11 أيلول..يوم فقدت الحرية عذريتها

مما لا شك فيه أن يوم الحادي عشر من أيلول كان يوما” مفصليا” لا في تاريخ أميركا وحدها بل تعداها إلى العالم أجمع، و تحمل تبعاته كل غنّي بالمال أو النفط، و أقصد بذلك الأغنياء الأغبياء طبعا”، و أميركا “الضحية” وقتها لعبت دورا” إعلاميا” هاما” في جذب هؤلاء الأغنياء تمهيدا” لتعريتهم تماما” من أموالهم و أرضهم من ثم حرق بلادهم بعد نهب ثرواتها.

بغضّ النظر عن معارضة كل أشكال الإرهاب و التطرف و طبعا” إستنكار أحداث أيلول الدامية، يقف المتابع للأحداث منذ الهجمات لغاية اليوم ليجد تسلسلا” مرسوما”، حصلت الهجمات، تعاطف العالم مع أميركا التي يدأت حربا” لتطهير العالم من الإرهاب الذي نراه يهددها، فإذا وجد معارض لسياساتها في حي من أحياء الصومال الفقيرة دخلتها و إحتلتها و عاثت فيها خرابا”، دخلت أفغانستان و قضت على حكم طالبان بمساعدة الناتو و الذي دفعته سياسة بوش الإبن للغوص في هذا المستنقع الذي تبحث إدارة أوباما اليوم عن وسيلة لتخرج منه، و لو كانت محاورة طالبان و إرجاعها شريكا” في السلطة، يعني ضياع الحرية المتي وعد فيها الأفغان و عاشوا حلمها على متن دبابات الغزاة، لا حاجة لأفغانستان اليوم فقد سيطرت الولايات على نفطه و إغتصبت حرية أهلها حالها حال طالبان التي سبقتها.

لم تكتفي أميركا المجروحة من مص دمّ الأفغان و نهب ثرواتهم بحجة أنهاء ديكتاتورية طالبان و إبدالها بالحرية، بل جاء دور العراق الغني بالنفط أيضا”، فهاجمته الأساطيل من كل حدب و صوب حتى دخلته أميركا بإسم الحضارة و الحرية، دخلته ممولة من دول الخليج و موعودة بصفقات نفطية علّها تشفي قلوب أهل نيويورك الذين فقدوا أبنائهم في هجمات أيلول، دخلت أميركا العراق و مثل أفغانستان…كان، سادت الفوضى و التفجيرات و القتل وصولا” غلى الفتنة الطائفية و تهجير المسيحيين، فبدل إزاحة صدّام و إعطاء الحكم لأهله، أعطي للمالكي و حاشيته، فسرق العراق و ترك قبائل و أعراق متناحرة بدل العراق الواحد، فجعلت من الناس تتمنى حرية صدام، على حرية أميركا المغتصبة.

طبعا”، لم بنتهي الإرهاب هنا، و من ضحاياه أيضا” إسرائيل! فوجب على أميركا مساعدتها في قتل الإرهابيين اللبنانيين في حرب تموز و مدتها بالسلاح تمهيدا” لولادة شرق أوسط جديد من رحم الحرية المغتصبة، شرق طال مخاض ولادته سنوات وصلت إلى اليوم، فعادت الحرية تحاول أن تلد طفلا” يركب دماء ضحايا الثورات العربية كي يقطفها، صحيح أن عملاء أميركا أزيحوا عن عروشهم، لكنها أوجدت لها عملاء جدد، و بدل الأنظمة العروبية القومية “المدعية” أتى دور الأنظمة الإسلامية البحتة، فتمنع الحفلات و تفرض الحجاب و تعزل الأقليات تمهيدا” إلى تفرع البلدان و تمزيقها دويلات متناحرة، كل هذا في سبيل الحرية و نتاج أيلول الدامي أميركيا”.

هذه هي الحرية اليوم و بعد أن أفقدتها أميركا عذريتها فركيتها مفاهيم أسقطت عليها حسب المصلحة، قبل، عانت أميركا من التمييز العنصري حسب اللون، اما اليوم و في عصر “الحرية” تعاني من التمييز العرقي و اللوني و حتى الديني و يتزايد هذا الواقع عاما” بعد عام، فتنغلق الدولة الأكثر ديمقراطية في العالم على نفسها و داخلها لتصبح الديكتاتور الاوحد و الأعتى في العالم.

  

السابق
حمدان : كلام الراعي فضح ما يجري من مؤامرة على الواقع المسيحي في لبنان
التالي
زياد القادري: الحكومة ستدفع الثمن إذا لم تقر تمويل المحكمة إصرار 14 آذار على تمويلها لمصلحة البلد ولكي يحترم لبنان التزاماته