البناء: لجنة البيان الوزاري تستكمل ملفّاتها بانتظار تنضيج بند المحكمة وهل عاوَدَت واشنطن ولندن محاوَرة الأسد

مع توقع إنجاز الأكثرية الجديدة صيغة البيان الوزاري خلال الأيام المقبلة، وترجيح حصول الحكومة على ثقة مجلس النواب الأسبوع المقبل، ينتظر أن تشتد الضغوط الداخلية عليها من قبل فريق 14 آذار، وخارجياً من قبل الولايات المتحدة وبعض حلفائها في محاولة مكشوفة لتعطيل عملها ومنعها من معالجة الملفات الساخنة، خصوصاً تلك التي تراكمت منذ العام 2005 حتى الآن، وصولاً إلى محاولة إسقاطها. وهو ما كشف عنه العديد من أقطاب وقيادات المعارضة الجديدة بالسر والعلن، خصوصاً في ظل المعلومات التي تتحدث عن تطمينات أميركية لهذا الفريق بأنه سيعود إلى الحكم للسيطرة على مقدرات البلاد وإبقائها تحت الوصاية الأميركية وأن المطلوب الصمود قليلاً.
ويبدو من خلال المعلومات المتداولة لدى جهات سياسية مختلفة وبروز عدد من المؤشرات بينها استدعاء القضاة اللبنانيين في المحكمة الدولية من جانب مدعي عام المحكمة دانيال بلمار أن هناك اتجاهاً لإصدار القرار الاتهامي قبل أو بعد حصول الحكومة على ثقة مجلس النواب بهدف إرباك قوى الأكثرية الجديدة وبالدرجة الأولى الحكومة نفسها لإلهائها عن المهمات الكبيرة والعديدة التي تنتظرها وإشغالها بكيفية التعاطي مع قرار المحكمة، وحتى فتح معركة داخلية وخارجية ضدها في حال لم يكن موقفها من القرار متوافقاً مع ما يريده فريق 14 آذار وحلفاؤه في واشنطن وغيرها.
وأعلنت المحكمة الدولية أمس «أن الإجراءات القضائية هي التي تحدد ماذا ينشر ومتى».
كذلك نفى مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا الذي زار السراي أمس تسلمه القرار الاتهامي فيما أوضح ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان مايكل وليامز بعد لقائه الرئيس ميقاتي أمس أن ما ينشر عن تواريخ لصدور القرار الاتهامي هو مجرد تكهنات».
وقال وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش بعد انتهاء اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة إعداد البيان الوزاري مساء أمس ورداً على سؤال عما إذا تطرق النقاش إلى موضوع المحكمة الدولية «ربما تصل إلينا المحكمة الدولية قبل أن نصل إلى نقاش بند المحكمة».
الأسد استقبل وفداً من الكونغرس الأميركي
في هذا الوقت، برز أكثر من مؤشر إيجابي في سورية من شأنه أن يفضي إلى مزيد من الخطوات لإنهاء الأزمة التي تمر بها سورية، وصولاً إلى فتح آفاق الحوار الوطني الشامل، وأيضاً إنهاء ظاهرة المجموعات الإرهابية المسلحة التي كانت وراء سقوط أكثر من 1300 شهيد من القوى الأمنية في الفترة الماضية نتيجة أعمال الإرهاب والقتل التي مارستها في عدد من المدن والمناطق السورية.
وذكرت «سانا» أن الرئيس الأسد استقبل وفداً من الكونغرس الأميركي ضم النائب دينس كوسينيتش ووفداً مرافقاً وكذلك النائب البريطاني عن حزب المحافظين بروكس نيومارك.
وأكد الرئيس الأسد أمام الوفد على أهمية التمييز بين مطالب الناس المحقة التي تلبيها الدولة عبر المراسيم والقوانين التي أقرت، وبين التنظيمات المسلحة التي تستعمل هذه المطالب لإثارة الفوضى وزعزعة الاستقرار في البلاد.
وذكرت «سانا» أن النائبين كوسينيتش ونيومارك أعربا عن حرصهما على أمن سورية واستقرارها اللذين يعدان ركيزة أساسية للاستقرار في المنطقة.
