فاتورة الكهرباء بين دائن ومدين

انتظر اللبنانيون الكهرباء من باب الإشراف الحكومي على الخطة المقدمة، فهربت من شباك الوزير بحجة الكرامة والعنفوان ·· وتحول بذلك الملف الحياتي الأكثر إلحاحاً إلى ملف للإبتزاز، محولاً المصلحة العامة إلى معايير شخصية تعطل عمل الوزارة، بل وتهدد استمرارها·

وبالرغم من أن اللبنانيين جميعاً قد اتفقوا على ضرورة تأمين الكهرباء، لأن الوضع المتردي والذي أضاف ساعات التقنين بات يهدد تواجد التيار (الكهربائي طبعاً) برمته ·· إلا أن أحداً لم يتفق على جواز منح وزارة الطاقة المبلغ المطلوب للتلزيم، من ميزانية الدولة المرهقة أصلاً، مانحين الوزير صلاحيات مطلقة بصرف الأموال دون الرجوع للهيئات الناظمة المعنية، ولعلّه السبب الرئيسي بالتوصية بعدم انتظار الصناديق العربية وما يمكن أن تقدمه في هذا المجال، حتى لا يخضع صرف الهبات أو القروض لهيئات الرقابة التي تفرضها الدول الشقيقة في هذه الحالة·

وهكذا تحول المال العام إلى رهينة في أيدي فريق، أمسك به في وزارة الاتصالات سابقاً ويرفض الإفراج عنه إلا اذا تحول إلى رصيد الفريق عينه ولو في وزارة أخرى، وهي الطاقة اليوم·

فهل المصادفة تلعب دورها أم أن التركيز على الوزارات الخدماتية بات مفضوح النوايا، لما تقدم من تعزيز للرصيد الانتخابي أولا، والمصرفي ثانياً وبشكل أساسي؟

وهل المطلوب من الدولة الإستسلام لهذا المنطق المتسلط بغير حق، أو يكون الشلل المؤسساتي وربما الموت السريري هو البديل، بعدما كانت العينة أول من أمس عبر تطيير جلستي مجلس الوزراء والنواب تباعاً، حفاظاً على الحكومة، وإفساحاً للمجال أمام المشاورات لتفكيك العقد، خاصة بين فريقي عون وجنبلاط، والذي يسعى كلّ منهما الى تعزيز موقعه السياسي من خلال هذه المنازلة·

ويبقى السؤال أي إصلاح يتاجر به التيار العوني، بعدما توضح أن التغيير يتجه نحو الآحادية والتفلت من سلطات المحاسبة والرقابة وتحويل الوزارات إلى مكاتب شخصية تؤمن الخدمات الخاصة·

لقد انسحب رئيس <جبهة النضال الوطني> وليد جنبلاط من معركة رآها خاسرة ومكلفة على رصيده الشخصي، فكان أول من بدأ بفرط عقد الموالاة الجديدة، ووقف الرئيس بري في وسطية يحاول خلالها تحقيق توازن ما، يضمن استمرار الحكومة، ويحافظ على الأكثرية النيابية الجديدة، أما <حزب الله>، فحساباته بين دائن ومدين مع التيار العوني مختلفة، ولكن هل حسابه الدائن كافٍ لتغطية فاتورة الكهرباء الباهظة؟

السابق
الانباء: حزب الله يطعن بدليل الاتصالات في قرار الاتهام والمعارضة تصعد ضد ميقاتي وتشبه عون بالقذافي!
التالي
اللواء: تحالف عون – حزب الله يهدّد ميقاتي بتجربة الحريري؟!