هل يسعى ميقاتي إلى وراثة رفيق الحـريري؟

يسعى الرئيس نجيب ميقاتي الى استمالة الفريق الحريري، والى إقناع اللاعبين الإقليميين والدوليين بأنه الأجدر بوراثة الرئيس الراحل رفيق الحريري

بعد انتهاء جلسة الحكومة التي أقرّت خطّة الكهرباء، خرج رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بنفسه ليزفّ هذا النبأ الى اللبنانيين. إذاً هو يعدّه إنجازاً. أنهى رئيس الحكومة تصريحه والبسمة تعلو وجهه. ترك المنبر. توجّه، على ما يبدو، إلى فريقه، زوّدهم بالمعطيات التي يُريد أن يوزّعها على وسائل الإعلام. بدأت هواتف الصحافيين بالرنين: «الرئيس ميقاتي ضرب بيده على الطاولة بعنف وصاح بجبران باسيل: إذا ما بتمشي بالاتفاق أنا بمشي».
المعلومة التي سرّبها المقرّبون من رئيس الحكومة صحيحة، لكن تسريبها يصبّ في السياق الوحيد الذي يسعى ميقاتي إلى توجيهه إلى الجميع في الداخل والخارج: أنا الوريث الشرعي لرفيق الحريري.
البداية، في إصراره على ما كرّره يومياً في أيّام تكليفه الطويلة: الحفاظ على صلاحيات رئاسة الحكومة. ما كان يعنيه بتلك العبارة، هو الحفاظ على الصلاحيات التي وضعها الحريري بين يديه، إمّا بسلطة المال أو بسلطة السعوديّة وسوريا والولايات المتحدة الأميركيّة. أصرّ ميقاتي على الصلاحيات، كما أصرّ على استبعاد بعض البارزين من سنّة المعارضة، وكما فعل الحريري. سمى هو وزراء الكتل النيابيّة، متناسياً أن الحكومة هي ائتلاف نيابي، لا حكومة أكثريّة نيابيّة يتزعمها بنفسه.

تألّفت الحكومة. بدأت صياغة البيان الوزاري. حاول ميقاتي تمرير عناوين رؤيته الاقتصاديّة، وهي لا تختلف عن الرؤية الاقتصاديّة التي حكمت البلد طوال سنوات حكم الحريري وورثته.
ومع انطلاق عمل الحكومة، سعى رئيسها إلى الإمساك بأوراق اللعبة جميعاً بيديه. وزّع رسائل الغزل يميناً وشمالاً على رجال الحريريّة في الإدارة. من لم يلتقِ به شخصياً حاوره عبر موفدين. لم يهتم بمعالجة الإشكال القانوني بشأن بقاء سهيل بوجي أميناً عاماً لمجلس الوزراء، أو بشأن تعيين خالد قباني أيضاً. وتجاهل مخالفات المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي أوامر رئيس الجمهورية ووزير الداخليّة، وعمل على احتلال مبنى وزارة الاتصالات في العدليّة ومنع وزير الاتصالات السابق والعمل الحالي شربل نحّاس من ممارسة صلاحياته. والحديث يكثر عن سعي ميقاتي الى استمالة موظفي الإدارة العامة المحسوبين على الحريري.

كذلك، يهتم ميقاتي بالاحتفاظ بالمؤسسات التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، التي «تورّمت» في عهد الحريري الأب، وكانت أداة في معركة السيطرة على الإدارة العامّة والإشراف المباشر على تنفيذ جميع المشاريع.
وما الإصرار على إبقاء مجلس الإنماء والإعمار مسؤولاً عن خدمات تشغيل المدينة الجامعيّة في الحدث وصيانتها، إلا دليل على ذلك، إذ أقرّ مجلس الوزراء أول من أمس «منح مجلس الإنماء والإعمار سلفة خزينة لمشروع تقديم خدمات تشغيل وصيانة مدينة الرئيس رفيق الحريري الجامعية»، رغم أن بنداً مماثلاً رُفِض في جلسة سابقة، ورغم أن البند المقر أول من أمس يتضمن تغطية لمخالفة سابقة تتمثل في السماح لمجلس الإنماء والإعمار بعقد اتفاق على ثلاث سنوات من دون وجود اعتماد.

وفي مجال آخر، يُقدّم ميقاتي نفسه لدى اللاعبين الإقليميين والدوليين على أنه وريث رفيق الحريري، وأنه أقدر من الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة على إدارة الملفّات السياسيّة داخل البلد، وعلى رأسها العلاقة مع حزب الله. هو يسعى إلى هذا الأمر جيداً مع السعوديّة وسوريا، ومع الدول الأوروبيّة. ومن الممكن أن يكون قد نال دعماً فرنسياً في هذا السياق. ويُمكن وضع سعي ميقاتي إلى تأمين موافقة الحكومة على تمويل المحكمة الدوليّة كجزء أساسي من عمله للوصول إلى إقناع الأوروبيين بكونه قادراً على إدارة البلاد.
لم يكن ميقاتي، في يوم من الأيّام، ممتنعاً عن تحقيق حكومته إنجازات اقتصاديّة. بالعكس، هو يرغب، على نحو جدي، في إنجاز الكثير، لكن هذه الإنجازات يجب أن تكون مربوطة بشخصه، «مثلما يربط كل عمله السياسي في طرابلس وفي الواقع السني به مباشرةً، كما كان يفعل رفيق الحريري » بحسب أحد الذين يتواصلون معه دائماً.

السابق
الشراكة التي نحن بحاجة إليها
التالي
الاخبار: خلافات مسيحيي لبنان حول الموقف من سوريا