كاسيزي والإرهاب الملتبس

كشفت شهادة رئيس المحكمة الخاصة بلبنان القاضي أنطونيو كاسيزي أمام المحكمة الإسرائيلية العليا عن مفهومه للإرهاب. فبحسب كاسيزي يحقّ للإسرائيليين إطلاق النار على المشتبه فيهم إذا لم يستجيبوا لطلب إظهار كونهم لا يحملون متفجرات

للأستاذ الجامعي في القانون الدولي (جامعة فلورنسا في إيطاليا) والرئيس السابق للجنة الأوروبية ضدّ التعذيب (1989-1983) ومؤسس النشرة الدولية للعدالة الجنائية (جامعة أوكسفورد البريطانية) القاضي أنطونيو كاسيزي العديد من المنشورات الأكاديمية والاستشارات القضائية. القاضي الإيطالي يترأس حالياً المحكمة الخاصة بلبنان، التي تنظر في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وجرائم أخرى متلازمة معها، بعدما ترأس المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة (1993-1997)، إضافةً الى الشهادة التي تقدّم بها يوم 21 نيسان 2006 في قضية رفعها الفلسطيني رائد محمد إبراهيم مطر بحقّ المدير السابق للأمن العام الإسرائيلي (جي اس اس) أفراهام ديختر، أمام محكمة نيويورك الأميركية، التي أشار اليها السيد حسن نصر الله خلال إطلالة إعلامية له في 2 تموز الفائت، كان كاسيزي قد تقدّم بمرافعة خطية أمام المحكمة الإسرائيلية العليا في دعوى لجنة مكافحة التعذيب بحق الحكومة الإسرائيلية عام 2002.

قبل عرض مضمون مرافعة القاضي كاسيزي أمام المحكمة الإسرائيلية العليا، لا بدّ من الإشارة الى أن القاضي الأميركي وليام بولاي قرّر في 2 أيار 2007 إبطال دعوى مطر ضد ديختر بحجّة أن الأخير يتمتّع بالحصانة «وكان يتصرّف وفقاً لواجباته الرسمية». وفي 16 نيسان 2009، ردّت دائرة الاستئناف في محكمة نيويورك الطعن، الذي رفعه مركز حقوق الإنسان الفلسطيني ومركز الحقوق الدستورية الأميركي، بقرار بولاي، وثبّتت بالتالي إبطال الدعوى على نحو نهائي. يُذكر أن أساس هذه الدعوى كان جريمة إلقاء «جيش الدفاع الإسرائيلي» قنبلة تزن نحو طنّ من المتفجرات والحديد على مبنى سكني في غزّة عام 2002 بحجّة «استهداف إرهابيين». أدّى انفجار القنبلة الى قتل أو جرح عشرات المدنيين غير المسلحين، بينهم أطفال.

تبرير قتل المشتبه فيهم

في عام 2003 استجاب القاضي الإيطالي، أنطونيو كاسيزي، لطلب مشاركين في دعوى رفعتها اللجنة الإسرائيلية ضدّ التعذيب أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، للإدلاء برأيه كأستاذ جامعي متخصص في القانون الدولي الإنساني. وطلبت اللجنة من كاسيزي تحديداً تقديم رأيه في «مدى تلازم قتل إسرائيل إرهابيين فلسطينيين مستهدفين مع القانون الدولي الإنساني» (للاطلاع على النص الكامل بالإنكليزية لرأي كاسيزي القانوني في هذا الشأن زوروا: العنوان الإلكتروني http://www.stoptorture.org.il/files/cassese.pdf).
ورد في نصّ الفقرة «ب» من مرافعة القاضي كاسيزي الخطية، تحت عنوان: «معنى مصطلح المشاركة المباشرة في الاعتداءات» في القانون الدولي الإنساني، الآتي: «يفترض القيام باختبار واقعي لتحديد المشاركة المباشرة في المعركة. إن ضلوع شخص في العمل المسلّح (مثلاً إطلاق النار على مدنيين ومحاربين أعداء، أو وضع متفجّرة في مقهى، أو إطلاق صاروخ على دبابة معادية أو أي هدف عسكري آخر) يعدّ على نحو قاطع مشاركة مباشرة في المعركة. (…) كذلك فإن أي مدني ضالع في الانتشار العسكري الذي يسبق هجوماً يفترض أن يشارك فيه، ينبغي اعتباره مشاركاً في المعركة، إذا كان قد حمل السلاح خلال الانتشار العسكري. وينبغي أن يكون قد حمل السلاح على نحو ظاهر» (الفقرتان 12 و13)، لكن كاسيزي أضاف لاحقاً في نصّ شهادته (الفقرة 16) إن «على المرء أن يأخذ في الحسبان، واقعياً، الوضع الحالي للصراع المسلّح في إسرائيل وفلسطين، حيث اللجوء المتكرّر الى هجمات «كاميكاز» (مصطلح ياباني للعمليات الانتحارية) التي يقوم بها مدنيون لا يحملون السلاح على نحو ظاهر، بل يخفون المتفجرات على أجسادهم ليتمكنوا من تفجير أنفسهم فجأةً بمدنيين وعسكريين إسرائيليين». وخلص الرجل الذي يتولى اليوم رئاسة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الى القول: «صراحةً، إن السماح للإسرائيليين بإطلاق النار على هؤلاء لمجرد حملهم السلاح على نحو علني أمر عبثي».
وشرح كاسيزي في ما يبدو نصيحة للإسرائيليين: «إن الطريقة الصالحة لتلازم الحاجات العسكرية والأمنية الإسرائيلية مع القانون الدولي الإنساني قد تتطلّب من السلطات الإسرائيلية، لدى اشتباهها في أن مدنياً يحمل على جسده متفجرات تستهدف إسرائيليين، أن تطلب منه أن يظهر لها أنه لا يحمل متفجرات. ويمكن أن يطلق الجيش النار عليه فقط إذا رفض التجاوب مع هذا الطلب».
ولم يتوقّف القاضي الإيطالي عند هذا الحدّ، بل أضاف إن «السماح للجيش بإطلاق النار يجب أن يشمل أيضاً الحالات التي لا يتاح له فيها الوقت لأن يُطلب من المشتبه فيه إظهار عدم حمله متفجرات. في هذه الحالة يفترض السماح بإطلاق النار على المدني، شرط أن يُحترم أمران: الأول أن يكون واضحاً أن المدني يخفي متفجرات على جسده؛ والآخر ألّا يتوافر إطلاقاً الوقت الكافي لمطالبته بإظهار عدم حمله متفجرات، فمن الأرجح أن يستخدم المدني المتفجّرات فوراً لمهاجمة مدنيين أو مقاتلين معادين» الفقرة 17

