منيمنة:قرار المحكمة أربك حزب الله

رأى وزير التربية السابق حسن منيمنة أن القرار الاتهامي الصادر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أثار حالة إرباك كبيرة لدى قيادات "حزب الله"، معتبراً أن الشغل الشاغل للحزب هو موضوع المحكمة وكيفية التشكيك في قراراتها.
واشار في حديث الى "المستقبل" امس، الى أن رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون "يحاول أن يقول للجميع وعلى رأسهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والحكومة مجتمعة من خلال اقتراحه مشروع الكهرباء، بأنه صاحب القرار الأول في هذه الحكومة، وهو صاحب السلطة، وأن رئيس الحكومة الفعلي هو باش كاتب داخل الحكومة، وبقية الحلفاء عليهم السمع والطاعة".
وهنا نص الحوار:
[كيف تقرأ التجاذب الحكومي حول ملف الكهرباء وما هي تأثيراته المستقبلية؟
ـ في الدرجة الأولى يجب النظر الى هذا الملف من الزاوية السياسية، لأن النائب عون يحاول أن يقول من خلاله للجميع وعلى رأسهم رئيس الحكومة، والحكومة مجتمعة بأنه هو صاحب القرار الأول في هذه الحكومة، وأن ما يقرره هو يجب السير فيه من دون بحث أو نقاش، كما أنه يريد أن يثبت فعليا أنه هو الأكثرية داخل الحكومة، ما يفسر ذهابه الى التصعيد مباشرة، وتحدي كل أطراف الحكومة، من خلال القول إما ان يقر هذا المشروع على الرغم من علاته وثغراته، من دون أي اعتراض على أي بند من بنوده، وإما الذهاب الى الاستقالة.
وهو عملياً، يحاول القول انه صاحب السلطة، وأن رئيس الحكومة الفعلي هو باش كاتب داخل الحكومة، وأن على بقية الحلفاء السمع والطاعة. لذلك نرى أن عون يضرب مفهوم التحالفات وأصولها وآلية عمل مجلس الوزراء، كما يضرب مفهوم الديموقراطية داخل مجلس الوزراء، وبذلك يذكرنا بالأنظمة المجاورة التي تتساقط بسبب غياب الديموقراطية فيها، وهو يتصرف تماماً كما يتصرف رؤساء هذه الدول، بأن على الجميع الاستجابة لطلباتهم، وفي حال عدم الاستجابة يلجأون الى تصفيته. والحمدلله ان عون ليست لديه هذه السلطة، وإلا بدلاً من ان يهدد بفرط الحكومة كان هدد بقطع رؤوس الوزراء، وهذا يكشف نهجه التسلطي الاستبدادي. إلا أنني أرى أن الكرة فعلياً في ملعب رئيس الحكومة، لأن عون نقل النقاش الى من يدير هذه الحكومة، وهو الرئيس ميقاتي أو عون، كما نقل النقاش الى من هو صاحب السلطة الأولى داخل هذه الحكومة، فهل هم وزراء "التغيير والإصلاح" أم الكتل الأخرى داخل هذه الحكومة؟.
[ ما هي المخارج القانونية لهذا الموضوع الشائك؟
ـ أن أي محاولة تهدف الى إيجاد مخارج أو تسوية لهذا الموضوع داخل مجلس الوزراء هي في الحقيقة عملية تسليم بمنطق عون، إلا إذا نجح ميقاتي في فرض تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، لعدم وجود إمكانية فعلية لإدارة مشروع بهذا الحجم من دون وجود هيئة ناظمة تتولى هي الإدارة، لأن هذه الهيئة هي الباقية، أما الوزراء والحكومات فهم يأتون ويذهبون. من هذا المنطلق أرى أن الضرورة تقتضي ان يكون في مجلس الوزراء سلطة من أجل الإقرار النهائي بما يتعلق بصرف الاعتمادات المرصودة لهذا المشروع، تقرر الإشراف على المناقصات التي يتم تلزيمها، ومع غياب هذه النقاط، أي تصحيحات شكلية، فهذا يعني تكريس ما صدر من عون، وتأمين النصر له، وهزيمة كاملة لرئيس الحكومة في هذا الموضوع.

