المستقبل: برّي يحذّر من اغتيال آخر لتفجير فتنة مذهبية

رغم التحديات الكبرى التي تواجه البلاد، وليس أقلها الاعتداء الإرهابي الذي استهدف دورية من الوحدة الإيطالية في قوات "اليونيفيل" جنوباً، والفراغ الحكومي الذي ينعكس سلباً على كل مفاصل الحياة العامة في لبنان. بقي ملف "الاتصالات" ومحاولة السطو على أملاك الدولة، محور متابعة، واتخذ الملف أمس بعدين جديدين تمثل الأول في كتاب وجهته المديرية العامة لرئاسة الجمهورية الى وزارة العدل بناء على توجيهات رئيس الجمهورية ميشال سليمان "لاتخاذ الإجراءات القانونية في شأن عدم تنفيذ المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي كتاب وزير الداخلية والبلديات المستقيل – المعتكف زياد بارود القاضي بالعمل فوراً على إخلاء الطابق الثاني من مبنى وزارة الاتصالات".

أما البعد الثاني فجسدته لجنة الإعلام والاتصالات التي ناقشت حادث وزارة الاتصالات والمسؤوليات المترتبة، وعوض توفير الحلول زادت الأزمة تعقيداً من خلال انعكاس الانقسام النيابي السياسي الحاد بين نواب فريقي 8 آذار المؤيدين للوزير المستقيل شربل نحاس، و14 آذار الذين فنّدوا المزاعم، مدافعين عن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وإجراءاته الأمنية التي اتخذها لحماية ممتلكات الدولة، والمدير العام للاستثمار والصيانة عبد المنعم يوسف. فيما كان لافتاً أن نحاس، اعترف، أخيراً بقوله "نعم، أنا رحت الى الطبقة الثانية في ذلك اليوم 200 في المئة، حتى أفك المعدات، وكلا إن خطوتي لا تخالف قرار مجلس الوزراء". وأكمل محاولاته "الانفصالية" عن مؤسسات الدولة، وزارات وإدارات، فلم يتورع خلال الجلسة وبعدها عن استخدام عبارات تقسم الأجهزة الأمنية فئتين: الأولى شرعية وتتمثل بالجيش اللبناني والثانية "مجموعة مسلحين مدنيين وعسكريين قاموا باعتداء مسلح على الطبقة الثانية في عملية انقلابية"، في إشارة الى قوى الأمن الداخلي.
غير أن اللافت أكثر أمس، كان تحذير رئيس المجلس النيابي نبيه برّي من "وسائل متّبعة" لجرّ السنّة والشيعة الى فتنة من ضمنها تحضير اغتيال يستدرج ردات فعل مذهبية هنا وهناك".

الاتصالات
جلسة لجنة الإعلام والاتصالات شهدت عرض كل طرف ما يعتبره حججاً واعتبارات لتأكيد وجهة نظره، الأمر الذي حوّل الجلسة الى منازلة حقيقية على تحديد المسؤوليات لكن لم تخرج إلا باقتراح تشكيل لجنة فنية للبت بالأمور كافة، وتركت معالجة الجانب القانوني والقضائي للمشكلة الى رئيس الجمهورية ووزير الداخلية المستقيل – المعتكف.
وأشار رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله إلى "اقتراح على طاولة لجنة الاتصالات بتشكيل لجنة فنية متخصصة، للبت في كل الأمور، لأننا نريد أن نعرف ماذا يحتوي هذا المبنى. وهل صحيح أن هناك شبكة خلوي ثالثة تُشغّل خارج إطار القانون، ومن يشغلها؟ ولحساب مَن؟ وأين ذهبت أموال الدولة؟ وهل الحديث عن تفكيك الداتا صحيح؟(..)".
من جانبه، اعتبر نحاس أنّه "لا يوجد اختلاف بين تصرّف (المدير العام لـ"أوجيرو") عبد المنعم يوسف وتصرف اللواء ريفي، ومحاولة تكريس أعراف متنازع عليها"، مضيفاً أنّ "المسألة اليوم هي رهان مستمر بأنّ الأطراف السياسيّة يجب أن تضع حدوداً لبناء الدولة ومن أهم ركائزها أنّ الإدارات تخضع للسلطات الدستورية والسياسية"، مشيراً إلى أنّ "قوة عسكرية احتلت مبنى "سنترال" العدلية وعبد المنعم يوسف أحيل على القضاء لمحاسبته(..)".
وعلمت "المستقبل" أن نحاس وجّه كتاباً إلى النيابة العامة العسكرية يطلب فيها ملاحقة اللواء ريفي وعدد من الضباط والعسكريين على خلفية ما جرى. وأوضحت مصادر مطلعة أن ملاحقة اللواء ريفي تتطلب إذناً من وزير الداخلية، وملاحقة الضباط والعسكريين إذناً من المدير العام لقوى الأمن الداخلي.

