الطليان.. منبهرون بالأنامل الصيداوية المبدعة

لا يمكن لأي زائر يقصد الكورنيش البحري في مدينة صيدا، وتحديداً قبالة ميناء الصيادين والمرفأ، إلا أن تجذبه «بسطة» متواضعة تزيّنها مجسّمات وأشكال مصنوعة من الصدف البحري، وبعض المنتوجات البحرية. ولعلّ السيّاح العرب والأجانب هم أبرز الذين يأتون الى زيارة المعالم التاريخية الموجودة في تلك المدينة، وتحديداً القلعة البحرية وخان الافرنج، والأسواق القديمة، ومتحف الصابون وغيرها من المعالم.

بلكنة عربية ممزوجة بالإنكليزية، يحاول أبو محمد حازم، وهو صاحب «البسطة»، أن يتفاهم مع مجموعة من السيّاح الأجانب من الجنسية الإيطالية، وأن يتواصل معهم ويتوصّل إلى تحديد أسعار منتوجاته، مستعيناً ببعض الأصحاب، ليشرح لهم عمّا أنتجت أنامله من أشكال، وعلى وقع انبهار «الطليان» بأعمال الصيداويين، عمدت المجموعة الايطالية إلى شراء العديد من تلك الأعمال كتذكار من لبنان

يشير حازم إلى أن صناعة الأشغال الصدفية مهنة عرفتها صيدا منذ عقود، نتيجة علاقتها المتواصلة مع البحر، ولكنها اليوم باتت من المهن النادرة التي يحافظ عليها البعض برموش العيون، لافتاً إلى أن مهنة نحت الصدف التي باتت اليوم مهددة بالاندثار والانقراض، وعلى المسؤولين اللبنانيين دعمها وتشجيع اصحابها، لأنها مهنة وفن راقيان، لا يحتاجان إلا الى ارادة وذوق.
وأضاف: «في فصل الشتاء تتدنى حركة السياح كما يتدنى البيع، فاضطر للجوء إلى عمل آخر في ظل الازمة الاقتصادية الخانقة والغلاء وارتفاع الاسعار، فهذه المهنة تكفي الانسان في فصل الصيف فقط»
.
«البحث عن أصداف وتجميعها في أشكال متعددة كانت هوايتي منذ الصغر». يوضح أبو محمد الذي رسمت التجاعيد على معالم وجهه الصعوبات المعيشية، أنه يحصل على صدفه من خلال البحث عنها على شاطئ البحر، وخصوصاً بعد العواصف وهبوب الرياح شتاء، ويشتري بعضها من صيادي الاسماك التي تعلق في شباكهم حيناً، ومن بعض الغطاسين الذين يمارسون هواية السباحة على الشواطئ الجنوبية الممتدة من صيدا الى صور بحثا عن أنواع مختلفة من الاصداف.

وقبل ان يحوّل الرجل الخمسيني الصدف بأنامله المبدعة الى عقود وأساور وتحف متعددة الاشكال والأحجام ويعرضها للبيع، يقوم بتنظيف الصدفة اولا من الاوساخ، ويزيل الشوائب عنها، ثم يرسم عليها بعض الاشكال الفنية او يكتب ويحفر عليها عبارات او احرف الاسماء، او الابراج، فضلاً عن صناعته ثريات صدفية تتدلى من سقف «بسطته».

ولا يتورع الرجل الذي يحاول أن يفشي اسرار البحر بين الحين والآخر عن إدخال موضة جديدة او ابتكار حديث، وآخرها سمكة بلاستيكية يرصعها بالاصداف، او سجادة حائط تعلق في صدر الصالون وهي تلقى رواجا، او صدفة صغيرة حفر قلبها ووضع فيه قرآنا كريما.

الصدف فأل خير وسعادة في اعتقاد الكثيرين من الصيادين، كما يقول أبو محمد الذي يفتخر بما قدّمت يداه من أعمال، تعجب مختلف الأذواق، حيث يقبل على شرائها ليس فقط السياح كتذكار، إنما العديد من المواطنين الذين يعتمدون الأعمال الصدفية في لائحة الهدايا، أو زينة في المنازل. ويشير أبو محمد إلى أن أسعار المعروضات الصدفية تختلف بين واحدة وأخرى، تبدأ من 7 آلاف ليرة.

السابق
جمعية نسوية تنظم مخيم التكنولوجيا للفتيات
التالي
الاسبانية تحتفل بيوم لغتها العالمي