الأخبار: تسوية بري نقلت خطة الكهرباء إلى الجلسة العامة

 قالت "الأخبار" :
من الرابية إلى مجلس النواب، ومن الحكومة إلى اللجان النيابية فالحكومة مجدداً، وصولاً إلى الجلسة العامة في ساحة النجمة، دارت خطة الكهرباء وأصبحت "تري فازيه" بين قرار واقتراح قانون ومشروع قانون… ابتدع لها رئيس مجلس النواب تسوية أخرجتها من جلسة اللجان برضى الجميع، فهل يحضر 65 نائباً اليوم لـ"تشعشع" الأكثرية؟
كما كان متوقعاً، دخل رئيس مجلس النواب نبيه بري، بثقله، إلى الجلسة الثالثة للجان النيابية المشتركة، مدعوماً برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فعبرت خطة الكهرباء بتسوية خرج الجميع معها راضياً، على أن يكون المحك في الجلسة العامة قبل ظهر اليوم، وخصوصاً بعد بروز مخاوف في جلسة مجلس الوزراء مساء أمس، من حصول أي "قوطبة" أو "تركيبة" تؤدي إلى الإخلال بمضمون هذه التسوية.
المخرج الذي ابتدعه بري "بدهائه المعروف" بحسب وصف أحد السياسيين، يبدو أنه تبلور قبل بدء جلسة اللجنة، حيث اجتمع رئيس المجلس مع رئيس الحكومة، ثم مع النائب روبير غانم، إضافة إلى دخول وزير الطاقة جبران باسيل إلى جناح الرئاسة الثانية في مبنى البرلمان. في وقت عقد فيه نواب المعارضة لقاءً بعيداً عن الإعلام في مكتب نائب رئيس المجلس فريد مكاري، اتفقوا خلاله على كيفية الأداء في الجلسة.
وبدأت الجلسة برئاسة بري وحضور ميقاتي وباسيل و60 نائباً من أعضاء اللجان، واستمرت نحو ساعتين ونصف ساعة، شرح فيها رئيس الحكومة تفاصيل خطة الكهرباء، وتحدث نحو 20 نائباً، كل حسب موقف فريقه من الخطة، وبرز توافق بين نواب كتلتي المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، على المطالبة بأن يكون مضمون قرار مجلس الوزراء بشأن الخطة، في صلب مشروع القانون أو في الأسباب الموجبة له، إضافة إلى تعديل المشروع بما يلزم وزير الطاقة بأن يرسل دفاتر الشروط لأخذ موافقة مجلس الوزراء ورضى الصناديق، وأن يوافق مجلس الوزراء على التلزيم، وأن تجري المناقصة إدارة المناقصات في الدولة، بمعنى أن من يعقد النفقة هو مجلس الوزراء لا الوزير، وبالتالي يصبح دور الوزير هو التوقيع فقط "ولو أنه لا إمكان لأن يكون هناك 30 توقيعاً، لكان التوقيع أيضاً سحب من الوزير"، بحسب تعليق أحد التعليقات على هذه المطالب.
وبين أخذ ورد ونقاشات، إنما ضمن سقف أهدأ من جلستي اللجان السابقتين، ضرب "مايسترو" الجلسة، أي بري، ضربته، فبادر إلى الكلام، بادئاً بإعطاء ملخص عن الجلسة، ليصل إلى نتيجة أن الجميع "متفق على الجوهر والمبادئ"، وانطلاقاً من ذلك اقترح أن يصار إلى اعتماد قرار مجلس الوزراء كمشروع قانون يطرح اليوم على التصويت من جانب الهيئة العامة، فوافق الجميع. وبعد الجلسة، اتصل بري بالعماد ميشال عون، وأطلعه على "النتائج الإيجابية" للجلسة.
ولدى خروجهم من الجلسة، أكد نواب الأقلية والأكثرية موافقتهم على التسوية، مع اختلاف بينهم في شكل المواقف ومضمونها، إذ تميزت أجوبة الأكثريين بالاقتضاب، حيث سئل الوزير باسيل عما إذا كان راضياً، فاكتفى بالقول: "أنا راضٍ كل يوم"، وقال النائب عصام صوايا: "من انتصر هو لبنان عندما ينعم كله بالكهرباء". كذلك لخص النائب علي عمار ما حصل بجملة واحدة أيضاً: "لقد انتصرت الكهرباء في لبنان على كل محاولات التعطيل".
