عصفوران على الدبق !

لم يكن وليد جنبلاط أول عصفور يعلق على الدبق، كما قال قبل ايام. فقد سبقه الى هذا نجيب ميقاتي، الذي فقد الاتجاهات كليا. فويله الآن إن حكى وويله ان لاذ بالصمت، في وقت تنام الجمهورية وتستيقظ على اسئلة تتعلق بالعقد التي تحول دون تشكيل الحكومة، بعد اربعة اشهر ونيف على ما سماه الرئيس المكلف محاولة لانقاذ البلد، فإذا به يحتاج الى من ينقذه من الفشل، الذي بات الآن أقرب الى الافلاس السياسي، وخصوصا اذا اضطر الى الاعتذار عن التشكيل، او اذا سحب "الانقلابيون" على حكومة سعد الحريري بساط التكليف من تحت قدميه !

والمثير ان التراشق في مسألة تعطيل التشكيل يتم داخل جماعة 8 آذار التي تحولت بالقسر اكثرية، لكنها سرعان ما عجزت عن التفاهم على تشكيل حكومة وسط تفسيرات متناقضة، تقوم، كما يقول جنبلاط، على ذهنية تفترض وجود مؤامرة في كل شيء يصعب تحقيقه او الوصول اليه. وهكذا عندما قيل ان هناك ضغوطا اميركية تمنع التشكيل كان من الطبيعي ان يقول البعض ان افضل رد على هذه الضغوط هو المبادرة الى حل العقد داخل 8 آذار وتشكيل الحكومة بسرعة، وبالتأكيد لن يكون في وسع جيفري فيلتمان او السفيرة كونيللي، ان يعرقلا اعلان الحكومة السعيدة فيصعد ميقاتي الى بعبدا ويتفق في خلال خمس دقائق مع الرئيس ميشال سليمان ثم تعلن الحكومة، لتكون الافراح عامرة في ديار آل 8 آذار. ولكن الامور والعقد ليست في الخارج، ربما لان دود الخل منه وفيه كما يقول المثل، بمعنى ان العقدة الكأداء هي داخل صفوف المتحالفين، وفي هذا السياق يمكن النظر الى وليد جنبلاط على انه شاهد من اهله عندما يقول: "ان الحلفاء في حزب الله يضعون الجنرال ميشال عون في الواجهة ولا يريدون تشكيل الحكومة… والحكومة ضرورية للمقاومة ولسوريا وللمستوى الاقتصادي والاجتماعي، لتجاوز ما يعانيه البلد، وخصوصا ان اربعة مليارات دولار قد خرجت من المصارف اللبنانية".
ولماذا لا تتألف الحكومة؟

لأن حلفاء جنبلاط كما يقول: "يفكرون بمنطق غير منطقي ولا افهمه". وعلى هذا الاساس كان مفهوماً بعد ايام على هذا الكلام، التراشق غير المباشر بين ميقاتي، الذي يقول انه لم يتسلم شيئا من لائحة الاسماء المنتظرة، بينما يؤكد "التيار الوطني" انه سلم ميقاتي هذه اللائحة السعيدة !

طبعا لا نعرف من نصدّق، فالكلام صار مثل الرماد الذي يذر في العيون والعقول والآذان. واذا كان جنبلاط وغيره يراهنون على قيام "حزب الله" بالضغط على عون لدفعه الى قبول شروط التشكيل المعقولة، فليس عليهم الآن الا قراءة كلام عون الذي قاله لفيلتمان ونشره موقع "ويكيليكس" وفيه: "ان حزب الله هو الذي يحتاج اليّ ولا احتاج اليه"! عندها يمكن ان نفهم لماذا يرفع جنبلاط العشرة معلنا انه محبط ومقهور وعالق على الدبق… طبعا الى جانب عصفور آخر اسمه نجيب ميقاتي!

السابق
اللواء: السفيرة في باريس تنفي الإستقالة… وجوبيه وهيغ ينزعان الشرعية عن الأسد
التالي
انكشاف المنطق الشكلي