"المستقبل": إقرأوا النصوص
في المقابل، شدّد عضو كتلة "المستقبل" النائب عمار حوري أنّ "الأساس (في قضية تشغيل الهبة الصينية من قبل هيئة "أوجيرو") هو قرار مجلس الوزراء الذي تضمّن نصاً واضحاً بتكليف "أوجيرو" والأجهزة التابعة لها باستلام المعدات موضوع الهبة وتشغيلها، وبالتالي هناك نص واضح بصلاحيّة هذه الهيئة"، لافتاً إلى أنّ "الشبكة الثالثة لتشغيل الخلوي حظيت بموافقة دوليّة وما قيل عن أنّ الوزير نحاس لا علم له بها هو غير صحيح بناء على قرار موقع من الوزير السابق جبران باسيل وهو يقول بوضع هذه الخطوط تحت إدارة أوجيرو".
وفي حديث للصحافيين إثر جلسة الإعلام والإتصالات، أكّد حوري أنّ "الشبكة الثالثة لم تكن سراً والجميع يعرف بها وهناك قانون صادر بها وليس صحيحاً أنّ الشبكة جديدة بل هناك قوانين وقرارات واضحة بشأنها(..)".
من جهته، أكّد عضو الكتلة أحمد فتفت أنّ معدات الهبة الصينيّة "لم يشغّل منها إلا 15 خطاً للتجربة، وهناك عمليّة تشبيح على الدولة اللبنانية و"لبنان تلكوم"، وشدّد على أنّ "لا صلاحية للوزير (وزير الاتصالات) إلا بالأمور المالية والإدارية"، موضحاً أنّ "الجيش أتى نتيجة تفاهم لحماية المعدّات التي هي تابعة للدولة اللبنانية وهي ما زالت بعهدة أوجيرو". وإذ لفت إلى أنّ "نحاس تجاوز اللياقات واستعمل كلاماً بعيداً عن اللياقات بوصفه قوى الأمن بمجموعة مسلّحين"، ذكّر فتفت الوزير نحّاس بأنّ هذه العناصر "هي لبنانية تابعة لقوى الأمن الداخلي، واللواء ريفي لم يخالف أوامر إدارية"، مشيراً إلى أنّه "كان هناك معلومات بأنّ هناك "فك" للأبواب وتصرّف بالمعدات(..)".
بدوره أوضح عضو الكتلة النائب هادي حبيش أنّ "الهبة الصينيّة صدرت بقرار من مجلس الوزراء لصالح "أوجيرو" ولم تلق اعتراضاً من الوزير، إلى أن أرسل نحّاس منذ ثلاثة أسابيع كتاباً يقول فيه إنّ الوزير يريد استلام المعدات، وطلب من المدير العام (عبد المنعم يوسف) أن يسلمه المعدات فأعلمه المدير أنّ ذلك مخالف للقانون ولمرسوم مجلس الوزراء، خصوصاً وأنّ الوزير يُمارس سلطة وصاية على المدير العام ولا يُمارس عليه أوامر".
وأوضح أنّ "أوجيرو هي هيئة مستقلة وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري، ولا يُمارس عليها الوزير سلطة الإمرة بل الوصاية على هذه الهيئة معنوية"، وأشار إلى أنّ "نحّاس خيّر يوسف بإما تسليم المعدات أو بأنّه سيُرسل وفداً من الوزارة لتسلم المعدات، فعندها طلب المدير العام تأمين حماية المعدات لأنّ الوزير ضرب بعرض الحائط القانون وتجاوز قرار مجلس الوزراء". وأكّد أنّ "نحاس لا يفرّق بين الوصاية والإمرة"، مشدّداً على أنّ "الوزير لا يمارس سلطة إمرة على مدير عام أوجيرو"، ومشيراً إلى أنّ "النائب حسن فضل الله طلب أن تؤلّف لجنة للتحقيق بما حصل، والخلاف كان حول ما إذا كانت اللجنة ستشكّل بدون ممثّل عن "أوجيرو" ونحن لو وافقنا على ذلك لكنا تماشينا مع سلطة الإمرة التي يريدها نحاس(..)".
ورأى عضو الكتلة النائب زياد القادري أنّ "قرار مجلس الوزراء كان واضحاً لجهة تكليف هيئة "أوجيرو" بتشغيل المعدّات الصينية، وبالتالي ليس لوزير الإتصالات أيّ صلاحيّة للتصرف بها"، متهماً نحّاس بأنّه "يستخدم المال العام خلافاً للغرض الذي خصّص من أجله في مجلس الوزراء إذ إنّه أراد تفكيك معدات لإعطائها لشركة خاصّة لتقديم خدمات الجيل الثالث(..)".

