مسابقة أهضم طفل على الفايس بوك

مئة طفل يشاركون مع أمهاتهم في مسابقة «أهضم طفل» التي أطلقها المصوّر بيار نويل سلامة. خلال فترة وجيزة ستطرح صورهم على «الفايسبوك»، لتختار اللجنة الحكم والجمهور الطفل الذي سيجلس على عرش «الهضامة»

ما إن قرّر بيار نويل سلامة فتح أبواب التسجيل في مسابقة «أهضم طفل» للسنة الثالثة على التوالي، حتى انتسب إلى اللائحة مئة طفل. فالأمهات ينتظرن مثل هذه الفرص ليوثّقن أنّ طفلهنّ هو الأجمل أو الأهضم، لا فرق. بينما الشركات المعنيّة بصناعة مستلزمات الأطفال تحاول الاستفادة تجارياً من الموضوع عبر تنظيمها مسابقات «أجمل طفل» التي سمح «الفايسبوك» بانتشارها على نحو أوسع؛ إذ سهّل موقع التواصل الاجتماعي الأبرز لشركات حليب الأطفال أو «الحفاضات» مثلاً، الترويج لمنتجاتها عبر إقامة مثل هذه المسابقات من دون تنظيم احتفال، بل بالاكتفاء بتحميل صور الأطفال ليُصوَّت عليها.

يفوز بعدها، طبعاً، الطفل صاحب العدد الأكبر من الأصوات. لكن سلامة يقترح شيئاً مغايراً بعض الشيء؛ فهو يعلن خلال الشهرين المقبلين الطفل الفائز في مسابقة «أهضم طفل»، التي ينظمها من خلال استوديو التصوير الخاص به. يصرّ سلامة على تسمية «أهضم طفل»، لا «أجمل طفل؛ لأنّ من الظلم أن نحكم بأنّ هناك طفلاً أجمل من آخر». لذلك، لا يسمح بإشراك الأطفال فوق الثلاث سنوات في المسابقة؛ كي لا يتحكّم الأهل بتصرفاتهم في الصورة، بحسب سلامة.

بدأ التسجيل في مسابقة «أهضم طفل»، في «معرض الحدائق ومهرجان الربيع» في أيار الماضي. يلتقط سلامة، خلال المهرجان، صوراً مجانيّة للأطفال ويدعو الأهالي إلى تسجيل أولادهم في المسابقة. ينتقلون بعدها إلى المرحلة التالية، أي تحديد موعد لتصوير الطفل المشارك في استوديو سلامة؛ إذ وحدها هذه الصور تُقبل للمشاركة. بعد أن تنتهي جلسات التصوير، بعد شهرين تقريباً، تُوضع الصور على الفايسبوك. لكن المصوّر يرفض أن يعتمد مبدأ الفوز في مسابقته على التصويت؛ «لأنّه ليس من العدل أن يربح الطفل الذي يتمتع أهله بعدد أكبر من الأصدقاء».

يأخذ سلامة المسابقة أكثر نحو الاحتراف؛ إذ تختار لجنة مكوّنة من ثلاثة مصوّرين ومختصّ في الـ«غرافيك ديزاين» الطفل الفائز من دون تجاهل دور التصويت على الفايسبوك والتعليقات. لا ينكر المصوّر العامل التجاري في الموضوع، لكنه يحاول التقليل من أهميّته، لافتاً إلى أنّه يخفض الأسعار للمشاركين، وأنّه في النهاية يحاول أن يروّج لطريقة عمل مختلفة من خلال «إدخال البعد الفنّي إلى الصورة العائليّة» كما يقول.

بين «أجمل طفل» و«أهضم طفل»، لا يبدو أنّ الأمّهات مشغولات كثيراً بهذا الموضوع؛ فرغم تفاوت الاهتمام بينهنّ بالمسابقة، بيد أنها لا تعني إلا شيئاً واحداً بالنسبة إليهنّ: «طفلي هو الأجمل ويستحق الفوز». وبما أنّ الأطفال أصغر من أن يدركوا بعد معنى المنافسة، تجد أنّ هذه المهمّة متروكة إلى الأمّهات. فيحدّثنك عن «نظرات حاقدة» يتبادلنها، بينما ترى جويل أنّ الخوف الوحيد في هذه المسابقات هو «صيبة العين». لكن مع ذلك هي مستعدة للمخاطرة، بما أنّ ابنها تيو ــ جو، وعمره عام ونصف عام، «حلو ويجب أن يدخل مسابقة كهذه»، وقد وضّبت له حقيبة مليئة بالملابس لتختار منها ما يناسب صورة المسابقة. بينما لا تجد بيتي نفسها مضطرة إلى فعل شيء مماثل، بما أنّ ابنتيها المشاركتين ترتديان كلّ يوم ما هو مميّز.

المعالجة النفسيّة جاكلين سعد تنبّه الأمهات من الموضوع، حتى إن كنّ قد اندفعن إليه بحسن نيّة؛ إذ إنّ للأمر آثاراً سلبيّة على الطفل، كأن يكبر فيصبح متعلّقاً كثيراً بمظهره الخارجي، ويتطوّر بعد ذلك مرض فقدان الشهيّة أو العكس الشره المرضي (البوليميا). وتضيف سعد قائلة إن هذه المسابقات يمكن أن تكون خطرة حتى بالنسبة إلى الأطفال ما دون ثلاث سنوات، بما أنّ «70% من ذكاء الطفل يتكوّن في سنواته الثلاث الأولى، فمن الأفضل عدم إخضاعه لهذه التجربة التي قد يكون لها تأثيرها على شخصيته مستقبلاً».

السابق
لبنان يتقاعس عن تقديم تقاريره الدولية عن حقوق الإنسان
التالي
ميفدون : تفاقُم الخلاف بين الأهالي والبلدية