مسالخ لا تستوفي الشروط… ونفاياتها في نهر بيروت

 تتراكم الهموم فوق كاهل اللبنانيين، زتزيدها ثقلاً ظاهرة ترهل المؤسسات الرقابية في زمن يشبه مرحلة انحلال الدولة. ولا يزال الامن الصحي الغذائي في مهب الاستغلال والاستهتار، ولعله من المفيد اعادة تسليط الضوء على واقع المسالخ في لبنان، خصوصاً بعد الصرخة التي اطلقها وزير الزراعة الدكتور حسين الحاج حسن أخيراً.
يرفض احد المواكبين للامن الغذائي اطلاق صفة المسلخ على البناء القائم في الكرنتينا، ويفضل تسميته بالهنغار، رغم توافر الاموال اللازمة لبناء مسلخ جديد يحل مكان الموقت، الذي لا يزال المسلخ الوحيد في بيروت منذ اكثر من 7 سنوات . علماً ان المسلخ أسير صفة الموقت الى حين نقله الى مكان اخر لم يتمّ العثور عليه حتى تاريخه.

الحاج حسن: مسالخ مخالفة
بلا موظفين!
كشف الوزير الحاج حسن قبل ايام عن "وجود أربعة مسالخ غير مرخصة تلوث منطقة عين سعادة، وسط لا مبالاة الأجهزة المعنية رغم الشكاوى المتكررة وتوجيه إنذارات لأصحابها، عدا ان مخلفاتها من الدماء والنفايات تلقى في الوادي وتتجه الى نهر بيروت". واشارالى انه يعرف الدوافع والاسباب التي تمنع الاجهزة المعنية عن القيام بواجباتها، واعداً بالاستمرار في متابعة الامر. علماً انه يتوجب على المسالخ الحصول على الرقم الصحي والتسجيل في الوزارة لتكتسب الصفة القانونية.
ولفت وزير الزراعة الى حاجة وزارته للكادر البشري الذي يمكنها القيام بواجباتها وحذرعبر "النهار" من :" ان هذه المسالخ غير تهدد البيئة كما هو حاصل بالنسبة للمسلخ في عين سعادة الذي يرمي نفاياته في الوادي وهي تصل إلى نهر بيروت".

عيتاني:ضرورة تنفيذ المخطط
بداية رحلة استكشاف مسلخ الكرنتينا لم تكن مشجعة، فالتصوير هنا ممنوع والاذن يعطيه فقط المحافظ ولا بلدية بيروت، لكن لماذا يمنع التصوير اذا كانت الشروط الصحية مستوافرة في عمليات الذبح وملحقاتها؟ وفي السياق تؤكد عضو مجلس بلدية بيروت وعضو لجنة الصحة البلدية المهندسة بشرى عيتاني افتقاد مسلخ بيروت للكادر البشري، ما يهدد الامن الغذائي. وترى ان تحول المسلخ الموقت مسلخاً دائماً لا يجب ان يكون عائقاً امام تنفيذ المخططات البلدية لتحسين العمل داخله، عدا عن التقيد بشروط السلامة العامة والسماح للشركة التي التزمت فرم النفايات بالعمل من دون اعاقة، في ظل صعوبة ايجاد مكان اخر لاقامة مسلخ لمدينة بيروت يستوفي الشروط الصحية، من دون ان يشكل ضرراً للجوار علماً ان مجلس تنفيذ المشاريع الكبرى لمدينة بيروت انشأ هذا المسلخ في العام 1994 ليكون المقر الرئيسي الموقت لمسلخ بيروت، بعد التدمير الذي تعرض له المسلخ الاساسي في منطقة المدور، والذي يعود تاريخ تأسيسه العام 1966. وتذكر عيتاني بالدراسة التي اعدها المهندس خالد شهاب لانشاء مسلخ لبيروت قبل اكثر من 10 سنوات، وقدمها الى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولا تزال في الادراج بسسبه اعتراض بعض سكان منطقة الكرنتينا على تحسين المسلخ الحالي او توسيعه" وتضيف: "المجلس البلدي في بيروت متمسك بضرورة وجود مسلخ للعاصمة لكن اعتراض البعض يحول دون تنفيذ هذا المخطط".
اما عن توافر الشروط الصحية في المسلخ فتوضح: "هناك نقص في الجهاز البشري في المسلخ، فثمة طبيب بيطري واحد يقوم بالكشف على المواشي قبل ذبحها، اضافة الى مراقب صحي دائم". وتكشف عن تعيين 20 مراقباً صحياً في المسلخ بعد فترة قصيرة وتشير الى ان مهمات البلدية تنحصر في اعمال الرقابة، عدا عن تأمين مكان الذبح واستيفاء الرسوم.
ويذكر ان عمليات الذبح تراجعت في المسلخ نظراً الى رغبة اصحاب الملاحم في القيام بالامر في ملاحمهم.