وقال مصدر سياسي مطّلع لـ»البناء» إن زيارة الوفدين الأميركي والبريطاني مؤشر واضح الدلالة على أن الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية، ولو بوفد من الكونغرس لا من الإدارة، قد أيقن أن النظام في سورية قوي وثابت لدرجة أن المحنة ـ المؤامرة، المدبّرة عليه من كل جوانبها لم تستطع زعزعته وإن كانت قد أزعجته وكلفته نفسياً واقتصاديا. كذلك توحي الزيارتان أن قراءة جديدة للوضع في سورية بدأت تلوح في الأفق. فالشعب بغالبيته الواضحة يؤيد نهج الرئيس بشار الأسد المقاوم ومشروعه الإصلاحي، والمعارضة معارضتان: الأولى سِلْمية وحريصة على عدم التدخل الخارجي وعلى دولة المواطَنة المدنية الديمقراطية، في حين أن الثانية تخريبية إرهابية أكثر منها معارضة وطنية. وما المؤتمر الذي عقد، أمس، في فندق «سميراميس» إلا الدليل القاطع على ذلك.
يضاف الى ذلك، أن الجيش السوري الموحَّد يسير بصلابة خلف قيادته السياسية والعسكرية وقد نجح في الامتحان العسير الذي أريدَ له أن يفشل فيه. أما سياسياً على المستوى الخارجي فقد ثبت للعالم كله، لا لواشنطن والاتحاد الأوروبي فقط أن روسيا الاتحادية والصين عازمتان على استخدام حق النقض، وبالتالي حق تعطيل أي مخطط يرمي إلى توريط مجلس الأمن والمجتمع الدولي في مغامرة محفوفة بالمخاطر لا تحمد عقباها.
الجالية في الولايات المتحدة
وكان الرئيس الأسد أكد خلال لقائه وفد الجالية السورية في الولايات المتحدة أن «سورية تتعرض لحملة إعلامية لتشويه الحقائق وتحريف الوقائع».
وأشارت وكالة الأنباء السورية «سانا» إلى أن الحديث «دار حول دور الجالية السورية في المغترب في توضيح حقيقة ما يجري والمساهمة في نقل الصورة الحقيقية الى الخارج».
وأعرب أعضاء الجالية عن «دعمهم الكامل لمسيرة الإصلاح مؤكدين انتماءهم قلباً وقالباً للوطن سورية».
اجتماع للمعارضة الوطنية في دمشق
في الموازاة، انعقد في فندق سميراميس في دمشق أمس اول اجتماع لشخصيات من المعارضة السورية التي تقيم في داخل سورية والتي لا تنتسب إلى أي من الأحزاب المختلفة، وشارك في المؤتمر حوالى 200 شخص تحت شعار: «الإصلاح من داخل الدولة» ورفض التدخل الأجنبي.
ونقلت (سانا) عن المنظمين انهم تعهدوا في وثيقة «عهد» البقاء جزءا من انتفاضة الشعب السوري السلمية في سبيل الحرية والديمقراطية والتعددية بما يؤسس لدولة ديمقراطية مدنية بصورة سلمية وآمنة، معلنين رفضهم اللجوء الى الخيار الأمني لحل الأزمة السياسية ولأي خطاب أو سلوك يفرق بين السوريين على اساس طائفي او مذهبي او عرقي، وعدم الانجرار مع أي جهة تحاول إثارة هذه النعرات.
كما عبر المشاركون عن رفضهم لأي دعوة الى التدويل او التدخل الخارجي في شؤون سورية، وتغليب مصلحة الوطن والمواطن على كل مصلحة اخرى.
.. وهيئة الحوار
في هذا الوقت، كانت هيئة الحوار الوطني برئاسة نائب الرئيس فاروق الشرع تنهي اجتماعا عقدته بالاعلان عن لقاء تشاوري يعقد في العاشر من تموز المقبل دعت اليه جميع القوى والشخصيات الفكرية والسياسية الوطنية.
وكانت الهيئة قد عرضت موضوع التعديلات التي تبحث حول الدستور ولا سيما المادة الثامنة منه على جدول أعمال اللقاء. كما طرحت مشروعات القوانين التي طُرِحت على اللقاء التشاوري وخاصة قوانين الأحزاب والانتخابات والإدارة المحلية والإعلام.