[هل تتوقع لجوء وزراء عون الى الاستقالة؟
ـ عون هدد بالاستقالة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الخضوع لهذا المنطق، لأنه في حال خضع الوزراء ورئيس الحكومة له يفتح المجال أمام تمرير أمور كثيرة أخرى، واستخدامه عند كل مفترق. لذلك يجب كسر هذا المنطق اللاديموقراطي القسري الاستبدادي، الذي يمارسه "التيار الوطني الحر" داخل مجلس الوزراء. من هنا أرى ان الاستقالة ليست سهلة، لأن القرار في هذا الأمر لا يعود الى عون مهما كابر أو ادعى، بل يعود الى من أتى بهذه الحكومة، فهو الذي يقرر، أي "حزب الله" والسوريون.
[ ما هو رد الفعل المتوقع من عون إذا لم يوفق في تمرير مشاريعه؟
ـ أقدر في حال عدم سير الأمور ان يلتف عون على هذا الموضوع مقابل تنفيعات مختلفة، وقد يلجأ الى محاولة معاقبة المعارضين له داخل مجلس الوزراء، برفض أي مشروع يقدمونه، وهذا الأمر يؤدي الى نوع من الشلل الحكومي. وهنا ألفت الى أن موقف (رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب) وليد جنبلاط المعتدل الرافض لمنطق عون كان مميزا، عندما قال لهم "لا تفرق معنا إذا استقلتم أم لم تستقيلوا". على أي حال ان هذه الحكومة لم تنجز شيئاً على كل الأصعدة، وهي تمر في حالة مراوحة، وأشبه أو أقل من حكومة تصريف أعمال.
[ يقول وزير الطاقة والمياه جبران باسيل ان حكومة الرئيس سعد الحريري أقرت خطة الكهرباء، فهل هذا الأمر صحيح، وهل أجازت حكومتكم السابقة الخطة أم انها حددت ضوابط لها؟
ـ نعم أقرت حكومة الرئيس الحريري خطة الكهرباء، ولكن كان هناك اعتراض على كيفية تمويل هذا المشروع، وقلنا في الحكومة السابقة ان التمويل يأتي عبر الصناديق الدولية والعربية، خصوصا وانها أبدت استعدادها للإسهام في المشروع، وحينها كانت الكلفة المقدرة نحو 450 مليون دولار، وليس ملياراً و200 مليون، وهذا الأمر مهم وأساسي في هذا السياق.
[ ان الفارق المالي لكلفة المشروع الذي تقدمتم به وتلك التي يقترحها باسيل كبيرة جدا فكيف ترد على من يتهمكم بالهدر؟
ـ هنا أذكر كيف كان هذا الفريق يتهمنا بالهدر، والآن هو يرتكب أكبر عملية هدر، لأنه عندما يلجأ الى التمويل الداخلي لهذا المشروع، يدفع فوائد كبيرة، هي نحو 6 أو 7 بالمئة، بينما تمويل الصناديق العربية أو الدولية تبلغ فوائدها نحو 2 ونصف أو 3 بالمئة، إضافة الى فترة سماح من 5 الى 6 سنوات، وهذا الأمر يظهر الهدر في تلك السياسة التي يتبعها باسيل، وهذا هو سبب الاختلاف الأول مع الحكومة السابقة.
وهنا أريد ان ألفت الى خبر قرأته، وهو أنه تم تلزيم 700 كيلووات في العراق مقابل مبلغ قدره 200 مليون دولار، في حين نرى فيه أن باسيل يحاول تلزيم 700 كيلووات بمبلغ مليون و200 الف دولار.
[ كيف تنظرون الى مواصلة "حزب الله" حملته على المحكمة الدولية والقرار الاتهامي؟
ـ إن "حزب الله" يعيش اليوم في حالة تناقضات واضطرابات، وقد أعلن (الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن) نصرالله عن تبرئه من المحكمة الدولية، ولكن يبدو أن شغله الشاغل هو هذا الموضوع وكيفية التشكيك في قراراتها، وهذا الأمر يدعو الى التساؤل، لماذا هذه المتابعة اليومية من نصر الله وقيادات الحزب ونوابه ووزارائه، ومحاولاتهم هدم المحكمة والطعن في شرعيتها إذا لم تكن تعنيهم؟. لذلك كله أعتقد أن القرار الاتهامي أثار حالة ارباك كبيرة لدى الحزب وقياداته من دون أي شك، لأن الاثباتات الواردة فيه تؤكد انها حقيقية، على الرغم من أن أجزاء كثيرة من عناصر الاثبات خفية حتى اللحظة، ولا يتم الإعلان عنها إلا عند مباشرة المحكمة عملها، ولكن يبدو أن هناك توجهاً يهدف الى تأجيل البدء في المحاكمات العلنية الآن، كما أن مقابلة صحيفة "التايم" (مع أحد المتهمين من عناصر "حزب الله" بالمشاركة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري) تدخل في هذا السياق

السابق
الشيخ النابلسي: نشعر اننا نقترب من معرفة ملابسات قضية الامام الصدر
التالي
سويسري يمشي على حبل للوصول إلى قمة الجبل