حكومة 8 آذار باقية ما بقي السلاح…

هل تنجح قوى 14 آذار في التوصّل الى حلّ لمشكلة سلاح "حزب الله"، حتى إذا ما تغيرت الحكومة أمكن تشكيل حكومة منها، إذا عادت إليها الأكثرية، أو حكومة انقاذ وطني نظراً الى دقّة المرحلة وخطورتها ويكون تشكيلها بداية خروج لبنان من الوضع الشاذ الذي يعيشه منذ سنوات؟

يقول مسؤول سابق إنه إذا لم يتم التوصّل إلى حلّ لمشكلة السلاح خارج الدولة، فلن تقوم دولة، وقد لا تجرى انتخابات نيابية ديموقراطية حرّة، ولا حتى انتخاب رئيس للجمهورية ورئيس لمجلس النواب وتسمية رئيس للحكومة يتولى تشكيلها إذا ظلت مشكلة السلاح بدون حلّ وقرّرت قوى 14 آذار المقاطعة.

ويضيف: "هب أن الحكومة الحالية استقالت أو اضطرت الى الاستقالة لسبب من الأسباب، هل في الامكان تشكيل حكومة أخرى في ظل الوضع الراهن؟".

الواقع أن الأكثرية إذا ظلّت مع قوى 8 آذار فإنها تستطيع أن تعيد تشكيل حكومة ستكون شبيهة بالحكومة الحالية. أما إذا عادت الأكثرية الى قوى 14 آذار فقد لا يكون في إمكانها تشكيل حكومة منها إذا هدّد "حزب الله" بالنزول إلى الشارع لمواجهتها واشترط تشكيل حكومة وحدة وطنية ليكون له ولحلفائه فيها "الثلث المعطل"… وإذا لم يهدّد الحزب بالنزول الى الشارع فيكفي أن يقرّر التحالف الشيعي المؤلف من "حزب الله" وحركة "أمل" عدم المشاركة في الحكومة إلا بشروطه… وإذا كانت شروطاً تعجيزية فالأزمة الوزارية قد تتحول عند استعصاء حلّها أزمة حكم وإذذاك تواجه البلاد شتى الاحتمالات.

وإذا كانت قوى 8 آذار استطاعت بعدما أصبحت أكثرية تشكيل حكومة من لون واحد مستغنية عن تمثيل قوى 14 آذار فلأنها استطاعت تمثيل المذاهب والمناطق من خارج هذه القوى، وهذا ما قد يتعذّر على قوى 14 آذار فعله بوجود سلاح "حزب الله" ووحدة القرار الشيعي، التي لا وحدة مثلها في اي طائفة أخرى…

هذا الوضع الشاذ كانت قوى 8 آذار ولا تزال هي وحدها المستفيدة منه وذلك باعتمادها على سلاح "حزب الله" وعلى وحدة القرار الشيعي الذي قد لا يجرؤ أحد على مخالفته، وإن هو فعل فقد يتعرض للاهانات أو الاعتداءات.
لقد مارست قوى 8 آذار ذلك منذ عام 2005، فلا هي مكّنت الأكثرية النيابية التي انبثقت من الانتخابات من تشكيل حكومة منها، واستطاعت فرض حكومات وحدة وطنية عطّلت صدور القرارات التي لا تعجبها ولا تعجب من وراءها وذهبت الى حدّ تحريك الشارع لفرض هذه الحكومات، ولم تمكن قوى 14 آذار من انتخاب رئيس للجمهورية وهدّدت بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا صار انتخابه بأكثرية صوت زائداً واحداً، ووصفت الأكثرية التي فازت بها قوى 14 آذار في انتخابات 2009 بأنها غير شعبية… وانتهكت اتفاق الدوحة باستقالة وزرائها من حكومة الرئيس سعد الحريري وشكلت حكومة اللون الواحد متحدية النواب الذين فازوا في الانتخابات بتعيين وزراء رسبوا فيها وكانوا منافسين لهؤلاء النواب.

لذلك لا خروج من الوضع الشاذ الذي يعيشه لبنان منذ سنوات إلا بالعودة إلى الحوار للبحث في ايجاد حل لمشكلة السلاح خارج الدولة، ليس من أجل التوصل إلى إقامة الدولة القوية القادرة فحسب، بل من أجل التوصل الى ممارسة الديموقراطية الصحيحة التي بموجبها تحكم الأكثرية المنبثقة من انتخابات حرة نزيهة والأقلية تعارض. وأنه ما دام لا حلّ لهذه المشكلة، فلن تقوم دولة ولن تبقى قيمة لنتائج الانتخابات النيابية عندما تصبح الأقلية هي التي تتحكم بالأكثرية، لا لشيء سوى لأنها تملك وحدها السلاح، وأن لا مجال لتشكيل حكومة إلا إذا كان للأقلية الكلمة الفصل فيها.

وإذا كان لا حلّ لمشكلة السلاح لبنانياً إنما إقليمياً ودولياً، وعلى لبنان انتظار هذا الحل ليخرج من وضعة الشاذ، وكان هذا الانتظار سيطول، فما على القادة في لبنان سوى التداعي لعقد مؤتمر وطني موسّع للبحث عن عقد ميثاق جديد يتلاءم مع الظروف الراهنة والتطورات، وهو ما دعا اليه البطريرك بشارة الراعي في زيارته الراعوية الى المناطق اللبنانية، علَّ التوصل الى عقد جديد بين اللبنانيين يخرج البلاد من وضعها الشاذ ومن الأزمات كلما واجه الاستحقاقات.

فاستمرار هذا الوضع يضع لبنان بين خيارين أياً تكن نتائج الانتخابات النيابية: إما تشكيل حكومة من لون سياسي واحد مستقوية بالسلاح خارج الدولة، وإما تشكيل حكومة وحدة وطنية للأقلية فيها الكلمة الفصل في الخلافات وفي اتخاذ القرارات كونها مسلحة، او تعطيل صدور القرارات إذا لم تكن مقبولة منها، وهذا معناه أن الحكومة الحالية باقية ما بقي هذا السلاح!

السابق
سقوط النظام السوري؟
التالي
الحياة: عون يدعو الى احتلال البرلمان ويهدد بتمزيق بدلة الموالاة