وأكدت هيئة الحوار أنه لا بديل من المعالجة السياسية بأبعادها المختلفة وفتح الباب واسعاً أمام جميع المواطنين السوريين للمشاركة في بناء مجتمع ديمقراطي تعددي يستجيب لتطلعات الشعب السوري.
وقد رحبت واشنطن بحصول اجتماع للمعارضة السورية في دمشق واعتبرت الأمر «حدثاً مهماً».
وفي السياق أيضاً نظمت وزارة الإعلام السورية أمس جولة وسائل الإعلام الغربية والعربية إلى عدد من المناطق السورية وخاصة تلك التي كانت قد شهدت حوادث أمنية بسبب ما قامت به المجموعات المسلحة من اعتداءات على المواطنين والقوى الأمنية.
جوبيه والحملة ضد سورية
في هذا السياق، واصل وزير الخارجية الفرنسية آلان جوبيه حملته ضد سورية مطلقا في الوقت نفسه المزاعم والاكاذيب عن الوضع في سورية، وادعى ان الرئيس الاسد غير قادر على تغيير مجرى الاحداث في البلاد». اضاف: «رغم ذلك فان ظنوننا قد تخطئ اذا قام الرئيس الاسد باصلاحات جذرية خلال الاسابيع المقبلة يرضى عنها الشعب السوري».
ورأى ان الرئيس السوري بلغ «نقطة اللاعودة».
وردا على سؤال بشأن المعلومات التي تشير الى نقل حزب الله اسلحة من سورية قال: «من الواضح ان الوضع في سورية يهدد الاستقرار في المنطقة كلها، ولهذا نحن نحاول جهدنا اقناع موسكو بأن المسألة ليست شأناً داخلياً سورياً فقط، بل تؤثر في الشرق الاوسط ككل».
في هذا السياق ايضا، يقوم وفد مما يسمى المعارضة السورية التي تتحرك في الخارج بزيارة الى موسكو بعد استعداد الاخيرة للتواصل مع هذه المعارضة.
اجتماع لجنة صوغ البيان الوزاري
في الشأن الداخلي، انعقدت عصر امس لجنة إعداد مسودة البيان الوزاري في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي واستكملت بحث البنود المتعلقة بعمل بعض الوزارات.
واعلن وزير الإعلام وليد الداعوق بعد اجتماع اللجنة امس ان البحث لم يصل الى ملف المحكمة الدولية وهناك عدة امور تبحث بمختلف القطاعات».
وذكرت مصادر وزارية ان اللجنة انجزت في اجتماعها امس ما يتعلق بالشق الاجتماعي والسياحة والكهرباء والماء والبيئة. وقالت ان صيغة الشق الاجتماعي جاءت مقبولة كونها ركزت على تعزيز الصناديق الضامنة وقانون الشيخوخة والاهتمام بالفئات الاجتماعية المهمشة. كما تناولت الصيغة ضرورة فتح الحوار مع النقابات والاتحاد العمالي العام والمجلس الوطني لرسم السياسة الاقتصادية والمعيشية.
وأوضحت المصادر ان اللجنة ستتابع اليوم بحث الملف المالي والاقتصادي على ان تنتهي من بحث المسودة اليوم باستثناء البند المتعلق بالمحكمة الدولية الذي لم يعرض على النقاش حتى يوم امس. وقالت ان بحث هذا البند يتوقف على حصول توافق بين الرئيس ميقاتي وقوى الاكثرية الجديدة حيث الاتصالات بقيت مستمرة بين المراجع المعنية حول الصيغة التي ترضي الجميع.
اما في موضوع المحكمة فقد علمت «البناء» ان المشاورات استمرت في الساعات الماضية للتوصل الى الصيغة الملائمة. وقال مصدر وزاري مشارك في اللجنة لـ «البناء» انه لا يستطيع القول ان اللجنة قد تنتهي من هذا الموضوع في اجتماع اليوم وان الامور مفتوحة على كل الاحتمالات.
