خطة اجتماعات 14 آذار .. عـراك في المجلـس واسـتنساخ اسـتقالة كرامي

قطفت قوى 14 آذار، أمس، الورقة الأولى في معركتها السياسية الممنهجة ضد حكومة نجيب ميقاتي، بمجرّد تسلّم القضاء اللبناني رسمياً القرار الاتهامي في قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تزامناً مع تسريبات جديدة ـ قديمة حول تورّط أفراد من «حزب الله».

خطة المعارضة الحالية (14 آذار) لن تتوقف عند تسليم القرار الاتهامي، وفقاً لمحاضر الاجتماعات الأخيرة لفريق 14 آذار في باريس.

فقد أقر المجتمعون، إلى جانب سعد الحريري، بأن إحداث فجوة في جدار حكومة ميقاتي، تمكنهم من تدميرها واستعادة زمام السلطة، لا مناص من تنفيذها إلا من خلال أحد احتمالين، اما قرار اتهامي سريع يدين «حزب الله»، وإما سقوط النظام السوري في الأشهر القليلة المقبلة.

وبما أن الرهان الثاني، أي سقوط النظام السوري، بات توقعه أشبه بمن يتنبأ بنهاية العالم في العام 2012، فقد قرر المجتمعون، الضغط على الدول المعنية للتسريع بالإعلان رسمياً عن القرار الاتهامي، على أن تتبعه خطة محكمة: تشكيل «خلية أزمة» و«خلية نيابية»، و«مجلس وطني»، وثلاثة وفود سرّية.

السيناريو الباريسي، مكتوب بخطّ هادئ لا يشبه الوجوم الذي كان بادياً على وجوه المجتمعين، ولا يستثني التوجه العام لقوى 14 آذار حول علاقتها بميشال سليمان والبطريرك بشارة الراعي ووليد جنبلاط ونجيب ميقاتي، فضلاً عن اقتراحات متفاوتة حول طاولة الحوار، ولحظة الصفر: جلسة الثقة في المجلس النيابي.

وفي حين قرر المجتمعون وقف الهدنة الإعلامية مع سوريا، وتكثيف الاتصالات بالمعارضة السورية المقيمة في لبنان والخارج، فقد تم تشكيل «خلية أزمة»، تحلّ محل الأمانة العامة موقتاً، وتضم مندوبين من قوى 14 آذار، حيث تنتدب القيادات مندوباً واحداً عنها (بما في ذلك الكتائب)، يبقى مستعداً لاتخاذ القرار الآني في حال تعذّر الاتصال بالشخصية الرئيسية.

وفي الاجتماع، تمت تزكية أسماء نواب لـ«الخلية النيابية»، حيث عمد ممثلو اللجان النيابية إلى تسمية نائب واحد عنهم، بينما كتلة «المستقبل» حازت على أسماء أربعة نواب. وتقضي مهمة الخلية، وفقاً للمحضر، بوضع خطة إعلامية وسياسية، حول كيفية توقيت التحرّك عقب صدور القرار.

وقرّر المجتمعون، بعد أخذ وردّ، أن تكون لحظة الصفر في مجلس النواب، في أثناء جلسة الثقة بحكومة ميقاتي، وذلك بعد نقاش طويل ارتكز على اقتراحين: هل يحضر جميع نواب 14 آذار الجلسة، أم يكتفون بحضور فؤاد السنيورة عوضاً عنهم؟

فكانت النتيجة، وقد نالت موافقة الجميع، أن يحضر جميع النواب الجلسة، إثر صدور القرار الاتهامي واستغلال المنبر النيابي لشنّ كلمات متتالية، تعرّي الحكومة من نوافذ عدة، حتى ولو وصل الأمر إلى العراك بالأيدي «لأنه سيشدّ عصب الشارع»، وأبرزها: الهجوم على سلاح «حزب الله»، وإدانته باغتيال الحريري، وشنّ حملة على النظام السوري، وحملة تستهدف مخابرات الجيش اللبناني، لخلق حالة من التوازن تتلاءم مع هجوم 8 آذار على قوى الأمن الداخلي(أشرف ريفي ووسام الحسن).

وبينما أجمع المجتمعون على أن تشكيل حكومة ميقاتي أدى إلى خلق حالة من الإحباط عند جمهور 14 آذار، وبالتالي فإن (الجمهور) غير مستعدّ لتلقف القرار الاتهامي، فقد قرروا تشكيل مجلس وطني، يهدف إلى توسيع القاعدة السياسية، من خلال الترويج لعناوين عريضة، أبرزها سلاح «حزب الله» والمحكمة الدولية، وربط هذه القواعد الشعبية بمؤسسات المجتمع المدني في المناطق اللبنانية كافة، تحت سقف فريق 14 آذار مجتمعاً، وليس تيار المستقبل أو غيره.