منع "الداتا" عن قوى الأمن
ونقلت "المؤسسة اللبنانية للإرسال" عن مرجع أمني أنّ هناك "عقبات وُضعت أمام الأجهزة الأمنيّة حالت دون الوصول حالاً إلى معلومات عن خاطفي الأستونيين وهي تعود بشكل أساسي إلى تأخّر وزارة الاتصالات في تسليم "داتا" الاتصالات حيث إنّ قوى الأمن الداخلي وبالتحديد فرع "المعلومات" توصّل بعد 48 ساعة من الاختطاف إلى خيوط مهمة وأساسيّة في جريمة الاختطاف وهي التي أدّت إلى توقيف ثمانية أشخاص ضمن مجموعتين كل مجموعة مقسّمة إلى 4 أشخاص".
وأوضحت المصادر بأنّ "المجموعة الثانية قامت باحتجازهم بعد أن اختطفتهم المجموعة الأولى وقامت باحتجازهم في مدخل مبنى أحد الخاطفين، وبعدها تمّ نقل الأستونيين الى منطقة يُرجّح بأن تكون على الحدود السورية اللبنانية"، مستبعداً أن "يكون تنظيم "القاعدة" وراء عملية الخطف"، ومذكراً بـ"عمليات الخطف التي كانت تجري في الثمانينات حيث كان الخاطفون يعملون على الخطف والتفاوض يكون في الدول الاقليميّة".
ولفت المرجع الأمني إلى أنّ "حجب "داتا" الاتصالات جريمة بحد ذاتها"، مذكراً بـ"جريمة اغتيال المؤهّل راشد صبري".
كذلك ذكرت محطة "أخبار المستقبل" أنّ "اللواء أشرف ريفي أكّد أنّ ما قام به (بقضيّة معدات الاتصالات) قانوني وواجب وطني ويدخل ضمن صلاحياته"، وأشارت إلى أنّ "ريفي رأى بأنّ الأمر لا يستحق إشغال الناس به لهذه الدرجة، مستشهداً بالمثل اللبناني الذي يقول: "الجنازة حامية والميّت كلب"، مشيراً إلى أنّ "ما يحصل اليوم يشبه ما حصل مع الاتفاقيّة الأمنيّة مع الولايات المتحدة وفي موضوع الشهود الزور واستمرّت الأمور كما كانت وتبيّن أننا على حق".