رعد والبيان الوزاري
في هذا السياق، قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد «إن بيان الحكومة لن يكون الا وفق ما تقرره الاكثرية الجديدة. وهذا متوافق عليه، وما يجري من نقاشات لا يؤخر من صدور البيان».
وقال ان «الحكومة الجديدة التي فاجأت من كان يصادر الدولة في السنوات الماضية، والذين لم يتوقعوا ان الاكثرية الجديدة تستطيع ان تشكل حكومة، بدأوا يتكيفون مع الواقع الجديد نتيجة ملاحظتهم أن القوى الدولية التي وعدتهم وطمأنتهم بأن لا حكومة في لبنان قد اعتذرت منهم وقالت ان لا قدرة لها على منع تشكيل الحكومة وهذه الحكومة لا يبدو انها حكومة يتسلط عليها من تدعون».
جنبلاط يسعى إلى استئناف الحوار
في مجال آخر، توقعت اوساط وزارية ان يقدم رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط اقتراحا لصيغة جديدة لطاولة الحوار تضم رؤساء الكتل النيابية الممثلة وغير الممثلة في الحكومة بالاضافة الى شخصيات مستقلة او من خارج فريقي المعارضة والموالاة.
وعلمت «البناء» ان وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور، تحدث اكثر من مرة خلال اجتماعات لجنة البيان الوزاري عن ضرورة تضمين البيان الوزاري للحكومة بندا خاصا بهذا المجال، على ان تطرح اولوية تحديد المواضيع والملفات التي تعرض في جلسات الحوار، على كل المعنيين بها مسبقا، كما علمت «البناء» ان الرئيس ميقاتي تشاور مع جنبلاط في هذا الموضوع.
شربل والأمن الداخلي
في سياق آخر، علم من مصادر موثوقة ان وزير الداخلية العميد مروان شربل وفي اطار الاصلاحات التي يعدها لمؤسسة قوى الامن الداخلي من النواحي الادارية والتنظيمية والمسلكية ابلغ بعض الاصدقاء والمقربين انه قد يتجه لشرعنة فرع المعلومات في قوى الأمن، على ان يبقى فرعا وليس شعبة وان تكون صلاحياته محصورة فقط بما يسمح به القانون، بالاضافة الى خفض عديد هذا الفرع بالشكل الذي يتلاءم مع مهمته التي يحددها القانون، مع التأكيد على إبعاد كل اجهزة مؤسسة قوى الأمن الداخلي عن كل ما هو طائفي وسياسي، على ان تكون بداية عملية الاصلاح في قوى الأمن هي بتشكيل مجلس القيادة.
وعلم ايضا، ان وزير الداخلية تحدث امام بعض الزوار والاصدقاء عن ان العلاقة الممتازة التي تربطه بكبار المسؤولين والسياسيين تسمح له باتخاذ القرارات الإصلاحية الملائمة لمؤسسة قوى الأمن والتي تهدف في نهاية المطاف الى إعادة ثقة جميع اللبنانيين بها وبدورها الوطني.
تهديدات «إسرائيلية» بالعدوان على لبنان
وعلى صعيد آخر، رفعت قيادة العدو «الإسرائيلي» من دائرة تهديداتها ضد لبنان وقالت مصادر امنية «إسرائيلية» ان «إسرائيل» «قد تشن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد الجنوب، اذا تدهورت الاوضاع الامنية في المنطقة».
ونقلت الاذاعة «الإسرائيلية» عن هذه المصادر قولها، ان حزب الله جعل من غالبية القرى في الجنوب «قرى متفجرة»، مشيرة الى انه جرى أخيرا اكتشاف وسائل قتالية ومقار قيادية وتحصينات تابعة للحزب داخل القرى الجنوبية.
وافيد امس، ان جرافتين «اسرائيليتين» عمدتا الى رفع سواتر ترابية حول مواقع المراقبة «الإسرائيلية» المقابلة لبلدة مارون الراس، فيما حلّق الطيران «الإسرائيلي» فوق بنت جبيل.

السابق
الحياة: وليامز بعد لقائه ميقاتي يعي التزامات لبنان ويقدّرها
التالي
البيرق: بند” المحكمة” ينتظر بلورة موقف موحد لبته في لجنة الصياغة