الأزمات والتحديات ليست في إجازة

 مجلس الوزراء في إجازة بعد ثلاث جلسات فقط. وليس ذلك مألوفا، وإن كنا في صيف الاجازات والسباق مع رمضان كريم في آب. فالأمر الطبيعي بعد أشهر من انقطاع الجلسات هو أن يكون العمل المتواصل من واجب مجلس الوزراء، والاجازة من حق لبنان. العمل لاتخاذ قرارات بالنسبة الى القضايا التي تراكمت في المرحلة الماضية والمسائل والتحديات الجديدة. والاجازة من معارك الثرثرة السياسية التي لا تقدّم ولا تؤخّر.
لكن الاجازة ذهبت الى مجلس الوزراء من دون تبرير. فلا ثلاث جلسات تكفي للشعور بالتعب والحاجة الي استراحة محارب. ولا ما تقرر فيها هو من النوع الذي يستحق مكافأة. إذ البارز في القرارات غير الروتينية هو الموافقة على تعيينات مقررة سلفاً خارج المجلس. واللافت هو ارتكاب مخالفة دستورية وقانونية في طلب السماح بالانفاق على أساس موازنة 2011 التي لم يدرس مشروعها مجلس الوزراء ولا المجلس النيابي.

ولعل الإجازة فرصة لتحضير طبخة جديدة من التعيينات من خارج المجلس وآلية التعيينات. وهي بالتأكيد للبحث عن ترتيب قانوني للخروج من الخطأ الدستوري في الموضوع المالي، ولضمان الحصول على المبالغ المطلوب إنفاقها. فهل كان هذا الخطأ هو العامل الوحيد الذي يدفع كثيرين الى القول اننا في (حريرية من دون حريري) عندما يتعلق الأمر بالسياسات المالية والاقتصادية? ومن الذي يتصور، برغم ما قرأناه في البيان الوزاري وما نسمعه يوميا، ان رجال الأعمال الأثرياء في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تسميها المعارضة (حكومة حزب الله) يختلفون في ادارة السياسات والمصالح عن رجال الأعمال الأثرياء في حكومة الرئيس سعد الحريري وحكومة الرئيس فؤاد السنيورة وما قبلهما?
مهما يكن، فان المشاكل فوق رأس لبنان ليست في اجازة. لا مشاكل البلد الكبيرة التي تحتاج الى تسويات بعدما صار الحوار جزءاً من المشكلة بدل الحل. ولا مشاكل الناس العادية التي تتطلب معالجات سريعة لا تزال غائبة.
فضلاً عن ان التحديات أمامنا أوسع من حصرها بالعنوانين اللذين نختصر بهما الخلاف في الداخل والمواجهة مع الخارج، وهما المحكمة الخاصة بلبنان وسلاح حزب الله. فمن في السلطة وخارجها يملك جوابا عمليا عن سؤال يفرض نفسه على لبنان واللبنانيين: ما العمل في مواجهة التطورات الاقليمية من حولنا، سواء منها التي نرتبط بها عضوياً أو التي نتأثر بها هامشياً? ومن الذي يعرف بالفعل وبالتفصيل ماذا في لبنان من خلايا ارهابية نائمة ومن شبكات تجسس وتخريب تابعة لقوى اقليمية ودولية كثيرة?
المهم في النهاية هو ألاّ نأخذ إجازة من العقل والواقعية والوطنية. 

السابق
ما الجديد في مقاربتنا السوسيولوجية للربيع العربي؟
التالي
مجتمع دولي بأجندة إسرائيلية