الأخبار : الحكومة تُعيد الماليّة العامّة الى حضن القانون

بدأ مجلس الوزراء عمليّة إنهاء مرحلة خروج الماليّة العامّة وإدارات الدولة عن القوانين والدستور عبر ثلاث خطوات اعتمدها أمس، تحديداً في مجال وقف استسهال صرف الأموال من خلال القاعدة الإثني عشريّة أو استناداً إلى موازنات غير مقرّة وذلك بانتظار أن يُقدّم وزير المال عدداً من مشاريع قوانين فتح اعتمادات استثنائيّة
قرّر مجلس الوزراء أمس، بدء العودة إلى طريق القانون، ووقف "الممرات العسكريّة" كما قال أحد الوزراء، عبر إعادة تلزيم المشاريع وقبول الهبات إلى الوزارات وليس عبر الهيئات البديلة التي أنشئت في المرحلة الماضية. كذلك أوقف مجلس الوزراء استسهال صرف الأموال على الطريقة الإثني عشريّة أو بناءً على موازنات غير مقرّة، مقرراً اللجوء إلى مجلس النواب للحصول على تغطية قانونية لصرف الاعتمادات الاستثنائيّة، في ظل غياب قوانين للموازنات.
وبذلك، تكون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قد اتخذت قراراً يقضي بالعودة إلى "الكتاب"، طاوية عهداً امتد ست سنوات، عمدت خلاله حكومات الرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري إلى صرف ما يزيد على عشرة مليارات دولار من دون أي سند قانوني، وأحياناً، من دون معرفة أوجه الصرف.
ففي جلسة امتدت لأكثر من ست ساعات، أقر مجلس الوزراء أكثر من سبعين بنداً من تلك المدرجة على جدول الاعمال. وعند البحث في البند المتعلّق بعرض مجلس الإنماء والإعمار لملف تلزيم الصيانة للمدينة الجامعيّة في الحدث، اعترض الوزيران جبران باسيل وشربل نحاس على إبقاء مثل هذه الاعمال في عهدة مجلس الإنماء والإعمار، خصوصاً أنها تدخل في صلب اعمال الوزارات المعنية. ولفتت مصادر وزارية إلى ان النقاش تحول مباشرة صوب الحديث عن واقع الإدارات الرسمية، "حيث بات يُستَسهَل القول إنها مترهلة في جميع الوزارات، لكي يصار إلى اللجوء إلى مجلس الإنماء والإعمار". ووافق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على هذا الطرح. وبناءً على ذلك، تم الاتفاق على أن تقوم الوزارات المعنية بواجبها في هذا الشأن. وبالنسبة إلى البند المطروح، تبيّن عدم وجود فرصة لكي تدرس وزارة التربية إمكان لجوئها إلى إجراءات المناقصات، فتم الاتفاق على تمديد ما هو قائم لمدة عام واحد، على أن تدرس الوزارة خلال هذه المدة ما إذا كان بمقدور الجامعة اللبنانيّة إجراء تلزيماتها بنفسها. وخلال النقاش، تنبّه الوزراء إلى أنه ليس على الجامعة اللبنانيّة أن تقوم عبر إدارتها بهذه المناقصة، بل إن ما عليها هو الطلب من إدارة المناقصات العامّة في الدولة اللبنانيّة إجراء هذه المناقصة. وهي إدارة يُفترض بها أن تضم نخبة من متخرجي الجامعة اللبنانيّة.
وإلى جانب اكتشاف وجود إدارة عامّة في الدولة اللبنانيّة مهمّتها إجراء المناقصات العموميّة، أوقفت الحكومة عمل "وحدة إدارة المشاريع في رئاسة الحكومة"، التي أنشأها الرئيس فؤاد السنيورة، لعدم قانونيّتها. ولذلك قرّر مجلس الوزراء تعليق بند يتضمّن قبول هبة مقدّمة من الاتحاد الأوروبي لصالح هذه الوحدة، على أساس أنها غير قانونيّة ولا يحق لها قبول الهبات والإشراف على تنفيذها. وتم الاتفاق على أن يقوم وزير المال محمّد الصفدي بالتواصل مع سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان أنجيلينا إيخهورست لإعادة تشريع كلّ الهبات السابقة المقدّمة لصالح هذه الوحدة.
واتفق على تحويل جميع بنود الإنفاق المقدمة إلى مجلس الوزراء على أساس القاعدة الإثني عشريّة وموازنة عام 2011، إلى سلف خزينة بانتظار إصدار قوانين استثنائيّة لفتح اعتمادات تُغطي هذه النفقات وذلك لوقف الصرف الاستثنائي. ومن المفترض أن يُقدم وزير المال مشاريع عنها في الأيّام المقبلة، فيما تُرِك الباب مفتوحاً لإقرار قوانين لهذه الغاية في الجلسة التشريعية خلال اليومين المقبلين. كذلك عيّن مجلس الوزراء أمس غسان بيضون مديراً عاماً للاستثمار في وزارة الطاقة والمياه، مقراً ملء بعض المراكز الشاغرة في مؤسسة كهرباء لبنان عن طريق المباراة. وفي ملف ترسيم الحدود البحرية، اطلع مجلس الوزراء على اقتراح القانون الذي أقرته في اليوم السابق لجنة الأشغال العامة والطاقة والنقل، والمتعلق بوضع إطار لترسيم الحدود. وجرى التوافق على مضمونه، لكن وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي رفض التوقيع على إحالته بصفة مشروع قانون على مجلس النواب، بسبب الخلاف بينه وبين رئيس اللجنة النائب محمد قباني. وبناءً على ذلك، تم التوافق على إفساح المجال لإقرار المشروع من خلال اقتراح قانون يُقدم في مجلس النواب اليوم أو غداً، خصوصاً أن هذه الآلية تتجنب المرور في اللجان النيابية. وذكرت مصادر وزارية ان الاقتراح لن يتضمن إحداثيات الحدود البحرية التي كان الوزير جبران باسيل يطالب بإدراجها في القانون، مع الاتفاق على إقرارها في مرسوم بعد أسبوع واحد على إقرار القانون، "إذ إن أي تعديل لهذه الاحداثيات سيكون أسهل في حال صدورها بمرسوم".

السابق
جلسة ماراثونية بدأ التطبيق الفعلي فيها للإنماء المتوازن
التالي
عون يؤيد النسبية في الانتخابات والحوار في مواضيع محددة