وكثيرا ما تكون مشاريع التنمية متوقفة على مبادرات منه، إلا أن القطاع الخاص، وبخاصة حيث الاقتصاد الوطني يصطبغ بإسهام بارز من جانب هذا القطاع، يؤدي دورا أساسيا في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية".

وأكد انه "لا ريب في أن الدور الذي يؤديه القطاع الخاص في مسار التنمية المستدامة يختلف باختلاف الموقع الذي يشغله القطاع الخاص في صنع الناتج المحلي، فالفارق ملحوظ بين الاقتصادات التي يغلب فيها القطاع الخاص على تكوين الناتج المحلي وبين تلك التي يشغل فيها القطاع العام موقعا محوريا، إلا أن الملاحظ أن المكانة التي تشغلها الاقتصادات الحرة، التي يغلب عليها القطاع الخاص، اكتسبت وزنا نسبيا على وجه محسوس خلال السنوات الأخيرة التي انحسر فيها القطاع العام على وجه ملحوظ وتعزز الدور الذي يتولاه القطاع الخاص نسبيا".

وشدد على ان "التنمية لا تكون مستدامة في حقيقة الأمر ما لم تكن نابعة من حيوية تلقائية خلاقة، وهذه الحيوية لا تتوافر عموما إلا بوجود قطاع خاص تدب في أوصاله حركية مشهودة".

واشار الى ان "التطورات المتسارعة في العصر الحديث طوت عهدا كان العالم فيه منقسما بين دول رأسمالية، يغلب عليها دور القطاع الخاص، ودول إشتراكية يغلب عليها القطاع العام إدارة وتخطيطا وإنتاجا، فالدول التي تسمى إشتراكية انحسر ظلها على وجه ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، وأضحت الاقتصادات في العالم أكثر تشابها مع تفاوت ملحوظ في مدى الدور الذي تؤديه السلطة في القرار الإقتصادي والإنتاج الوطني بالمقارنة مع الدور الذي يعود للمبادرة الخاصة والقطاع الخاص، فأكثر الاقتصادات في العالم اليوم تجمع بين القطاع العام والقطاع الخاص ولو بأنماط متفاوتة تحكمها إعتبارات مختلفة منها الإديولوجية ومنها البراغماتية ومنها الظرفية".

واعتبر ان "المهم أن يصاغ النظام الإقتصادي على الوجه الذي يضمن المصلحة الاستراتيجية للمجتمع، وهذا ما يترجم عادة في الدساتير والقوانين، وبالتالي في طبيعة النظام المطبق في مختلف الدول".

وقال الحص:"كما للقطاع الخاص دور مرموق في مسار التنمية الإقتصادية كذلك في ترشيد الحكم في الأقطار العربية، وذلك بمعنى أن النظام الديموقراطي، الذي يعبر عن إرادة الشعب الحرة كما هو مفترض، يبقى كفيلا بتصويب مسار الحكم بحيث يكون دوما في خدمة الشعب ومصالحه. من هنا القول إن الإصلاح الديموقراطي هو في كل الأوقات هدف وطني منشود، والديموقراطية تكون نظاما وكذلك ثقافة، والممارسة الديموقراطية تكون في أفضل حالاتها عندما يقترن النظام الديموقراطي بثقافة ديموقراطية واسعة، ولا تكتمل فعالية الممارسة الديمقراطية إلا بتزاوج المعنيين، في النظام كما في الممارسة، والممارسة الديموقراطية تتلازم عموما ونظام تمثيلي تجري فيه انتخابات دورية لممثلي الشعب، ومن المفترض أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة إلى أبعد الحدود، وهذا ما نفتقر إليه في العالم العربي على وجه فاضح، ففي بعض الأقطار العربية ليس هناك مجالس تمثيلية، وفي بعض البلدان التي توجد فيها مجالس تمثيلية فإن الصفة التمثيلية كثيرا ما تكون منقوصة أو واهية نظرا لما قد يعتور عملية الانتخاب من اختلالات ونظرا لمحدودية الدور الذي يتولاه مجلس النواب في بعض الأقطار، ومن المفترض أن يتولى المجلس التمثيلي السلطة التشريعية، بمعنى أن المجلس هو الذي يمارس هذه السلطة، التي تقوم أيضا بدور التتبع لإعمال السلطة الإجرائية وإخضاعها للمساءلة والمحاسبة".

وتوجه بالشكر "العميق والامتنان الصادق إلى الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي، بقيادة الأخ عبد اللطيف الحمد، تقديرا لما كان له من مبادرات طيبة ودعم حميد للمنظمة العربية لمكافحة الفساد". 

السابق
سكرية اثنى على موقف وزير الصحة من سرقة أدوية السرطان وطالبه بمحاسبة الفاعلين
التالي
قبلان: إقرار خطة الكهرباء عمل إصلاحي جديد يحقق المنفعة للبنان