في المقابل، حرص نواب الأقلية على الظهور بمظهر المنتصر، فأعلن النائب غازي يوسف أن مطالب المعارضة "تحققت بأكثريتها"، متحدثاً عن الحصول على ضمان بأن مجلس الوزراء "هو من يعقد النفقة وهو الذي يشرف على كل المراحل"، وقال إن قرار مجلس الوزراء بشأن الخطة ستعاد صياغته "ليصبح مشروع قانون جديداً، وسيتضمن سعي مجلس الوزراء لدى الهيئات الإقليمية والدولية والصناديق المانحة لتوفير التمويل (…) وسيأتي أيضاً في صلب المشروع تأليف لجنة وزارية للنظر في التعديلات المقترحة على القانون 462، والأهم تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان، من ضمن القانون، وكذلك إجراء المناقصة من إدارة المناقصات بحسب الأصول المرعية. وقال لنا الرئيس ميقاتي إنه سيسعى إلى تمكين إدارة المناقصات لكي تكون الجهة الرقابية القادرة على الرقابة، ومن ثم تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء خلال ثلاثة أشهر بحسب القانون، والطلب الأهم أن على وزير الطاقة والمياه إطلاع مجلس الوزراء على مراحل تطبيق هذا القانون". وإذ عزا النائب محمد قباني "نجاح" الجلسة إلى حكمة بري "وهو الذي صوب الجلسة"، نقل عن ميقاتي تعهده تزويد المجلس بخطة مفصلة للمشروع "ربما غداً وربما خلال يومين أو ثلاثة أيام. ليست هناك مشكلة، نحن لن نسجل سابقة أننا أقررنا مبالغ ضخمة من دون خطة".
ما انتهت إليه جلسة اللجان، بدأت منه جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت مساءً في السرايا الحكومية برئاسة ميقاتي، حيث أثار وزراء التيار الوطني الحر كيفية التعامل مع المستجد الجديد، أي موافقة اللجان على اعتماد قرار مجلس الوزراء بشأن خطة الكهرباء كمشروع قانون للتصويت عليه في الجلسة العامة اليوم، فهل نسحب مشروع القانون الذي نوقش في اللجان ونرسل واحداً بالصيغة الجديدة، علماً بأن الوقت لا يسمح بطرح المشروع الجديد في الجلسة العامة اليوم "إلا إذا مشي خط عسكري، أي بالتوافق، فنرسله الليلة ويفتح رئيس المجلس الديوان لتسجيله؟ وإذا اتفقنا على ذلك فماذا سنضع في هذا المشروع، فقرار مجلس الوزراء يتضمن مثلاً تأليف لجنة وزارية لاقتراح التعديلات على القانون 462، فهل نطلب من مجلس النواب الموافقة على لجنة هي من اختصاص الحكومة؟ نحن نتنازل للهيئة التشريعية عن صلاحية السلطة الإجرائية بتعيين مجالس الإدارة والهيئة الناظمة وتأليف لجنة وزارية".
وفي حال عدم إرسال مشروع القانون غير الموجود، سأل وزير الطاقة: ماذا نفعل؟ ما الذي نقبل به وما الذي لا نقبل به؟ لأن مجلس النواب "لا عنده صلاحية ولا علاقة باللجنة الوزارية مثلاً"، مردفاً: "نحن التزمنا في التسوية التي تمت، إرسال القرار كمشروع قانون. إذاً فلنصدر قراراً اليوم تلتزم فيه الحكومة بنص قرارها من دون أي زيادة أو نقصان، منعاً لأي "تركيبة" في الجلسة العامة".
