المعارضة تبقى استعراضات إذا كانت تُدار من يخت في عرض البحر

 يعيش فريق "الرابع عشر من آذار" في دائرة واسعة من الفراغ المتوازي مع لا توازن سياسي نتيجة غياب البرنامج الذي يفترض أن يكون موجوداً للانطلاق من خلاله في معركة "إسقاط الحكومة" التي تبدو الى الآن مجرد حلم، من الصعب أن يتحقق مع معارضة كهذه تتلقى تعليماتها من غرفة عمليات موجودة في عرض البحر، في فرنسا.
ويمثّل شهر رمضان بالنسبة الى هؤلاء حبل النجاة، حيث يأملون أن تكون هذه المناسبة فرصة لعودة قبطان سفينتهم من الخارج ويضع خارطة طريق لهم تمكِّنهم من تعبئة الوقت الذي بات حمله ثقيلاً عليهم في هذه المرحلة.
وإذا كانت الأخبار التي تأتي بالتواتر تؤكِّد قرب موعد عودة الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري مع بداية شهر رمضان، ليطل من خلال مآدب الرحمن على جمهوره وشد عصبه المرتخي بعد أن تلقى الضربة تلو الضربة على الرأس منذ أن سقطت الحكومة الحريرية، فإن بعض المقربين من هذا الرجل يستبعدون عودته في فترة قريبة أقله في الأسبوع الأول من الشهر المقبل، وهم لا يرون فائدة من هذه العودة في هذا الظرف حيث النوافذ الاقليمية والدولية مقفلة في اتجاه لبنان، وهي مشرعة باتجاه متابعة ما يجري في المنطقة من تطورات، وحيث الداخل اللبناني لم يعد يآبه للخطابات الرنانة وهو تواق ليرى أفعالاً بعد أن أتخم بالخطابات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
وفي رأي مصادر موالية، أن اسباباً كثيرة من الممكن أن تحول دون عودة مبكرة للحريري الى لبنان أبرزها الوضع السياسي الداخلي، حيث لا ثغرات يمكن أن ينفذ منها الحريري للنيل من الحكومة أقله في غضون ما تبقى من هذا العام من أشهر، وثاني هذه الأسباب الوضع المأزوم داخل المملكة العربية السعودية حيث يقوم الملك عبد الله بورشة كبيرة لترتيب البيت الداخلي، وتسليم زمام الامورإلى أولاده والمقربين منه بعد أن كشفت التطورات والأداء القيادي في المملكة أن هناك من يحفر له ويريد الحد من دوره والحؤول دون وصول أولاده الى سدة الحكم بالتعاون والتنسيق مع أجهزة استخبارية دولية.
وثالث هذه الأسباب الوضع المالي الحرج الذي تعرض له الرئيس الحريري في الآونة الاخيرة حيث أن أداءَه في هذا المجال أفقده الثقة لدى المتعاملين معه على المستوى المالي والاستثماري وهو ما ساهم الى حد كبير في مروره بضائقة كبيرة على مستوى السيولة، وصلت الى حد عدم دفع الرواتب من أكثر من ثلاثة أشهر للعاملين في شركاته ولا سيما في القطاع الاعلامي.
وترى المصادر أن الحريري يواجه مأزقاً كبيراً في ما خص المآدب الرمضانية، حيث لا يستطيع إقامتها في قصر قريطم على جري العادة بفعل المشاكل التي تعصف داخل العائلة، أما منزله في "وادي أبو جميل" فهو لا يتسع للمدعويين المياومين على هذه المآدب، أما ما يقال عن رغبته في إقامتها في "البيال" فإن ذلك لم يثبت الى الآن، كون هذه الخطوة تتطلَّب الدفع "كاش" ومن غير المعروف ما إذا كان باستطاعة الحريري تأمين السيولة اللازمة لذلك.
وأمام هذا الواقع المرير الذي يعيشه الحريري وفريقه، فإن موضوع السلاح، والقرار الظني يمثلان مادة دسمة لهم "لفش الخلق" واللعب على الوتر الحسَّاس الذي يثير عصب الجمهور الذي بات معتاداً على ذلك في مثل هذه المناسبات، باعتبار ان هذا الفريق لا يملك القدرة على مواجهة الحكومة، فالأداء الى الآن لا غبار عليه، والملفات تُقَارَب بحكمة ورويَّة، والتعيينات التي حصلت، وتلك التي ستحصل في وقت قريب، لن تحصل على قاعدة الكيدية والثأر، وهذا ما يجعل المعارضة مغلولة اليد في المواجهة التي تتطلب استعداداً غير متوافرٍ الى الآن مع هذا الفريق، الذي لا يجرؤ على فتح أي ملف، لأن ذلك سيرتد سلباً عليه، كون وجود ملفات كثيرة إن هي فتحت فإنها ستؤدي الى وضع "غالبية قادة هذا الفريق في السجون، والذي سيهرب منهم حكماً سيبقى ردحاً من الزمن في الغربة، التي ستكون قاسية عليه حيث لا حاشية ولا أزلام ولا من يحزنون.
 

السابق
نفط لبنان (2): القصة بدأت في الجنوب… وقد تنتهي هناك
التالي
ليس بَينكم قدّيسون!