هل تلغى امتحانات الثانوية العامة بسبب تسريب الاسئلة؟

تسريب «ترشيحات» أسئلة مادة الاجتماع في شهادة الثانوية العامة فرع الاجتماع والاقتصاد التي تناولتها «السفير» في عددها أمس، تفاقمت لتبلغ حد عملية تسريب للأسئلة، إذ لم يعد الأمر يقتصر على سؤال يأتي من ضمن مجموعة من الترشيحات، بل بمسابقة كاملة، الأمر الذي لم يعد ممكناً السكوت عنه، خصوصاً أن مصير الشهادة الرسمية بات على المحك، وبالتالي صدقية الامتحانات، ومدى النزاهة في التعامل بمستقبل الطلاب.. حتى وصل الأمر بنقيب المعلمين نعمه محفوض للمطالبة بإلغاء امتحانات الدورة المشكوك فيها. فقد تبين صباح أمس أن «الترشيحات» لم تكن في الواقع سوى الأسئلة الكاملة لمادة علم الاجتماع مرفقة بـ»الباريم» أي الأساس الذي يعتمد في التصحيح، مكتوبة بخط يد أحد أعضاء لجنة مادة الاجتماع. وعرف عن وجود شهود يؤكدون صحة أن الأسئلة المكتوبة بخط اليد هي صحيحة وصادرة من داخل لجنة الامتحانات. وما زاد في الطين بلة، التسريبات التي حصلت أمس لمادة الفلسفة بحيث تداول الطلاب في سؤال الفلسفة المتعلق بالإدراك الحسي، فقد جاء في المسابقة كما سرّب. وأوضحت مصادر تربوية متابعة لـ»السفير» أن أسئلة مادة الاجتماع التي امتحن بها الطلاب في اليوم الأول، سُربت عند الواحدة من فجر الاثنين. وقبيل الامتحانات بساعتين، أجرى عدد من الطلاب اتصالات استفسارية بأساتذتهم حول الأسئلة، فحضر البعض منهم الى مراكز الامتحانات في حين اكتفى البعض الآخر بالمتابعة عبر الهاتف.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى مادة الفلسفة في فرع الآداب والإنسانيات، بحيث سرب سؤال عن الإدراك الحسي عشية يوم الامتحان. وأوضحت المصادر أن المعلومات التي حصلت عليها أتت عبر اتصالات هاتفية هذه المرة، ومن دون مستند خطي يثبت ذلك، ما أكد الشكوك بوجود عمليات تسريب منظمة للأسئلة.
وطرحت المصادر جملة أسئلة عن كيفية تسريب الأسئلة والغاية من خلفها، وهل المقصود هو وزير التربية والتعليم العالي الجديد حسان دياب، أم المطلوب الطعن بلجان وضع الأسئلة، أم أن هناك مخططاً لضرب الشهادة الرسمية، لا سيما أن انتشار خبر تسريب الأسئلة سينعكس سلبا على وضع الطلاب وأهاليهم على حد سواء، بعدما علموا بهذه العملية، وسيؤدي ذلك بالأهالي الى الطعن بالامتحانات إذا رسب أولادهم، أو المطالبة بالتساهل في التصحيح، وفي الحالتين يكون الحل غير طبيعي. ودعت الى معالجة الموضوع بقسوة وشدة، لإعادة الهيبة والمصداقية الى الشهادة الرسمية، لأنه إذا ضربت شهادة واحدة، فسيعمم ذلك على جميع الشهادات. وأكد المدير العام للتربية ورئيس اللجان الفاحصة فادي يرق لـ»السفير» أن الوزارة أحالت موضوع «التسريب» الى التفتيش المركزي، وأنه تم إرسال كل المستندات المتوافرة، على أن ترفع دعوى قضائية الى النيابة العامة ضد مجهول الى حين كشف الحقيقة.
وشدد رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب على أن نزاهة الامتحانات وشفافيتها بالنسبة الى الاساتذة والمعلمين هي خط أحمر، وأن الشهادة الرسمية هي هويتهم وكرامتهم وتؤكد على مستوى طلابهم، وأنهم حريصون كل الحرص على الامتحانات الرسمية وشفافيتها.
وأشار الى أن الرابطة، بعد التشاور، اتصلت بنقيب المعلمين نعمه محفوض، وتم التباحث في الموضوع، وتوجه وفد والتقى وزير التربية بحضور المدير العام، وطرح الموضوع انطلاقا من موقف الرابطة، وقدم للوزير ما لدى الرابطة من مستندات لكشف التزوير. ونقل عن الوزير أنه وعد بإحالة الملف الى التفتيش والتحقيق، وإذا تبين وجود تسريب فعلي للأسئلة فسيتم السير بالموضوع الى نهايته.