وبعد مرور أكثر من ساعة، كرّر الحريري مقولته التي استهلها في الاجتماع، قائلاً: «القرار الظني في الوقت الراهن، سيساهم في تطويق النظام السوري من جهة، وسيشكل حالة توتر مذهبية تطالب بإسقاط الحكومة من جهة ثانية».

وأعقب مقولة الحريري، اقتراح يرمي إلى تشكيل ثلاثة وفود في حملة دبلوماسية، تكون مهمتها جلب دعم المعارضة. وإثر الموافقة على الاقتراح، قرر المجتمعون توزيع الوفود كالتالي: الأول يتجه إلى نيويورك وواشنطن، والثاني إلى فرنسا وبريطانيا، أما الثالث فوجهة طائرته تركيا.

وتظهر المحاضر، أن المجتمعين رأوا بأن «حزب الله» يتعمّد، بناء على خطة ممنهجة، حصر الخلاف في الحكومة بين ميشال عون وميقاتي، كي تكون المعركة سنية – مارونية، و«هو فخ لن نقع فيه»، ولن يسمحوا بنقل المعركة وحصرها بميقاتي – حريري.

وأثير في الاجتماع، وفقاً للمحضر، تفاوت في وجهات النظر، حول مثلث ميقاتي ـ سليمان ـ جنبلاط: «هل نعاملهم كجزء لا يتجزأ من قوى 8 آذار، أم ككتلة وسطية، أم نهادنهم؟»، فكان الجواب: «المؤكد هو أننا لن نريح ميقاتي ولو لثانية واحدة، كمرحلة أولى، خصوصاً أنه شخص يتراجع تحت الضغوط، وهذا ما حصل في طرابلس، وبالتالي لن نهادن معه. فهو، وجنبلاط، كانا السبب بوجود هذه الحكومة».

وتساءل المجتمعون عن كيفية نسج علاقتهم الجديدة بسليمان، بعدما أبدوا امتعاضهم الواضح من مواقفه، مؤكدين أنهم لن يستفزوه مباشرة و«لن نعامله كما كنا نتعاطى مع إميل لحود»، بل «نبقيه على الهامش أو نحيّده كوليد (جنبلاط)».

وبرر المجتمعون عدم استفزازهم المباشر لسليمان، بأنهم متوجّسون من تشكيل مثلث جديد بين سليمان – عون – الراعي، خصوصاً أنهم تلمسوا تقاسماً في وجهات النظر بينهم: «الراعي وسليمان يوافقان عون الرأي، بأن سقوط النظام السوري يعني كارثة بحق المسيحيين في سوريا ولبنان». وأكد المجتمعون على انحسار تأييدهم لبكركي، بعد موقف الراعي الداعم لحكومة ميقاتي، متسائلين عن ضرورة إيجاد خطة جديدة، تضمّن عدم إطاحة مثلث سليمان ـ عون ـ الراعي بدور سمير جعجع المسيحي.

وفي ما يتعلّق بالدعوة إلى طاولة حوار، رفضت «القوات» و«المستقبل» التئام الطاولة، انطلاقاً من رأيهما بأن تشكيل الحوار من شأنه أن يريح الحكومة، إذ تبقى الخلافات السياسية محصورة في تلك الغرفة، وبالتالي فإنها ستخفف عن الحكومة عبء الشارع.
أما الأمانة العامة، فقد وافقت على تشكيل طاولة الحوار، لكن بشروط، أبرزها: تعديل بنود الحوار، بحيث يتوقف الحديث عن الاستراتيجية الدفاعية لسلاح المقاومة، بل يُصار إلى نقاش ضرورة نزع سلاح «حزب الله».

ويؤكد أحد النواب المشاركين أنه طرحت في الاجتماع إعادة تكرار صيغة اسقاط حكومة الرئيس عمر كرامي في 2005، على أن يدخل نواب 14 آذار مجدداً بالشالات الحمراء الى القاعة العامة، ويصار في الوقت نفسه الى اقامة تجمع شعبي كبير أمام ضريح رفيق الحريري، يكون قابلاً للاتساع والتمدد، على أن يضبط ايقاعه تبعا لمسار المناقشات، بحيث يُقال كلام كبير يحاول إحراج ميقاتي ودفعه الى تقديم استقالته بالطريقة نفسها.

السابق
السفير: معارضو الداخل يشكّلون هيئة تنسيق لتنظيم صفوفهم السلطة السورية والمعارضة: للحوار مسؤوليات مشتركة
التالي
14 آذار: سيناريوهات المواجهة!