عشاء خيري لمركز سرطان الأطفال

من الجيد، أن عدداً لا بأس به من اللبنانيين، استطاع أن يشهد أول من أمس، «معجزة» جديدة، قبل «فوات الأوان»، قد يكون الأمر صادماً بعض الشيء بحق العيون المنهكة، والآمال الموؤودة تحت ركام الصراعات الأهلية، لكن المأساة، في طبيعتها، عنصر متحوّل، قد يصعّب الحياة، أو ربما يتحوّل إلى طاقة إيجابية تنتصر على القواعد الجامدة.
مساحة صغيرة من الأرض، احتضنت في ظل قمر ليل أول من أمس، لقاءً ودياً بين قطبي الخلاف السياسي في لبنان، حيث حضر وزراء من الحكومة الجديدة إلى جانب رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، وعددٍ من الوزراء والنواب الآذاريين، أما المناسبة، فكانت حفل عشاء خيري، والداعون إلى هذا الحفل… الأطفال المصابون بالسرطان.
إنها لوحة مثالية في شكلها، أنتجها أمل عمره سنوات قليلة، أما مقصده فهو قلوب أطفال أبرياء، كانوا ضحية لمرض العصر الخبيث، فكان الأمل هو سلاحهم، والصمود هو خطتهم المعاكسة.
يبدو الأمر عظيماً وواعداً، لكن في لبنان تحديداً، لا يصحّ عقد الآمال بهذه السرعة أو بهذا الحجم، فطاولة الأمس هي رهينة الأمس، أما طاولة الغد فهي رهينة… «السياسيين».
مساء أول من أمس، أقام مركز سرطان الأطفال في لبنان عشاءه الخيري السنوي في محطة السكك الحديد في منطقة مار مخايل في بيروت، وهو يشكل أحد أبرز أنشطة جمع التبرعات لتمويل عمل المركز.
وقد شارك في العشاء الذي أقامه المركز تحت شعار «9 سنوات من الأمل والحياة»، نحو ألف شخص، كان في مقدّمهم الوزراء: غازي العريضي ومروان شربل وعلي حسن خليل، والوزراء السابقون بطرس حرب ومروان حمادة، وعدنان القصار وطارق متري، وابراهيم نجار وريمون عودة، ومحمد جواد خليفة وجهاد أزعور ونعمة طعمة، والنواب هادي حبيش وروبير غانم وطلال المرعبي، والسفير خليل مكاوي، وسفراء بعض الدول، وعدد من الشخصيات
إدّه
وألقى رئيس مجلس إدارة مركز سرطان الأطفال في لبنان المهندس بول إدّه كلمة أشار فيها إلى أن هذه المناسبة السنوية تجمع شمل كل من آمن بأن الطفل هو نقطة انطلاق للمستقبل.
وأضاف متوجها إلى الحضور: «ولوجكم هذا المكان بالذات يجعلكم تدخلون قطار العطف والتضحية بكل ما أوتيتم به من محبة والتزام حيال ما يشهده المجتمع من مآسٍ لم يسلم منها أحد. لولا دعمكم الدائم، لما توصلنا ونتوصل إلى متابعة مهمتنا الإنسانية. ونخص بالشكر وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي الذي وضع المحطة في تصرف المركز لإقامة هذا الحفل».
وإذ قدّم إدّه بعض تقديمات المركز، أعلن أن مركز سرطان الأطفال يقوم على سواعد من آمن بأن المجتمع لا ينمو ولا يتطوّر إذا تخلّف عن النظر مباشرة إلى ما يعتريه من إعاقة، إن على الصعيد العام الإداري والسياسي أو على الصعيد الإنساني الإجتماعي والصحي. 
وكرّر إلتزام المركز الاعتناء بالطفل وتوفير العناية الدائمة له، وتأمين الطبابة الكاملة من دون أي عبء على الأهل، بدعم مستشفى «السان جود» في الولايات المتحدة وتعاون مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت من خلال الجسم الطبي الذي يتحلى بكفاية أكاديمية طبية عالية.
وأشار إدّه إلى أن مركز سرطان الأطفال يقدم العلاج لنحو تسعين طفلاً سنوياً بموازنة سنوية أصبحت تتعدّى الإثني عشر مليون دولار. وشكا مصيبة الدواء المكلف للأمراض المستعصية، مشدداً على أن العبث بالدواء وبالطبابة من جانب بعض فاقدي الضمير يحتاج إلى معالجة جذرية بقطع الآلية التي تخوّل هؤلاء القضاء على الأمل في بناء مجتمع سليم العقل والجسم.
وقال: «نحن بصدد تجهيز الهيكلية القانونية والإدارية لصندوق دعم المركز Endowment Fund، الذي يهدف إلى تأمين استمرارية تدفّق الأموال لتأمين استمرارية العلاج، وسيعلن عن الحملة قريباً لمن يرغب بالمشاركة في هذا الصندوق الذي يمكن أن يستقبل الدعم كوديعة، يعود مدخولها إلى المركز، وتعود الوديعة إلى صاحبها بعد فترة زمنية محدودة، أو يتخلى عنها المودع لمصلحة الصندوق».
وخلص إلى القول إن «الطفل مستقبل العائلة والمجتمع ومستقبل الأوطان، فعليه نبني المستقبل، ومنه نستشفّ الأمل بأن ينطلق الوطن إلى آفاق جديدة، فلنعمل لإحياء الأمل عند الطفل، ليحي لبنان».
فقرات
وأقيم العشاء في ساحة المحطة، بين مبانيها التراثية الثلاثة ذات السطوح القرميدية، وقاطراتها البخارية الست الفرنسية الصنع، المتوقفة عن العمل منذ العام 1975.
وتخللت السهرة فقرات عدة، منها عرض صور قديمة للسكك الحديد في لبنان، وفيلم وثائقي عن مركز سرطان الأطفال، إضافة إلى برنامج فني متنوّع شمل عرض مسرحية «سين وسين»، وفقرة غنائية للأخوين شحادة، ومزاداً علنياً يعود ريعه إلى المركز. ونظمت خلال العشاء حملة لجمع التبرعات.  

السابق
أهالي يحمر الشقيف يحتجّون ضدّ النفايات
التالي
ورشة عمل لبيوند عن حماية الطفل