النهار: داود أوغلو يُمهل دمشق وأياماً لوقف العنف وواشنطن تُعلن موقفاً تصعيدياً من الأسد غداً

بعد ساعات من زيارة وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو لسوريا واجتماعه مع الرئيس بشار الاسد اكثر من ست ساعات، افاد مسؤولون اميركيون ان البيت الابيض يستعد ليطلب علنا من الاسد التنحي، فيما لمحت وزارة الخارجية الى ان الجهود الاميركية للتواصل مع الحكومة السورية ستتوقف. وبدا هذا الموقف الاميركي الجديد قطعاً للطريق على مهلة "الايام" التي تحدث عنها الوزير التركي لوضع حد للعنف والتمهيد للاصلاحات السياسية وعدم تكرار احداث مدينة حماه، في حين ان وسائل الاعلام السورية افادت ان الاسد اكد لداود أوغلو ان سوريا لن تتهاون في ملاحقة "المجموعات الارهابية". ص11. واسترعى الانتباه امس قول القاهرة ان الامور في سوريا تتجه الى "نقطة اللاعودة".

داود أوغلو

وصرح داود أوغلو لدى عودته الى انقرة: "نأمل في ان تتخذ تدابير في الايام المقبلة لوضع حد لاراقة الدماء، وان يتم التمهيد للاصلاحات السياسية… كانت لدينا الفرصة للحديث بوضوح وصراحة عن التدابير الواجب اتخاذها لوقف المواجهة بين الجيش والشعب، وكي لا تتكرر احداث كتلك التي شهدتها حماه".
واوضح انه اجرى محادثات "مفتوحة استمرت ست ساعات ونصف ساعة مع الرئيس السوري، بينها ثلاث ساعات ونصف ساعة على انفراد". وقال انه نقل الى الاسد رسالة خطية من الرئيس التركي عبدالله غول ورسالة شفهية من رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، لكنه لم يشأ الافصاح عن مضمونهما".

واضاف ان "التطورات التي ستشهدها الايام المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة الى تطلعات تركيا والشعب السوري. سنواصل متابعة التطورات".
واشار الى ان الاسد تحدث عن متشددين يسعون الى زعزعة الاستقرار في سوريا، وانه ابرز للرئيس السوري الحاجة الى التفريق بين الارهابيين والمدنيين في مكافحة الارهاب.
وسئل هل هو متفائل بان دمشق ستذعن لنصائح تركيا هذه المرة، فاجاب: "شكل العملية سيتضح في الايام المقبلة وليس في الاشهر المقبلة. الايام والاسابيع مهمة الان".

واعرب عن أمل تركيا في ان تشهد سوريا عملية انتقال سلمية تتيح للشعب السوري صياغة مستقبله، قائلا: "نأمل في عملية انتقال سلمي تنتهي بان يحدد الشعب السوري مستقبله".
واكد ان تركيا لاتزال ملتزمة بناء مستقبل مشترك مع سوريا وانها ستواصل الاتصالات مع جميع الاطراف في المجتمع السوري. وقال: "تجمعنا وحدة مصير مع سوريا وسنستمر في هذا. سنواصل الاتصالات وسنستمر في اتصالاتنا مع كل الاطراف في سوريا".

وابلغت مصادر سورية وتركية مواكبة للزيارة "النهار" ان "الاجواء اول الامر كانت اقرب الى الرمادية. ولكن مع تجدد المحادثات بات هناك ما يمكن وصفه ببعض نقاط الالتقاء التي يمكن البناء عليها، لكن ذلك لا ينفي بقاء خلافات عميقة في وجهات النظر وخصوصا في ما يتعلق بضرورة وقف دوامة العنف والقتل واشراك حقيقي للمعارضة في كعكة السلطة في سوريا وهما من ابرز المطالب التي بات معروفا ان تركيا تلح على دمشق في تحقيقها عاجلا، وهما مطلبان داخليان وخارجيان في الوقت عينه ايضا، فيما رفضت دمشق التعامل مع المطالب التركية كشروط واملاءات من اي جهة أتت".
وتساءلت مصادر ديبلوماسية معنية عما اذا كانت دمشق تعود الى لعب سياسة تقليدية اشتهرت بها وكانت اتبعتها في السابق كثيراً هي "سياسة حافة الهاوية"، مشيرة الى ان الوقت الآن يجب استثماره سياسياً في انجاز خطوات ونقلات نوعية.
وفي خطوة تصب في تنسيق المواقف التركية – السعودية، بثت قناة "العربية" السعودية التي تتخذ دبي مقراً لها ان غول سيزور المملكة في الايام القريبة.

واشنطن

وفي واشنطن رحبت الادارة الاميركية بزيارة داود اوغلو لدمشق. وصرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نيولاند بأن الوزيرة هيلاري كلينتون تعتزم اجراء اتصال هاتفي مع نظيرها التركي بعدما كانت اتصلت به قبل الزيارة. ورأت انها "فرصة اخرى لتوجيه رسالة قوية مجدداً الى الاسد بأن قمع المتظاهرين السلميين لا يمكن ان يستمر".

