النظام السوري يبرر التدخل الأجنبي

في أول خطاباته عقب الثورة السورية قال بشار الأسد أمام مجلس الشعب: إن درعا في قلب كل مواطن سوري وأهل محافظة درعا أهل الوطنية الصادقة وأهل النخوة والشهامة والكرامة. وهو كلام رددته أيضاً السيدة بثينة شعبان تأكيداً على محبة النظام ومحبتها لأهل درعا. أما التأكيد على صدقية هذا الكلام وحقيقته فقد كان بدخول دبابات النظام وقواته الأمنية وحرسه الجمهوري الطائفي وشبيحته أيضاً, وفعلهم الأفاعيل في أهل الوطنية والنخوة والكرامة, فدمروا بيوتهم وقتلوا أطفالهم ونساءهم, وشردوا أهلهم, وكانت ضحاياهم بالمئات, ومعتقلوهم بالآلاف, ولعل مافعلوه من قتل الطفل حمزة علي الخطيب ابن الثلاثة عشر ربيعاً بسبب مشاركته بالتظاهرات وقطع (عضوه) زيادة في التوحش والتخويف, كان نموذجاً لما فعلته عصابات وشبيحة النظام بأهل درعا الذين ثاروا لحريتهم وكرامتهم. ما نريد قوله, أنه إذا كان مواطنون سوريون بكل هذه المواصفات عالية الجودة التي شهد بها الرئيس ومستشارته أيضاً, ثم نالهم بعدها كل هذا التوحش من فظائع القتل والإجرام, فكيف لو أن مواصفاتهم والعياذ بالله كانت دون أو غير ذلك, من مثل مايدعيه مافيات النظام من وصف مندسين وسلفيين وعصابات مسلحة ومخربين ومتآمرين على مئات الألوف والملايين من المواطنين الآخرين في عموم مدن سورية وريفها. وعليه, فإن النظام بتركيبته الإجرامية وتوحشه لم يفرق بين المواطنين, فالكل عنده في القمع والقتل سواء, طالما أنه يطالب بحريته وكرامته, التي استقرت عنده بعد سفك دماء آلاف المواطنين واعتقال عشرات الآلاف بأنها لن تكون إلا بإسقاط النظام.

وبمثل ماقال بشار الأسد لمواطنيه, جاء ماقاله بشار الجعفري مندوب النظام في الأمم المتحدة قبل أيام في دفاعه في وجه مندوبي دول العالم ولاسيما الكبرى منها, المنتقدون لممارسات القتل والتنكيل التي يرتكبها النظام السوري ممثلاً برئيسه, وهو يغمز من مشاعرهم ومواقفهم: إن الذين يزعمون الحرص على السوريين وأمنهم واستقرارهم لا ولن يكونوا بأحرص على سورية من الرئيس الأسد نفسه وأرحم على شعبها منه. وعليه, فإننا نقول: يامغيث..!! إذا كان الرئيس بكل هذه الحنية والرقة على شعبه ومئات الدبابات تحاصر المدينة الواحدة تلو الأخرى وحتى القرى والأرياف وعشرات الآلاف من قواته وشبيحته تقتل من تقتل بالآلاف, ومازالت تعيث في سورية قتلاً وإجراماً وفساداً, فكيف والعياذ بالله لو انتزعت من قلب الرئيس الرحمة وخلا من شيء اسمه إنسانية, فماذا كان هو فاعل بالسوريين?

إن النظام السوري يمارس فاشية من طراز خاص بتوحشه في قتل شعبه ممن يعترف بوطنيتهم ونخوتهم وممن لايعترف, وإنها حقيقة لا يماري بها إلا مؤيدو النظام والمنتفعون منه وحلفاؤه الذين يرون فيما يفعله تأكيداً على نهجه المقاوم والممانع, وإنما نلفت عنايتهم بأن مايفعله النظام واستمراره فيه لخمسة أشهر سوياً وهم مؤيدوه, هو دعوة سافرة للتدخل الأجنبي بصورة من الصور, يتحمل كامل مسؤوليتها, لأن المجتمع الدولي الذي يتكلمون عن ازدواجيته وتآمره, لن يقف في النهاية مكتوف الأيدي ولن يسكت عن أعمال إجرامية لا إنسانية عمت البلاد والعباد في ظل تعتيمٍ ومنعٍ لكل وسائل الإعلام الصديقة وغيرها.

السابق
أنا شرعي..لكنّي لم أعد نظاماً!
التالي
أردوغان… ثرثرة بلا أفعال!