بري وحزب الله: تفريط وإهمال

بوكس: بري فرط ب"حقوق شيعية" بمجلس الوزراء وهو تفريط لا يحقّ له
بوكس: خال العميل م. عطوي وجدّه قتلتهما المقاومة: حزب الها تساهل في تنسيبه

يحتكم اللبنانيون الى النظام السياسي في حياتهم الدستورية والقانونية التي جرى اقرارها بعد اتفاق الطائف، ورغم الاعتراضات والملاحظات التي ترد على السنة وفي بيانات العديد من القوى السياسية او المواطنين، يبقى هذا الاتفاق هو ناظم الحياة الدستورية الى ان يتفق اللبنانيون على تعديلات دستورية جديدة.بهذا المعنى يمكن ان نفهم الارباك لا بل الاعتراض الذي عبر عنه حلفاء الرئيس نبيه بري في ما شاب عملية تشكيل الحكومة الميقاتية، في تجاوزه العرف الدستوري الذي ساوى بين عديد الوزراء من
ممثلي الطوائف الثلاثة الكبرى في حكومات ما بعد الطائف، فقرر ان يتنازل عن مقعد شيعي (ليس من حصة بري) لحساب زيادة تمثيل وزراء من طائفة اخرى.

تحفظ العماد ميشال عون على هذه الخطوة رافضا تكرارها لاحقا، فيما دعا رئيس لجنة الادارة والعدل النيابية روبير غانم الى تشريع هذه الخطوة بجعلها من الناحية الدستورية بعتبارها "لمرة واحدة فقط". بري اعتبر ما قام به عملا وطنيا وخطوة سياسية ذكية، تنم عن شعور عال بالمسؤولية كما يروج اعضاء في كتلته النيابية. وهو ذهب الى ابعد من ذلك: "اريد ان اختبر زعامتي"! خطوة تتخطى تنازله الشهير عن وزارة المالية منذ مطلع حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام 1992، باعتبار الوظيفة الوزارية تختلف عن المسألة الميثاقية. فالميثاق يؤكد على التوازن في التمثيل بين الطوائف في المؤسسات الدستورية، ولا يتطرق الى الوظيفة الوزارية.

في هذا السياق يؤكد مرجع قانوني انه ليس في الدستور اللبناني ما يتناول حقوق الطائفة، مشيرا الى ان في القانون اللبناني حقوقا لطائفيين (اي المنتمين الى طائفة). ولفت الى ان الطائفية، انطلاقا من الميثاق، تعلو على الدستور، في مرتبة ما بين الحقوق الطبيعية التي منحها الله للبشر وبين الدستور. من هنا يشدد المرجع على ان خطوة بري أخلت بمبدأ التوازن الدستوري، في مخالفة دستورية صريحة وغير مبررة لأنه لا يوجد ظروف استثنائية او حالة طوارىء تعيشها البلاد تبررها، وهي خرق للميثاق الوطني، كما أنّه ليس في النظم الديمقراطية والدستور مبايعة تتيح لاحد اي كان حق التنازل عن حقوق لا تندرج في صلاحيات ممثلي الناخبين.
وبالتالي هل يملك بري وحليفه حزب الله حق الاخلال بالتوازن في الحكومة؟ الجواب من حلفاء حزب الله في الحكومة قبل خصومه هو: لا. والا فما معنى ان يتحفظ الحلفاء رغم علمهم بأن القيادة السياسية الشيعية وافقت بل بادرت الى هذه الخطوة؟تعامل بري ليس كممثل سياسي لفئة لبنانية وشيعية، بل كأن لديه تفويضا لا يملكه، ذلك ان مثل هذا التنازل الذي قام به ليس شأنا حزبيا او سياسيا، او قرارا استنسابيا، فهذه من حقوق التمثيل الطائفي الميثاقية، التي لا تتيح لزعماء في الطوائف او احزابها التصرف بها.

وفي ظل عدم وجود مبايعة في نظامنا الدستوري، ولا تفويض من عموم المنتمين الى الطائفة الشيعية، الى التحفظ على هذه الخطوة من قبل ممثلي الطوائف الاخرى، يعكس هذا السلوك السياسي لدى بري انتهاكا للمعايير التي تتيح للزعيم السياسي تجاوز الصلاحيات او تحديد ما يجب الوقوف عنده ، بل انتقل بتعسف الى ابتداع صلاحية مطلقة، او ديكتاتورية حقيقية، الى حدود عدم المبالاة بتفسير ما قام به دستوريا وقانونيا الى جمهوره واللبنانيين الا الحديث عن الكرم والايثار وهذا لا مكان له في تطبيق الدستور.
"اريد ان اختبر زعامتي"، قال بري وهو يقوم بالمخالفة الدستورية والميثاقية، ربما كان اختبار الزعامة اجدى باعادة توزير وزير الصحة محمد جواد خليفةوهو انتهك الميثاق والدستور والقواعد العرفية.

ملاحظة على الهامش:
يروى ان ابن عائلة لبنانية معروفة جدا طلب الزواج من كريمة وزير مصري سابق من العهد الملكي، بعد مرور اكثر من ثلاثين عاما من خروج الوزير من الحكم…. لم توافق الحكومة المصرية على هذا الزواج الا بعد مرور عشر سنوات اقتضت التقصي عن طالب الزواج واجراءات قانونية معقدة…. لكن في بلاد المقاومة والشهداء اخيرا تم اكتشاف كادر امني في حزب الله من بين شبكة متعاملين مع العدو داخل الحزب… هذا الكادر المهندس (م. عطوي) خاله من اخطر العملاء في منطقة النبطية، وجده كذلك والاثنان قتلا بسلاح المقاومة في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي… من هو المسؤول عن تورط مثل هذا الشخص في العمالة؟ من المسؤول عن هذه العمالة للعدو وعن هذا الاذى للمحيط الاجتماعي؟ العميل مسؤول ولكن من فتح له باب اسرار المقاومة هو المسؤول اولا…

بقليل من المكر، وكثير من الأسف والحقيقة، يمكن قول التالي: عوّدتنا أدبيات "الثنائية الشيعية" أنّ بري مسؤول عن "إدارة حقوق الطائفة في الدولة" وحزب الله مسؤول عن "قيادة المقاومة العسكرية". في ما جرى الأسبوع الماضي بدا برّي أكبر المفرّطين بـ"حقوق الطائفة في الدولة" وبدا حزب الله متساهلا إلى حدّ الإهمال بـ"قيادة المقاومة العسكرية".

السابق
بلد الرسالة… الدموية
التالي
ما الذي سيقوله الأسد؟