وتعليقاً على ما نقلته الوكالة العربية السورية للانباء "سانا" عن الاسد من انه ابلغ زائره التركي ان حكومته ستواصل تعقّب وضرب "الارهابيين"، قالت نيولاند انه من "المؤسف ان الرئيس الاسد لا يسمع الاصوات المتصاعدة في المجتمع الدولي، لوقف العنف، ولاحظت في هذا السياق "البيان القوي" الذي اصدره العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي دعا الى وقف آلة القمع وحض النظام السوري على الاصلاح، كما لاحظت ايضاً بيان دول مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية.

واضافت "اذن الضغط على الاسد يتزايد، الامر المقلق هو انه لا يسمع".

واكدت ان واشنطن تواصل اتصالاتها مع حلفائها واصدقائها لفرض عقوبات اضافية على سوريا، بما في ذلك على قطاع الغاز والنفط السوري، مع اشارتها في هذا السياق الى ان هذه مسألة للدول الاخرى التي لها شركات تنشط في سوريا. وقالت ان حكومتها تطلب من الدول التي لها علاقات تجارية اوسع مع سوريا ان تدرس ما يمكن ان تقوم به لتعزيز الضغوط على الحكومة السورية. ورأت انه لا يزال ثمة مجال لاتخاذ الامم المتحدة اجراءات اقوى ضد النظام السوري.

وعن زيارة المسؤول عن الملف السوري – اللبناني في وزارة الخارجية فرد هوف لتركيا، ولقائه مستشاري اردوغان، قالت الناطقة ان هوف ناقش مع الاتراك مسألة العقوبات، لكنها امتنعت عن التطرق الى تفاصيل المحادثات، وان كررت ان الهدف هو تصعيد الضغوط الاقتصادية على الحكومة السورية. وانتقل هوف من تركيا الى المانيا لمواصلة مشاوراته في شأن العقوبات على سوريا.
وقال مسؤولون اميركيون لوكالة "الاسوشيتد برس" انهم يتوقعون موقفاً تصعيدياً حيال دمشق بحلول غد. واضافوا ان هذه الخطوة ستكون رداً مباشراً على قرار الاسد تصعيد القمع الوحشي للمتظاهرين المطالبين بالاصلاح وارسال الدبابات الى معاقلهم.

وبعدما كان الرئيس الاميركي باراك اوباما والمسؤولون الكبار قد اعتبروا ان الاسد "فقد شرعيته" رئيساً وان عليه اما ان يقود الاصلاح واما ان يخرج من الطريق، فإنهم لم يدعوه تحديداً الى التنحي. لكن المسؤولين قالوا ان الصيغة الجديدة التي يتحدث عنها الزعماء الاميركيون ستتضمن دعوة صريحة للاسد الى التنحي.
ولمحت نيولاند الى توقف السياسة الاميركية المتبعة منذ سنتين للعمل مع الاسد وابعاد سوريا عن الفلك الايراني وتحويلها شريكاً اقليمياً للسلام والاستقرار. وقالت انه "لا يمكنك ان تقيم اي نوع من الشركة مع نظام يفعل مثل هذه الاشياء بالابرياء".

الموقف المصري

ودخلت مصر ايضاً امس على خط الازمة السورية، فقال وزير خارجيتها محمد عمرو ان "مصر تتابع بقلق شديد التدهور الخطير للاوضاع في سوريا"، وتخوّف من ان "يتجه الوضع في سوريا نحو نقطة اللاعودة". ودعا الى "وقف فوري للنار"، ملاحظاً ان "الاصلاح المخضب بدماء تراق وشهداء يسقطون بشكل يومي لا يجدي نفعاً". وطالب بـ"تحرك عاجل لاستعادة الثقة المفقودة"، كما دعا الى "توفير شروط لاقامة حوار وطني شامل يجمع كل اطياف المجتمع السوري". وحض دمشق على "اجراء الاصلاحات على المستوى الوطني لتجنب مخاطر تدويل لا نريده ولا تحتمله المنطقة". واضاف ان "مصر تواصل مشاوراتها بشكل مكثف مع الدول الشقيقة انطلاقاً من مسؤوليتها التاريخية والتزاماتها للمساعدة على ايجاد مخرج يوقف نزف الدم في سوريا، ويحقق التطلعات المشروعة للشعب السوري الشقيق".

السابق
السفير: الحوار السوري التركي يتجدّد: الأولوية للاستقرار … والترحيب بأي مساعدة للإصلاح
التالي
البناء: حزب اللّه: لن نسمح للمشروع الأمريكي بالتسلّل من النافذة ودمشق لأنقرة: أمننا واستقرارنا غير قابلَين للمساومة