ما الذي سيقوله الأسد؟

من المفترض أن يلقي الرئيس بشار الأسد ظهر اليوم كلمة للسوريين، بعد صمت طويل، والسؤال هو: ما الذي سيقوله بعد أن لجأ 10 آلاف من مواطنيه لتركيا، وقتل نظامه قرابة 1300 من الشعب، ناهيك عن الاعتقالات، والمفقودين؟
مصادري التركية تشير إلى أن الأسد قد يتحدث عن قوانين الأحزاب، خصوصا أن هناك ضغطا تركيا متزايدا على الأسد، وإلا أخذت أنقرة موقفا حاسما تجاهه، وهو ما يبدو أنه قد تم فعلا، أو أن أنقرة قاب قوسين أو أدنى، خصوصا أن المصادر تعتقد أن «الوقت قد فات»، والنظام تأخر كثيرا، وإن أقدم على أمر فهو لا ينفذه، وهذا هو المتوقع حتى لقانون الأحزاب، وهو ما نبهت له المعارضة السورية منذ أيام على اعتبار أن قانون الأحزاب سيكون شكليا.
وهذا أمر متوقع، ولذلك شواهد، فعندما أعلن عن رفع قانون الطوارئ أعقب ذلك اجتياح عسكري لمدن ومناطق سورية عدة، وبأسلحة توحي أن البلاد بحالة حرب، وعندما قيل إن أوامر الأسد قد صدرت بعدم إطلاق النار على المتظاهرين تزايد عدد القتلى، وذهل العالم من حجم الوحشية التي ارتكبت ضد المواطنين العزل، فكيف بعد كل ذلك سيصدق السوريون أولا، أو الأتراك والعرب والمجتمع الدولي، أن النظام جاد بالإصلاح؟ فحتى عندما قال الأتراك للأسد تخلص من أقرب الناس إليك، قاصدين رامي مخلوف وشقيقه ماهر، خرج مخلوف بمؤتمر صحافي يعلن فيه اعتزال التجارة لكنه لم يهدئ شيئا، بل إنه أثار موجة من التندر سورياً، ودوليا.

وإشكالية سوريا اليوم أن الجميع ينظر إلى ما يحدث فيها على أنه استكمال للمشهد العربي، أي كاتلوغ موحد لكل الدول، فكثر يعتقدون أن السوريين «يقلدون» التوانسة، والمصريين، وغيرهما، وهذا غير صحيح إطلاقا، فحجم وعمق المعارضة السورية بالداخل أكبر مما يعتقد الجميع، ومنذ عام 2000، أي منذ تولي بشار الأسد الرئاسة، ونوعية المطالب التي نسمعها اليوم من السوريين هي نفس مطالبهم منذ تلك الفترة، فكثر بيننا، مثلا، يتجاهلون أنه في سبتمبر (أيلول) 2000 كتبت المعارضة السورية ما سمي «بيان 99»، ثم ألحقوه بـ«بيان الـ1000»، ناهيك عما عرف بـ«ربيع دمشق»، بل إن من ضمن المعارضين للنظام، ومنذ سنوات، علويين، ومنهم من سجن أيضا.

ولذا فإن ما يحدث بسوريا اليوم ليس تقليدا لما يجري بالمنطقة، بل هو حركة أصيلة، ومن المهم هنا على كل متابع، أو معني، بالمشهد السوري أن يقرأ كتابا مهما صدرت نسخته العربية مطلع هذا العام بعنوان: «سوريا الاقتراع أم الرصاص» لكارستين ويلاند، وترجمه الدكتور حازم نهار، ودققه الدكتور رضوان زيادة، وكلاهما اسمان سوريان جادان.

أهمية هذا الكتاب أنه يكشف أن كل الوعود التي يقدمها نظام الأسد اليوم للتجاوب مع مطالب الشارع السوري عمرها 10 سنوات، وسبق أن وعد بها، ومنها تجنيس الأكراد! ولذا فعندما نتأمل مثل هذا الكتاب والوقائع التي يوردها، سنفهم جيدا لماذا خرج السوريون مرددين: «ما بنحبك.. ما بنحبك.. ارحل عنا أنت وحزبك»!

السابق
بري وحزب الله: تفريط وإهمال
التالي
هل دبّرت المخابرات العامّة مقتل الحريري؟