الاخبار: عندما يكون السائل CNN والمجيب جعجع

الجديد في السجال الدائر حول المحكمة الدولية، هو بحسب أحد أولياء الدم أن «حجج» الأمين العام لحزب الله «جاءت متأخرة»، فهل هذا يعني أنها لو أتت أبكر لكان يمكن أن نرى قراراً اتهامياً مختلفاً؟ وماذا لو أن الحكم صدر وظهر القاتل، فهل سيقال له:

«Sorryوصلت متأخراً»؟
في وقت كان فيه نواب كتلتي حزبيهما، يعلنون ـــــ الواحد تلو الآخر ـــــ حجب الثقة عن الحكومة، ويدافعون عن المحكمة الدولية، ظهر رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل على شاشة «أخبار المستقبل»، ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع مع CNN بالعربية، ليقول الأول إن «حجج» حزب الله جاءت متأخرة، وليعلن الثاني معركة إسقاط الحكومة.
القاسم المشترك في المقابلتين لم يقتصر على أن الضيفين من الفريق السياسي نفسه، ولا على أن السائل والمجيب يكمل أحدهما الآخر، بل إن كلاً من المحطتين ركزت على «همها» الأول؛ فمعظم أسئلة «أخبار المستقبل» تمحورت حول الحكومة والمحكمة والشهداء والقرار الاتهامي وحزب الله. أما الـ CNN، فتدرجت من الحرب مع إسرائيل، إلى الوضع السوري وإمكان سقوط النظام وانعكاس ذلك على حزب الله، وتأثير وصول «نظام سني» على المسيحيين، وإمكان حصول صراع علوي ـــــ سني، ثم موضوع سلاح حزب الله، وبعد ذلك الحكومة والمحكمة الدولية.

وفي الأجوبة، تخوف جعجع (بحسب ما جاء على موقع الـ CNN) من اندلاع حرب إسرائيلية جديدة في المنطقة، من دون أن يحدد الطرف الآخر في هذه الحرب. لكنه أشار ضمنياً إلى «مصلحة» لكل من سوريا وحزب الله في إشعال التوتر في المنطقة؛ لأن من شأن ذلك، في رأيه، أن يؤدي إلى «تغيير معادلة» ما يجري في سوريا، وكذلك تغيير ما يجري في لبنان بالنسبة إلى الموقف من المحكمة الدولية. وفيما رأى أن «الموجة الديموقراطية في سوريا قوية جداً»، استبعد إسقاط النظام السوري؛ لأنه «قوي. ولم تظهر بعد علامات ضعف أو تشقق» داخله. وعزا عدم التعامل الدولي مع الوضع السوري بالطريقة التي تعامل بها مع أحداث دول أخرى، إلى أن «البدائل» في الموضوع السوري «ليست متوافرة بالشكل اللازم، وهذا ما يدفع المجتمع الدولي إلى الانتظار». كذلك استبعد وصول «نظام أصولي أو متطرف إلى سوريا»، وكذلك حصول صراع علوي ـــــ سني. وقال إن حزب الله، في حال تغيُّر النظام السوري الحالي «سيكون في موقف، على الأكيد، أضعف مما هو عليه في الوقت الحاضر».

ورأى أن السلاح أصبح عبئاً على الحزب، وليس عاملاً مساعداً له نتيجة «ما تمر به المنطقة عموماً، وتحديداً منذ تحرير جنوب لبنان عام 2000».
ورأى أن «حكومة ميقاتي أصبحت الآن في وضع غير مقبول»، وأخذ عليها أنها «أعادت استنساخ» ما ورد في البيان الوزاري للحكومة السابقة، في ما خص معادلة الجيش والشعب والمقاومة. أما في ما يتعلق بقضية المحكمة الدولية، فقد «أخذت منحىً آخر مختلفاً تماماً». وأعلن أن قوى المعارضة ستعمل بكل قواها لإسقاط هذه الحكومة، وأنها ستحاول تحقيق ذلك «بدون أي حركة في الشارع. ولكن إذا كانت هناك تحركات بالشارع، فستكون ضمن الحدود التي يسمح بها القانون فقط لا غير». ورفض مقولة أن قضية المحكمة ستطيح الاستقرار و«أكبر دليل على ذلك، ما الذي صار بعد صدور القرار الاتهامي؟»، مشدداً على ضرورة الالتزام بالمحكمة الدولية، وعدم الخوض في الاتهامات «الموجهة لأربعة أعضاء في حزب الله» حتى صدور الأحكام.

أما أجوبة الجميّل، فحفلت ببعض التناقضات؛ فهو من جهة ذكر أن قوى 14 آذار «متكلة على إيمان الشعب اللبناني من أجل إحقاق الحق وبناء وطن الحرية والكرامة». ومن جهة أخرى رأى أنّ «من الطبيعي أن نطلب من مجلس الأمن الذهاب إلى النهاية في قراراته، ومن كل الدول المعنية أن تساعدنا لإحقاق الحق». وعلى المنوال نفسه قال في مكان إن «المواجهة ليست بين أشخاص وأي طرف آخر، بل بين أشخاص والمحكمة الدولية». وفي مكان آخر يطالب حزب الله بأن «يتعاطى مع القرار كواقع، ولا سيما أن القرار يشفي بعض الغليل، والمطلوب من الحزب أن يأخذ مبادرة إذا كان لديه حس وطني حقيقي، وإذا كان حريصاً على المستقبل».

ومع تبنيه للقرار الاتهامي الذي قال إن الفريق الذي ينتمي إليه «لا يرى خياراً إلا به»، و«هو مهم لطيّ صفحة الاغتيالات»، فإنه لم يكتف برفض «القرائن» التي عرضها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وما أثاره حول بعض المحققين والمستشارين في المحكمة الدولية؛ إذ قال إن «حجج السيد حسن نصر الله لم تقنعنا وستأخذنا إلى المهوار؛ لأنها لم تشف غليل أحد»، لكن أي مقاربة لموضوع إسرائيل في القضية، عبر وصفه للقول إن المحكمة الدولية إسرائيلية بـ«التقليدي الذي سمعناه من أيام أحمد سعيد وعبد الناصر». مع الإشارة إلى أن الجميّل رد على سؤال لاحق: «كنت أفضل لو أن حزب الله وفر علينا وكشف الحقيقة منذ أن امتلك الأدلة. ولماذا لم يجهد لكشف الحقيقة حينها؟». ثم قال رداً على سؤال آخر إن حجج نصر الله «أتت متأخرة»!

وبعيداً عن الشاشات، تمنى المطارنة الموارنة، في بيانهم الشهري، على الحكومة الجديدة، أن «تعمد إلى احترام المواثيق والاتفاقيات والتقيد بالقرارات الدولية، وحفظ مكانة لبنان في مصاف الدول المتحضرة»، لافتين إلى أن صدور القرار الاتهامي في وقت كانت فيه الحكومة تستعد لمناقشة بيانها الوزاري «أجج الجدال وزاد الشرخ بين الأفرقاء السياسيين في لبنان»، لذلك ناشدوا الجميع «الحفاظ على مستوى النقاش الديموقراطي الراقي، والسعي إلى توحيد الرؤية وإظهار الحقيقة والعمل على تحقيق العدالة التي من شأنها وضع حد لمسلسل الاغتيالات ووأد الفتنة».

السابق
تحقيرٌ واتهامات وإهانات وشتائم
التالي
الحياة: البرلمان اللبناني يواصل مناقشة البيان الوزاري للحكومة وبندا السلاح والمحكمة بقيا في صدارة مداخلات النواب