لمقاومة الشعبية جريمة حرب

تحت عنوان «التداعيات بالنسبة إلى الإرهابيين الفلسطينيين» جاء في مرافعة كاسيزي المقدمة الى المحكمة الإسرائيلية: «إن المدنيين الفلسطينيين ليسوا مخوّلين المشاركة في الاعتداءات. إذا فعلوا من دون تمييز أنفسهم عن المدنيين الآخرين خلال الصدامات المسلّحة، أو خلال عملية ارتكاب فعل معادٍ، فهم يرتكبون جريمة حرب. ولا شكّ أن وضع أو إلقاء متفجّرات أو قنابل بين المدنيين، وأخذ رهائن مدنيين وقتلهم، هي أعمال مخالفة لأبسط قواعد القانون الإنساني الدولي، وبالتالي فهي تُعدّ جرائم حرب».
ويتابع كاسيزي، مشدّداً على أن «الأفعال الإرهابية محظورة في القانون الدولي خلال السلم والحرب. وهناك ثلاثة شروط لتصنيف الجريمة جريمة إرهابية دولية، هي:
أن يكون الفعل مصنفاً جريمة في القانون المحلي (مثلاً الاعتداء والقتل والخطف والتفجير، وأخذ الرهائن والتعذيب إلخ…)
أن يكون هدف الفعل انتشار الرعب من خلال العنف والتهديد بالعنف الموجّه ضدّ الدولة أو الجمهور أو مجموعة محدّدة من الأشخاص.
أن تكون دوافع الفعل سياسية أو دينية أو عقائدية، لا أن تكون تلك الدوافع لتحقيق غايات خاصّة».

مكتب الدفاع نشر أمس قائمة تضمّ 118 محامياً

نشر مكتب الدفاع أمس على موقع المحكمة الإلكتروني قائمة محامي الدفاع التي تضمّ 118 اسماً. وكان قد تقدّم 145 محامياً بطلب الانضمام الى القائمة، استوفى منهم 120 الشروط المنصوص عليها في المادتين 58 و59 من قواعد الإجراءات والإثبات. وكانت قائمة محامي الدفاع قد وضعت بموجب المادة 59 من القواعد، وللمتهم حرية اختيار محامٍ رئيسي من القائمة لتمثيله. ويختار رئيس مكتب الدفاع محامياً من هذه القائمة لتمثيل المتهم في الإجراءات الغيابية، بناءً على طلب غرفة الدرجة الأولى.
ويجوز للمحامين من جميع البلدان التقدم بطلب للانضمام إلى القائمة. ويُدعى جميع المحامين الذين يستوفون الشروط الدنيا إلى مقابلة تجريها لجنة القبول، التي تتألف من رئيس مكتب الدفاع، ومحاميين خارجيين، هما حالياً السيدة إليزابيت سيوفي (لبنان) والسيد بونوا هنري (كندا).
رئيس مكتب الدفاع فرانسوا رو، الذي زار أمس الرئيس نجيب ميقاتي بعيداً عن الإعلام، أعلن أن «القائمة تضمّ مجموعة واسعة ومتنوّعة من محامي الدفاع ذوي الكفاءة العالية في مجال القانون الجزائي وأصحاب الخبرة في الدفاع عن مرتكبي أشدّ الجرائم خطورة على الصعيد الوطني والدولي». وهذه هي المرة الأولى في تاريخ المحاكم الدولية التي يكون فيها مكتب الدفاع جهازًا مستقلاً في المحكمة. وقد رحّب مكتب الدفاع بتلقّي مزيد من طلبات الانضمام إلى قائمة المحامين.

السابق
اللقاء الشبابي اللبناني الفلسطيني يزور النائب حبيش
التالي
إعلان لجمال المرأة أم دعوة لضَربها؟