من جهته، رفع نقيب المعلمين من سقف المطالبة، ودعا من خلال «السفير» الى محاسبة المخلين بأمن أسئلة الامتحانات وقال: «إذا ثبت أن تسريب الأسئلة حصل من داخل اللجنة فيجب إحالة اللجنة بأكملها مع الموظفين الى التحقيق، أو إلغاء الامتحان». بدوره، أشار الأمين العام لنقابة المعلمين وليد جرادي الى أن النقابة سبق أن طرحت مساهمات عدة للمراقبة في وضع الأسئلة بعيدا عن التعقيدات، وأيضا في المراقبة ولكن من دون نتيجة.
ودعا النقابي محمد قاسم الى ان تتحمل وزارة التربية المسؤولية كاملة وليس الاعتماد على تحويل الملف الى التفتيش، بل الى القضاء والأمن، لأن أساتذة التعليم الثانوي هم المعنيون بالموضوع.
هيئة التنسيق
طغى موضوع تسريب أسئلة الامتحانات على المؤتمر الصحافي الذي عقدته هيئة التنسيق النقابية أمس، بدلا من الاعتصام الذي كان مقررا في ذلك اليوم في أعقاب تشكيل حكومة جديدة، لنقل مطالب الهيئة الى الحكومة عشية إعدادها البيان الوزاري. وتلا حنا غريب باسم روابط ونقابات الأساتذة والمعلمين والموظفين في القطاع العام، بيان الهيئة بعد تشكيل الحكومة، وأكد على ضرورة أن «يشمل البيان الوزاري العناوين الأساسية للمطالب التي تعتبرها الحد الأدنى المقبول، الذي على أساسه ستحدد هيئة التنسيق موقفها وأشكال علاقتها مع الحكومة مجتمعة ومع الوزراء المعنيين كل في مجاله».
ولخص غريب العناوين بالآتي: التأكيد على حماية السلم الأهلي والحريات العامة السياسية والنقابية وأشكال التعبير الديموقراطي وتطوير آليات العمل النقابي وإقرار حق التنظيم النقابي للعاملين في القطاع العام، وذلك بتعديل قانون الموظفين وعصرنته ليتماشى مع حق الموظف بالانتساب الى نقابات تعبر عن حقوقه ومصالحه وتطلعاته وتحفظ حقه الديموقراطي. وتفعيل المؤسسات الدستورية والمؤسسات العامة ومؤسسات القطاع العام بما يكفل تأمين الخدمات العامة للمواطنين ويلبي المطالب المحقة لكل القطاعات ويؤمن حصول اللبنانيين على الكهرباء والمياه والهاتف والنقل العام والخدمات الصحية وغيرها من الخدمات التي هي من أبسط الحقوق الواجب توفيرها للمواطنين.
ودعا الى إيلاء الملف التربوي الاهتمام المطلوب، خصوصاً لجهة تطوير وتعزيز التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية وتأمين مستلزمات النهوض كلها، والعمل على حماية المعلمين في القطاع الخاص من الصرف الكيفي وتعديل المادة 29 لحمايتهم من هذا السيف المصلت على رقابهم نهاية كل عام دراسي.
وطالب بمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وارتفاع الأسعار ووضع خطط وبرامج عمل ومشاريع وسن التشريعات للحد من هذه الأزمات التي باتت تثقل كاهل اللبنانيين وتضعهم في سباق يومي مع لقمة العيش والحد الأدنى من الحياة الكريمة. وشدد على الإسراع بإقرار تصحيح الرواتب والأجور بما يوازي نســبة التضــخم التي تجاوزت الستين في المئة.
وردا على سؤال لـ«السفير» حول ما إذا كانت هذه العناوين قد رفعت الى الحكومة أم أن هيئة التنسيق ستكتفي بإيصالها عبر الاعلام؟ أوضح غريب أن ما ذكرته الهيئة في مؤتمرها موجه للحكومة وللأخذ به في بيانها الوزاري.
في أي حال، ينتظر أن تتحول وزارة التربية الى خلية نحل اليوم، وأن تتخذ جملة مقررات في أعقاب ما ذكر من تسريب لأسئلة الامتحانات، كما أوضح مصدر مسؤول، وان يترافق ذلك مع جملة تدابير إدارية، خصوصا أن لا امتحانات اليوم الأربعاء، ليكون يوم غد الخميس يوما جديدا مع تعليمات جديدة.

السابق
هآرتس: إسرائيل وتركيا تجريان “محادثات مفاجئه وسريه”قد تقرر مصير المنطقه
التالي
فـي مديـح سوريـا… مستقبـلاً!