المستقبل: ميقاتي ونصرالله التقيا ولم يتفقا.. وجعجع ينبّه على ‘اللعب’ مع المجتمع الدولي

بقي المناخ اللبناني أمس، أسير موجة الحديث عن قرب صدور القرار الاتهامي عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، فكانت مواقف 8 آذار المترنّحة، تعكس بشكل واضح ما يحصل فعلياً في لجنة صياغة البيان الوزاري، حيث ينحو البعض نحو "التطرّف" في التعامل مع هذه المسألة، على قاعدة رددها في السابق وزير الطاقة جبران باسيل، مفادها: أسقطنا حكومة (الرئيس سعد) الحريري رفضاً للمحكمة، فهل من المعقول إسقاط هذه الحكومة للسبب نفسه؟
.
في هذا الوقت، قال مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا لـ"المستقبل" إنه "ليس صحيحاً ما أُشيع ونُشرَ عن تسلّمه مضبطة اتهام من المحكمة الدولية، إذ لا فرق بين ذلك وبين القرار الاتهامي، ونحن لم نتسلم أي شيء من هذا أو ذاك".

على أي حال، تعود اللجنة الوزارية إلى الانعقاد اليوم، بعد أن بدا من اجتماعها السادس أمس، أنها لم تحقق أي خرق على صعيد بند المحكمة الدولية، واكتفت باستعادة البنود الاقتصادية التي اتفق على مجملها في وقت سابق.
وقالت مصادر الرئيس نجيب ميقاتي لـ"المستقبل" إنه "حصل تقدم كبير في إعداد البيان، وباتت صياغته شبه نهائية ما عدا الفقرة المتعلّقة بالمحكمة الدولية، إذ إن هناك تشاوراً سياسياً حولها خارج نطاق أعمال اللجنة، ولا تزال الاتصالات جارية للتوصل إلى صيغة نهائية يتوافق حولها الجميع".

إلا أن الأوساط تكتمت حول أجواء هذه الاتصالات وفُهم أنه لم تصل بعد إلى مرحلة الحل.
وعلمت "المستقبل" أن لقاء حصل منذ بضعة أيام بين ميقاتي والأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله لكنه لم يؤدِ إلى تفاهم على صيغة محددة وواضحة ومتفق عليها في شأن المحكمة.
وأوضحت مصادر واسعة الاطلاع لـ"المستقبل" أن "حزب الله لا يزال يصر على عدم تضمين البيان الوزاري أي إشارة تتصل بالمحكمة، في حين يصرّ الثلاثي رئيس الجمهورية ميشال سليمان وميقاتي ورئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط على العكس، ووضع صيغة لا توسع الشرخ الداخلي ولا تضع لبنان في مشكلة كبيرة مع الشرعية الدولية وقراراتها".

وتعتقد المصادر أن "حزب الله لن يستطيع البقاء على موقفه حتى النهاية. لأن ذلك لن يعني إلا فرط الحكومة، وبالتالي لا بد أن يعود إلى القبول بصيغة ما في شأن المحكمة ترضي الجميع". وكان لافتاً حديث وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور عن وجود "طيف واسع في الحكومة، وفي البلد، لا يريد أن يضع لبنان في مواجهة المجتمع الدولي والقرارات الدولية"، فيما رأى باسيل أن "القرار الظني مبرمج مع البيان الوزاري، ويهددونا على أساسه".

وفي ما خص الحديث عن المادة 64 من الدستور والتي تنص على اعتبار الحكومة مستقيلة إذا لم تنجز بيانها الوزاري خلال ثلاثين يوماً، رفض النائب بطرس حرب أن "تكون النصوص في الدستور وضعت في سبيل الردع إلا إذا تجاوزت الحكومة المدة الزمنية المنصوص عنها دستوراً"، وقال: "إذا حصل ذلك، يعني أنها لم تستطع إنجاز البيان الوزاري لتنزل به الى مجلس النواب بغية نيل الثقة. وهذا يعني أن الحكومة غير قادرة على الاتفاق على برنامج موحد مما يعني أن عليها أن ترحل".

