منظّمات المجتمع المدني المصرية والمال الأميركي

نشرت مجلة "آخر ساعة" (6 تموز 2011) تقريراً عن علاقة المنظمات المدنية غير الحكومية في مصر بالمنح المالية الأميركية. منه نقتطف:
كان تصريح السفيرة الأميركية الجديدة في مصر حول منح الولايات المتحدة 40 مليون دولار تمويلاَ لنشطاء وأحزاب مصرية نذيراً بشن حرب سياسية من قوى كثيرة ضد الولايات المتحدة على اعتبار ان التمويلات أو المعونات التي تقدمها الولايات المتحدة لمؤسسات دعم الديموقراطية تدخل في الشؤون الداخلية لمصر.
وبحسب ما نشرته الوول ستريت جورنال فان "آن باتريسون" السفيرة الأميركية الجديدة في مصر قد تحدثت عن تخصيص 65 مليون دولار للمساعدات المتعلقة بدعم الديموقراطية في مصر، وهناك 150 مليون دولار لتشجيع النمو الاقتصادي مضيفة ان 600 منظمة مصرية تقدمت بطلبات الحصول على المنح المقدمة لمنظمات المجتمع المدني.
المنظمات الأميركية مثل المعهد القومي الديموقراطي والمعهد الجمهوري الدولي تعمل في مصر على تشجيع الديموقراطية ودعم وتنمية قدرات منظمات المجتمع المدني المصري في المرحلة المقبلة كاشفة عن ان واشنطن انفقت 40 مليون دولار لدعم انشطة المنظمات الثلاث خلال الاسابيع الثلاثة.
ونفت وجود شروط على المساعدات ولكنها اعترفت بربط المساعدات الموجهة للصحة والتعليم في مصر بجوانب واهداف محددة مشيرة إلى ان الرقابة على انفاق المساعدات الاقتصادية في مصر تتم عبر برنامج المراجعة والمحاسبة التابع لمبادرة الشراكة الشرق اوسطية ومكتب المراجعة العام بالقاهرة والاثنان لهما قواعد واجراءات صارمة في المراجعة والرقابة.
ولأن الحذر هو سمة من سمات المراحل الانتقالية في أي دولة تمر بحالة مصر من نظام ديكتاتوري الى نظام ديموقراطي وقد كان للولايات المتحدة سمعة سيئة في العديد من مناطق العالم التي تدخلت فيها على هذا النحو مثل دول اوروبا الشرقية مروراً بافغانستان والعراق.
كل هذا معروف وهناك دراسات كثيرة رصدته ووثقته لكن هذا الاتهام بتلقي معونات وتمويلات تعدى الحدود وبدأت تستغله تيارات واحزاب تصفي مشاكلها الداخلية بتوجيه اتهامات بالخيانة والعمالة لخصومهم السياسيين.
نجد ذلك في توجيه اتهامات بعينها لمؤسسات المجتمع المدني وحقوق الانسان والحركات الشبابية مثل 6 أبريل وأخيراً مرشحي الرئاسة مثل الدكتور محمد البرادعي وايمن نور واخيراً هشام البسطويسي.
واستخدمت في هذه الحرب ما تم ترجمته من وثائق ويكيليكس التي تتحدث عن لقاءات جمعت معارضين ونشطاء مصريين بمسؤولين اميركيين وحديثهم قبل الثورة عن الاصلاح الديموقراطي وطرق المواجهة مع نظام مبارك. ووقتها عمل جهاز امن الدولة بكل طاقته لالصاق تهمة الخيانة بكل مصري تقابل مع مسؤول اميركي ويتحدثون عن مستقبل مصر وهو السلاح الذي اطلقه هذا الجهاز قبل سقوطه في يد الثوار لتشويه الثورة المصرية والمشاركين فيها واعتبر المرشح الرئاسي حمدين صباحي تصريحات السفيرة الأميركية بأنها تكشف النقاب عن رغبة جارفة لواشنطن لافساد المناخ العام في مصر بعد الثورة مطالباً بالكشف عن اسماء الذين حصلوا على معونة أميركا وشدد على ان المصريين الذين يقومون في الوقت الراهن ببناء دولتهم والانطلاق نحوالمستقبل لن يقبلوا بأي حال بأن تتبع الإدارة الأميركية سياستها القديمة في الوقيعة بين المصريين والبحث عن موالين لها عبر تلك المعونات.