بري
في غضون ذلك، رأى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي دعا إلى جلسة تشريعية عامة في الثامن من حزيران متخطياً كل السجالات والخلافات على خلفية دستورية أو لا دستورية انعقادها في ظل حكومة تصريف الأعمال، أن ""ثورة الأرز" أعادت البلاد 60 عاماً إلى الوراء واستهلكت الأموال العامة وزادت الدين على المستقبل وأمّنت المناخات للمزيد من التدخّل الأجنبي بحاضره ومستقبله وهذا هو سبب فشلها"، ولفت إلى أنّه "في لبنان يذهب العاشق ويأتي المشتاق والهدف استخدام بلدنا كقاعدة ارتكاز لإسقاط سوريا"، مشدداً على ضرورة "الانتباه والإدراك لأهميّة الحفاظ على وحدة هذا البلد ممّن دمره واحتله مرات ومرات"، مؤكداً أنّ "الشيعة العرب واللبنانيين خصوصاً لن يقعوا بفخ الفتنة، وذلك على الرغم من أننا نرى ونلمس الوسائل المتّبعة لجرّهم بما في ذلك البحث عن شهيد ثالث يستدرج ردات فعل مذهبيّة هنا وهناك، ولكن الشيعة سيكونون الأكثر مسؤولية بنزع عوامل التوتر، ونحن في لبنان سنكون الأكثر التزاماً وتمسكاً بالوحدة الوطنية وصيغة العيش التي أكد عليها الإمام السيد موسى الصدر(..)".
وفي المواقف من دعوة بري للجلسة العامة، رأى عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان أنّ الدعوة "هي محاولة للتعمية على الفشل الذريع لقوى 8 آذار في تشكيل الحكومة ومحاولة لدفع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي إلى "أن يتخلّى في مجلس النواب عمّا لم يتخلَّ عنه حتى الآن وهو الذي ينادي بصلاحيات رئيس الحكومة المكلّف، فحضوره يعني التخلي عن صلاحيات رئاسة مجلس الوزراء"، مؤكداً أن الدعوة مخالفة للدستور لا سيّما المادة 19 التي نتكلم عنها(..)".

الراعي والطائف
من جهة ثانية، توقف المراقبون عند موقف أطلقه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، أعلن فيه أن "الطائف ليس مُنزلاً، وإذا كنا في حاجة الى طائف ثانٍ فليكن"، مشيراً الى أن "المشاركة في وضعه كانت اختزالاً ولم تكن حقيقية"، وطالب بـ"العمل لإعادة الصلاحيات الضرورية الى رئيس الجمهورية كي تسير البلاد الى الأمام(..)".
الى ذلك، علمت "المستقبل" أن الأنظار تتجه الى الاجتماع الذي سيرعاه البطريرك الراعي للقيادات المسيحية بعد غد الخميس في بكركي، ويضم إضافة الى رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع، رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل، ورئيس تكتل "الإصلاح والتغيير" النائب ميشال عون، ورئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية، وكل النواب والوزراء الموارنة الحاليين.
وتُعدّ بكركي لورقة كونها الجهة الداعية، كما أن مختلف القيادات تُعدّ أوراقها أيضاً. والمقاربة المتبعة هي لمعالجة المواضيع غير الخلافية والابتعاد عن تلك الخلافية لكي تتم معالجتها في مرحلة لاحقة تكون المناخات فيها أقرب الى الاتفاق.
والمواضيع التي ستُبحث هي هجرة الشباب المسيحي، وتعزيز فرص العمل وبيع الأراضي والدخول في سلك الدولة، ويمكن على الأقل بحث المسائل التي يمكن الاستفادة منها من حيث زيادة دور المسيحيين وحضورهم.
ومن الملاحظ أن الفترة التي فصلت بين اجتماع القيادات في بكركي والاجتماع المقبل، تميزت بعناوين أبرزها الاتفاق على عدم الخلاف وعدم البحث في المواضيع الخلافية وعدم تدخل أي قيادي في السياسة التي يتبعها قيادي آخر. وما حصل كان نوعاً من الهدنة، تجلّى في الخطاب السياسي بين الأفرقاء.

السابق
صور: استعجال الأشغال في «الإرث الثقافي» قبل الموسم السياحي
التالي
الداخلية تُطلِق مشروع دعم قدرات البلديّات في مرجعيون وحاصبيا