وخلال مداخلاتهم، استخدم وزير أو اثنان من وزراء التيار كلمة "هرطقة دستورية" لوصف التسوية التي جرى التوصل إليها في اللجان، الأمر الذي أثار الوزير علي حسن خليل، فعلق بصوت مرتفع، رافضاً "أخذ دروس في الدستور"، وقال إن بري أخذ على عاتقه إحالة المشروع على اللجان المشتركة لتجنيب الخطة أن تعلق لدى النائب محمد قباني في لجنة الأشغال العامة النيابية، ثم أخذ على عاتقه تحديد جلسة للبحث في الخطة، رغم عدم استشارته هيئة مكتب المجلس النيابي، ثم أخذ على عاتقه ترؤس جلسة اللجان بهدف تدوير الزوايا والانتقال بالخطة إلى الهيئة العامة. وذكّر خليل باسيل بما قاله له بري على هامش جلسة اللجان النيابية، لناحية الإصرار على ألا يتضمن القانون أي مس بصلاحيات الوزير، وخاصة لناحية دفتر الشروط وعقد النفقة.
وفيما ذكر عدد من الوزراء أن خليل غضب وغادر القاعة فلحق به بعض زملائه وأقنعوه بالعودة، أكد آخرون أنه لم يغادر القاعة، بل توجه نحو طاولة البوفيه لتناول القهوة، فلحق به عدد من الوزراء لمناقشته بما قاله. وأكدت مصادر متقاطعة، أنه إثر ذلك عاد الهدوء إلى القاعة، مع تأكيد الجميع أنهم موافقون على التسوية، بل إن الجلسة تحولت إلى "حفلة إشادة بالدور التاريخي للرئيس بري".
لكن في النتيجة لم يتخذ مجلس الوزراء أي قرار، لا بسحب المشروع القديم وإرسال آخر مكانه، ولا بإعلان التزام نص قرار خطة الكهرباء. وأكدت مصادر وزارية أن الاتصالات ستبقى مفتوحة حتى موعد الجلسة العامة قبل ظهر اليوم، للاتفاق على مخرج.
وبين حديث الأقلية عن حصولها على ضمان بأن مجلس الوزراء هو من يعقد النفقة، وما نقله خليل عن إصرار بري على ألا يتضمن القانون أي مس بصلاحيات الوزير، تتجه الأنظار إلى الجلسة العامة اليوم: هل يكتمل النصاب؟ وإذا اكتمل فكيف ستكون مواقف كل فريق عند عرض النص الصريح، علماً بأن التصويت للمشروع سيكون مضموناً إذا حضر 65 نائباً من الأكثرية، بمعزل عن موقف نواب المعارضة، وهو موقف ذكرت مصادر الرئيس فؤاد السنيورة لـ"الأخبار" أن ما سيحدده هو "مدى الالتزام بما تعهد به رئيس الحكومة في جلسة اللجان أمس، فإذا وردت النقاط المدرجة في قرار مجلس الوزراء في اقتراح قانون عون أو مشروع قانون الحكومة، بنحو واضح، فلا مشكلة بالتصويت إلى جانب الخطة. أما إذا <رى التلاعب بهذه التسوية، فلن يصوت نواب 14 آذار بنعم"، مكررة أن النقاط الواجب إيرادها في القانون هي الآتي: التعهد بتعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة الكهرباء، تعيين الهيئة المنظمة لقطاع الطاقة، اقتراح تعديلات على القانون 462 والالتزام به، إطلاع مجلس الوزراء والصناديق العربية على دفاتر الشروط للتلزيم واللجوء إلى الصناديق العربية لتمويل الخطة.
اللافت أنه رغم ما أثاره موضوع الكهرباء في جلسة الحكومة أمس، لم تشر المعلومات الرسمية عن الجلسة أمس، إلى بحث الموضوع، بل اكتفت بعرض ما قاله ميقاتي في بداية الجلسة، وأبرزه تهنئته لقوى الأمن الداخلي "ولا سيما فرع المعلومات"، على "الإنجاز النوعي" الذي حققته في منطقة راشيا، ثم المقررات المتخذة وأبرزها الموافقة على: تسديد بدلات العقارات المشغولة من قوات "اليونيفيل" لمالكيها لغاية نهاية العام الحالي، البروتوكول التنفيذي لاتفاق التعاون في مجال التعليم العالي بين لبنان وإيران، سحب ومنع استيراد وتداول السجائر الإلكترونية، إضافة إلى تحديد موعد الجلسة المقبلة في الخامس من الشهر المقبل في قصر بعبدا. 

السابق
الشرق: سليمان في الامم المتحدة: متمسكون بحقوقنا في البر والبحر
التالي
الحياة : يبحث وعباس ” رزمة شاملة ” لتفعيل عملية السلام وامهال مجلس الامن ….