كما ارسل حزب الوسط، خلالها خطاباً الى السفيرة الأميركية بالقاهرة مارجريت سكوبي طالبها فيه باصدار بيان عاجل بشأن التصريحات المنسوبة لآن باترسون. وشدد حزب الوسط في خطابه على ضرورة اعلان السفارة الأميركية عن اسماء الجهات اوالمؤسسات أو الاشخاص الذين حصلوا على الأموال تفصيلاً متضمناً قيمة ما حصل عليه كل منهم اعمالاً لمبدأ الشفافية والتزاماً بأحكام القانون المصري.
وكشف المنسق العام للجنة الشعبية للدستور المصري محمود عبد الرحيم عن رفض اكثر من عرض من مؤسسة اجنبية لتمويل نشاط اللجنة كان آخرها قبل يومين في اعقاب اطلاق مسدود "دستور الثورة" وبدء التحضير لحملة ترويج جماهيرية واسعة. وقال عبد الرحيم اننا رفضنا تمويلاً اميركياً في بداية عمل اللجنة بعد عرض تقدم به اميركي من اصل مصري للمساعدة بتوفير دعم توفره المعونة الأميركية كما تم رفض عرض تقدمت به مؤسسة كندية لدعم الديموقراطية قبل ايام. انطلاقاً من رغبة اللجنة في الحفاظ على استقلاليتها والابتعاد عن دائرة الشبهات. او محاولة التأثير على نشاطها بأي صورة من الصورة. وأكد عبد الرحيم ان اللجنة اعتمدت من البداية على الجهد التطوعي لأعضائها، ووجود تأييد واسع للمشروع في اوساط المثقفين والنشطاء، مكنها من توفير قاعات للاجتماعات التي امتدت لثلاثة اشهر بدون مقابل.
وقد تحدثت صحيفة (الوول ستريت جورنال) الأميركية الاسبوع الماضي عما قالت انه مخاوف المسوؤلين في مصر مما وصفوه بالتدخل السياسي الأميركي في الشأن الداخلي عبر تمويل الادارة الأميركية منظمات غير حكومية تعمل داخل البلاد، وقالت ان المسؤولين المصريين شككوا في اهداف الولايات المتحدة من وراء تمويلها المنظمات غير الحكومية في مرحلة التحويل الديموقراطي التي تشهدها مصر اما الأكثر غرابة واذي كشفته صحيفة وول ستريت جورنال فليس فقط وقوف انصار هذه المنظمات المصرية المختلفة في طابور طويل امام مكتب الوكالة الأميركية USAID بالقاهرة للحصول على اموال العم سام، وانما تعمدت الوكالة الأميركية تجاهل الحكومة المصرية الجديدة تماماً فيما يخص اختيار من تعطيه المعونات المالية الأميركية (وفق معاييرهم) واستبعاد أي دور للحكومة المصرية ما اغضب مصر بشدة واحتجت عليه لأنه يمثل انتهاكاً لسيادة مصر.
وقال جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان، ان بعض المنظمات التي تلقت مساعدات اميركية بعد ثورة 25 يناير، كانت تتلقى دعماً اميركياً مماثلاً اثناء حكم الرئيس السابق وكان لها دورها في مساندة نظامه وتسويغ ممارسات أجهزته طوال الوقت.

السابق
أيام كنا في معسكرات الفدائيين في الأردن
التالي
الخوف الأكبر للنظام الإيراني: الثورات العربية