أطباء بلا حدود: 3 مراكز للنفس والجسد

انطلاقاً من ان “النفس تمرض كما يمرض الجسد”، وبعد الاطلاع على النقص الكبير في لبنان في هذا المجال، قررت منظمة اطباء بلا حدود الانطلاق بمشروع يقدم خدمات الصحة النفسية في 3 مراكز في لبنان.

بعد حرب تموز العام 2006 أنجز فرع المنظمة في سويسرا دراسة تقييمية معمقة في الفترة ما بين 2007 و 2008 لتقدير الحاجات الطبية في لبنان وتحديدها، فكان أبرزها ما يتعلق بالصحة النفسية، “لأن النزاعات المسلحة وأجواء التوتر المتكررة داخل لبنان خلفت وراءها مجتمعات تعاني جراحا عميقة وأشخاصاً يعانون توترا نفسياً شديداً، مما يبرز أهمية توافر خدمات الرعاية الصحية النفسية”. كما تحدثت الدراسة عن وجود “نقص مقلق في الطاقم المؤهل في هذا التخصص، اذ يوجد فقط 50 طبيبا نفسيا مسجلون رسميا”. على أن “إدماج خدمات الرعاية بالصحة النفسية داخل نظام الصحة الأساسي هو أحد الأهداف الأساسية التي يسعى مشروع منظمة أطباء بلا حدود الى تحقيقها في لبنان لفائدة اللبنانيين الأكثر ضعفاً، بالإضافة الى المجتمعات الفلسطينية، بعد ان بينت دراسة اجرتها الجمعية الاميركية للصحة النفسية مع المنظمة العالمية للصحة ان هناك 40 في المئة من اللاجئين الفلسطينين يعانون اضطرابات نفسية”.
أنشأت منظمة أطباء بلا حدود خدماتها الخاصة بالصحة النفسية في مصحة الأونروا ومستشفى حيفا الذي تديره جمعية الهلال الأحمر الفلسطينية داخل مخيم برج البراجنة للاجئين، الى مركز متخصص في الصحة النفسية تديره في بلدية برج البراجنة ويُقَدِّم خدماته كمصحة إحالة للحالات الأكثر تعقيداً التي يتم تحديدها على مستوى الرعاية الصحية الأولية.

دمج الصحة النفسية بالجسدية
عن المشروع تحدث رئيس البعثة في لبنان فابيو فورجيوني فقال لـ”النهار”: “ان تقديم خدمات الصحة النفسية الى السكان يتم من خلال فريق متعدد التخصصات يشمل اطباء ومعالجين نفسيين وممرضين وعاملين اجتماعيين ومرشد صحي وعاملين في الصحة المجتمعية، وهم موجودون في شكل يومي، إذ يستقبل المركز ما بين 20 و25 مريضا يوميا للعلاج، 60 في المئة منهم لبنانيين و40 في المئة فلسطينيين من المخيمات. وهذه السنة، عندما كبر المشروع، بدأنا نتابع اشخاصا من المناطق خارج بيروت. ويعمل الاطباء من خلال اتفاق يضمن وجودهم اليومي مع المرضى في العيادات الثلاث، واحدة في برج البراجنة و2 في المخيمات داخل المستشفيات، والهدف دمج الاهتمام بالصحة النفسية مع الصحة عامة لحفز المريض ليتابع مع طبيبه بحسب حالته النفسية. وفي العام 2009، اي عند انطلاق المشروع، استقبلنا 380 مريضا جديدا وقدمنا 2298 استشارة، وبعد سنة اصبح عدد المرضى الجدد 780 مع 5725 استشارة. وتستقبل المراكز حالات الاضطرابات النفسية الشائعة كالاكتئاب (33 في المئة) والقلق والذعر والرهاب اي الفوبيا او الخوف، واضطراب الوسواس القهري اي السرساب (23 في المئة) واضطراب الضغط الناتج عن صدمة.
وكذلك يتم التدخل في حالات الاضطرابات النفسية الحادة.
كما يجري الاهتمام بالمدمنين الذين يعانون الصرع (5 في المئة) والالزهايمر والتأخر عند الاولاد.
وأضاف فورجيوني: “المتابعة تكون على الصعيد النفسي وتأمين الادوية المجانية. ومعظم الحالات التي نراها هي اجتماعية، وغالبا نستقبل نساء معنفات او تعرضن لسوء المعاملة. وخلال عام واحد ارتفع العدد اكثر من الضعف لان الناس بدأوا يتقبلون فكرة طلب المساعدة وتنوع التخصصات الذي نقدمه ويدعمهم في شكل افضل، نتابع الجانب النفسي ونحاول ان نركز على العوامل الاجتماعية المسببة لهذه الاضطرابات من خلال العاملين الاجتماعيين العاملين معنا، وهناك احترام كبير لخصوصية المرضى”.
وعن الحاجة للمشروع يقول: “لاحظنا ان لا تركيبة للمتابعة النفسية وتقديم المساعدة الى البالغين. الفكرة هي في ادخال الصحة النفسية في النظام الصحي والحرص على المتابعة من قبل المسؤولين الصحيين في البلد، من جانب الاونروا والهلال الاحمر الفلسطيني في المخيمات ووزارة الصحة من الجانب اللبناني. ولاحظنا الحاجة من خلال الارقام التي ارتفعت اكثر من الضعف في السنة الاولى، وكذلك تقبل فكرة المتابعة النفسية، وهذا مهم بالنسبة الى المشروع الذي سيستمر 3 سنوات ونعمل بجهد لاشراك المعنيين الصحيين ليتابعوه في ما بعد، والقرار متوقف على النتيجة على الارض، واذا كان الفريق قادر على المتابعة وبنوعية جيدة.

وجود المنظمة في لبنان
مسؤولة الاعلام في المنظمة فاطمة العزة تحدثت عن وجودها في لبنان وقالت: “كان متقطعا، اذ بدأ العمل خلال الحرب الاهلية لمدة زمنية طويلة منذ العام 1976 وكان التدخل في الجنوب ومناطق من بيروت، وبقيت المنظمة موجودة الى العام 1984، كان هناك وجود للمنظمة في التسعينات. ثم عدنا خلال حرب تموز 2006 وعملت المنظمة في اكثر من منطقة جنوبية، وفي بيروت وطرابلس وبعلبك. كما تدخلت في العام 2007 خلال معارك نهر البارد لتأمين المواد الطبية والادوية للبنى الصحية الموجودة في نهر البارد. وباشرنا وجودا دائما منذ كانون الثاني 2009 في برج البراجنة.

السابق
القوة الايطالية تؤهل طريقا في الجنوب
التالي
سقوط التفاهم أمام عقدة التصلّب