مثل غسّالات وادي الحجير

 لقلة المياه في جبل عامل في البيوت، كانت النسوة يذهبن بالثياب وأغطية الفراش وأواني الطبخ والحصر والأبسطة الوسخة إلى البرك. وفي القرى القريبة من وادي الحجير كن يقصدن مجرى الماء فيه لغسل الأشياء المذكورة وتنظيفها والاستحمام فيه. وفي وادي الحجير يمر طريق رئيسي يصل ما بين قرى قضاء بنت جبيل وقضاء النبطية ومرجعيون. وبما أن النساء أثناء الغسيل والتغسيل يخففن من ثيابهن ويشمرن عن سيقانهن ويكشفن عن رؤوسهن وأذرعتهن ليسهل عليهن العمل، فقد كن حذرات من أن يراهن أحد من الرجال المارين على الطريق، فيقمن بأعمالهن ما أمكنهن في مواضع تحجبهن عن الأنظار كالشجيرات أو الصخور أو المنخفضات عن الأرض. ولكن بعضهن ممن لم يتمكَّن من إيجاد مخبأ أو لم يحاولن الاختفاء فإما عن سوء نية أو عن غباء كن إذا رأين رجلاً أصبح في محاذاتهن على الطريق يمشي على قدميه أو سائراً وراء دابة أو ممتطياً لها وهو في شاغل عما حوله بعناء السفر وهموم الحياة ومشاغلها، يفاجئنه بصرخة تجفله وتجعله يلتفت نحو مصدر الصوت قائلة الواحدة منهن: (يا رجّال يللي مارق عهالطريق لا تلتفت صوبنا نحن معرّايين) فيلتفت هازاً رأسه وكأنهن ينادينه للتفرج على عريهن. 

السابق
القادة العسكريين في مصر متهمون بإضعاف الثورة
التالي
مثل الفواخره لا دنيا ولا آخره