روبن هود الاخضر أمام مصرف لبنان

سلم الناشطون رسالة تطالب بإقرار ضريبة «روبن هود» (مروان طحطح)«روبن هود» أمام مصرف لبنان. تعيد هذه الشخصية الشهيرة تذكيرنا بمعادلة بسيطة «سلب الأغنياء لإطعام الفقراء»، لكنّ ناشطي البيئة في بيروت كانوا يهدفون إلى سلب عدسات الصحافة للمطالبة بأن تُقرّ ضريبة المعاملات المالية، التي يعوّل على أن يخصص جزء منها لمكافحة تغيّر المناخ

التظاهر ممنوع أمام مصرف لبنان. لم يوضح رجال الأمن من اتخذ القرار، لكن طريقة تعاملهم مع ناشطي الدفاع عن البيئة في رابطة «اندي آكت»، توحي بأن أوامر مشددة أعطيت لهم لمنع أي حركة احتجاجية أمام المصرف المركزي. فكيف إذا كان النشطاء يلبسون زيّ «روبن هود»؟ الشخصية البارزة في الفولكلور الإنكليزي، التي استمدت أسطورتها من شهرتها بسلب الأغنياء من أجل إطعام الفقراء. يهدف هذا التحرّك، الذي نفذ على نحو متزامن في أكثر من 35 بلداً، إلى دعوة رؤساء الدول الأوروبية إلى دعم ضريبة المعاملات المالية (FTT) التي يمكن أن تجمع مئات المليارات للتصدّي للفقر وتغيّر المناخ. ورفع الناشطون لافتة تقول: «ضريبة صغيرة للقضاء على تغير المناخ».

ويدل هذا التحرك في القارات الخمس على الدعم العالمي لضريبة المعاملات المالية والمعروفة شعبياً في العديد من البلدان بأنها «ضريبة روبن هود». «شريف نوتنغهام» إذاً ليس حاكم المصرف رياض سلامة. والتحرّك ليس موجهاً ضد سياسات المصرف المالية. رسالة الناشطين من بيروت تقول إنه في الوقت الذي يسعى فيه المدافعون عن البيئة في أوروبا إلى الضغط على الاتحاد الأوروبي لتبنّي هذه الضريبة، وتحويل جزء من عائداتها إلى مكافحة تغيّر المناخ، يقف ناشطون في النيبال ولبنان وغانا ويرفعون الشعار نفسه، مطالبين صنّاع القرار في بلدهم «بالضغط على الاتحاد الأوروبي لإقرار الضريبة».

لكن أيّ ضغط يمكن السلطات اللبنانية أن تمارسه على الاتحاد الأوروبي؟ في اليوم الذي أعلنت فيه سفيرة الاتحاد في لبنان أنجلينا أيخهورست أن بعثتها تخصص نحو 220 مليون يورو سنوياً على شكل هبات وقروض للبنان، ما يجعله في المرتبة الثانية للبلدان المتلقية لمساعدات الاتحاد الأوروبي للدول الواقعة على جوار الجنوب الأوروبي. ولعلّ أقصى ما يمكن أن تقدّمه بيروت إلى ناشطي البيئة في حملتهم للضغط على زعماء أوروبا، فسحة من حرية التجمع والتعبير، كاد جهاز الأمن في مصرف لبنان أن يجهضها. ويأتي هذا التحرّك العالمي قبل يوم من انعقاد اجتماع القادة الأوروبيين في بروكسل، فيما يتزايد الزخم السياسي لاعتماد ضريبة المعاملات المالية، فالعديد من الدول تدعم هذه الضريبة، فضلاً عن رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيه مانويل باروسو. وصوّت أعضاء البرلمان الأوروبي في آذار لاعتماد هذه الضريبة (527 صوتاً لصالحها و 127 صوتاً ضدها)، وصوّت البرلمان الفرنسي الأسبوع الماضي معها بالإجماع، كما يهدف التحرك إلى الضغط باتجاه إقرار هذه الضريبة قبل انعقاد قمة مجموعة العشرين في تشرين الثاني المقبل، التي تترأّسها فرنسا.

وائل حميدان، المدير التنفيذي لرابطة «إندي آكت»، أعلن خلال التحرك أن ناشطي البيئة في بيروت يدعمون رفاقهم في أوروبا في هذا التحرك، لأن تغير المناخ ليس قضية محلية، بل قضية عالمية يتأثر بها العالم أجمع. وأضاف: «يدلّ هذا التحرك غير المسبوق على أن الناس في أنحاء العالم كافة يرغبون في أن تدفع المصارف الغنية نصيبها العادل للمجتمعات الفقيرة. ويطلق على هذه الضريبة اسم ضريبة روبن هود، لأنها تضمن النقل العادل للدعم المطلوب من الدول الغنية إلى الفقيرة. ونحن بحاجة إلى أوروبا لأخذ زمام المبادرة في هذا المجال».

تجدر الإشارة إلى أن حصّة لبنان من المساعدات السريعة التي أقرّت في قمة كوبنهاغن حول تغير المناخ عام 2009 وجرى تأكيدها في قمة كانكون عام 2010، تصل إلى 4.8 ملايين يورو، من أصل 30 مليار دولار أقرّت على نحو عاجل في سياق ما بات يعرف بـ«الصندوق الأخضر»، الذي سيتولّى إدارته البنك الدولي، يعاونه فريق استشاري يضم ممثلين عن 24 دولة متقدمة ونامية.

ويقول خبراء المناخ إنه بات من شبه المستحيل الحفاظ على درجة حرارة الأرض، فالوقوف عند ارتفاع يصل في حدّه الأقصى إلى درجتين مئويتين، يتطلب إعادة تركيز الغازات الدفيئة على ما يعادل 350 جزءاً في المليون من ثاني أوكسيد الكربون، علماً بأن مستوى تركيز الغازات الحالي يبلغ 394.35، وهو يرتفع نقطتين كل عام.

السابق
التفتيش يحقّق في تسريب «الاجتماع»: «ما تاخدوا الصالح بعزا الطالح»
التالي
تكريم للجنود الكوريّين والإيطاليّين