عين سعادة: مسالخ غير مرخصة… واستغاثة
الشكوى من مخالفة المسالخ الشروط الصحية لا تقتصر على العاصمة، ولعل منطقة عين سعادة تشكل المثال الصارخ على هذه المخالفات بعد امتناع 4 مسالخ عن تطبيق الشروط المذكورة. وفي السياق تنقل رئيسة بلدية عين سعادة اورور ابرهيم معاناة اهالي البلدة من تفاقم مشكلة المسالخ عبر "النهار" وتوضح: "راجعنا وزارات الداخلية والبيئة والصحة والزراعة لمعالجة ظاهرة انتشار المسالخ غير المرخصة ووضع حد لمخالفاتها خصوصاً لجهة احترام شروط السلامة العامة، وللاسف لم نجد تجاوباً الا من وزارة الزراعة اذ سارع الوزير الحاج حسن الى ارسال مهندسين من الوزارة، ولاحقاً زودنا تقريراً مفصلاً عن معاينات المهندسين وارفقه باقتراح لاقامة حفر كبيرة تستعملها المسالخ للتخلص من المياه والدماء بعد عملية الذبح ضمن الشروط المحددة. "وتشير ابرهيم الى تنظيم البلدية محاضر مخالفة بحق اصحاب المسالخ بسبب تجاوزهم القوانين ورميهم مخلفات عمليات الذبح في مجرى نهر الموت ما ينذر بعواقب بيئية غيرمشكورة
وتتوجه ابرهيم الى المعنيين في الحكومة لمعالجة هذه الازمة، خصوصاً ان اهالي المنطقة سيواصلون اعتراضاتهم على عدم التزام المسالخ الشروط المحددة في القانون.
ويذكر ان اهالي الفنار نفذوا تحركاً احتجاجياً على الاستمرار بعمل المسالخ في المنطقة.
السؤال لا يمكن ان نجد له اجابة شافية وسط انتشار الروائح الكريهة التي تحاصر الطرق المؤدية الى المسلخ، وكلما اقتربت من المسلخ تظهر "الكوارث"، فالذبيحة ترمى في صندوق الشاحنة ليتم نقلها الى الملحمة، واخرى تستقر في صندوق شاحنة اخرى وتسلك طريقها الى مطعم ذاي الصيت ويستمر نقل الذبائح على هذه الوتيرة مع تصبب العرق من عامل يجر ذبيحة هنا واخر يجهد لرفعها عن الارض قبل ان يرميها في صندوق لشاحنة يحاصره الصدأ وتختلط فيه البويا مع اللحمة الطازجة. وايضاً اليس من الواجب نقل اللحوم عبر سيارات مجهزة ببرادات للمحافظة على جودتها ومنعاً للضرر التي تسببه للمستهلكين. واخيراً اين دور الطبيب البيطري في المسالخ؟ وقبل هذا كله هل من فحوص تجرى للخراف والابقار، وهل يعمل المختبر في المسلخ على غرار مسلخ صيدا؟
 

السابق
في بنت جبيل .. التجارة في أحسن حالاتها
التالي
جولة جنوبية لـ «Viva Palestine»