وفي حديث لـ"المستقبل"، اعتبر حرب أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "غير راغب في أن يذهب الى مكان أبعد في بند المحكمة ذات الطابع الدولي في البيان الوزاري. لذا، وبإزاء عدم الرغبة الصريحة، تصبح الحكومة بتشكيلها، دستوراً، وكأنها خالفت المادة 64 المذكورة آنفاً. ومن غير الطبيعي بتاتاً أن تصرف الحكومات الأعمال الى أبد الآبدين. إذ هذه الحكومة التي عجزت عن الاتفاق على البيان الوزاري والنزول به الى الهيئة العامة لنيل الثقة، وتستمر في العمل، وإن كان من باب تصريف الأعمال بمعناه الضيق، تكون تخالف الدستور، مما يفرض على ميقاتي أن يقدم استقالته".

وبالعودة إلى موضوع المحكمة الدولية، ، نبّهت كتلة "المستقبل" النيابية الى "خطورة ما يحمله بعض من في الحكومة من أفكار وتوجهات، من شأنها أن تناقض الإجماع اللبناني المكرّس والمتكرّر في ما خص الكشف عن المجرمين الذين ارتكبوا ووقفوا خلف جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الشهداء الأبرار والجرائم ذات الصلة، وضرورة محاكمة هؤلاء المجرمين وإنزال العقوبات بحقهم لكي تسود العدالة".

الى ذلك، كررت الكتلة تمسكها "بمنطق العقل والدستور والحياة السياسية الديموقراطية من طريق المعارضة السلمية البرلمانية الشعبية الشاملة إزاء تسلم الانقلابيين زمام الأمور الحكومية"، وقالت: "نتمسك بمصالح الشعب اللبناني ومكتسباته، ولن نقبل بخنق الديموقراطية اللبنانية وحقوق المواطنين وسنرفع راية المحاسبة الموضوعية لا الثأرية أو الانتقامية المصابة بجنون العظمة والارتياب".

من جهته، رد رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع على كلام الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله عندما قال: "نحن خرجنا من المحكمة ولا علاقة لنا بها"، متسائلاً: "هل المحكمة صالون أبو كوكو يدخل إليها ويخرج منها ساعة يشاء؟ كنتم موجودين عندما أقرت المحكمة في هيئة الحوار الوطني بالإجماع وأعيد تأكيدها في كل الحكومات وفي الأخص في الحكومتين الأخيرتين التي كان حزب الله شبه مشارك فيها".

وإذ أشار جعجع إلى أنَّ "موضوع المحكمة ميثاقي على المستوى الداخلي، أمَّا على المستوى الخارجي فإذا كان يفكر أحد اللعب بهذا الموضوع فهو سيضع لبنان في مواجهة مباشرة مع المجتمع العربي والمجموعة العربيّة والمجموعة الدوليّة"، قال: "من يقول إنه يجب ألا نصل إلى الفتنة فهذا الموضوع لن نصل إليه، أمَّا اللعب بالمحكمة الدوليّة بالتحديد فهو الوحيد ولا شيء غيره يمكن أن يوصلنا إلى الفتنة".

في موازاة ذلك، تعرّضت قافلة لـ"اليونيفيل" إلى اعتداء بالقرب من بلدة صريفا من قبل مجموعة من السكان المحليين وقد رشق بعضهم الحجارة على القافلة، ما أسفر عن جرح بعض الجنود وتضرر الآليات بحسب ما أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات الطوارئ، ما يشي بأن الرسائل عادت لتوجّه إلى الأمم المتحدة من بوابة "اليونيفيل" على اعتاب صدور القرار الاتهامي، خصوصاً وأن بعض الممانعين قالها وبصراحة إن "هذه القوات هي أسيرة لدى المقاومة".

السابق
الديار: مساعٍ لجنبلاط وبري الذي أعلن أن مهلة الشهر تسقط الحكومة القرار الإتهامي قريب ولا بيان وزاري ولن تكون هناك حكومة
التالي
بين إلغاء الطائفية والسلاح في التبانة وجبل محسن..