اللواء: سليمان يتحفّظ وبري يتوارى وميقاتي قلق وهدية من جنبلاط

السؤال الذي فرض نفسه، في ضوء ما تناهى من معلومات، او ما أتيح الحصول على ما دار داخل الاجتماعات المغلقة مع الديبلوماسيين الاميركي والايراني، جيفري فيلتمان ومحمد رضا شيباني، هل يستمر <الستاتيكو اللبناني الذي ظاهره استقرار ملحوظ، وباطنه غليان بين القوى السياسية والتيارات النيابية الموزعة بين 8 و14 آذار؟ أم يؤدي الضغط على الساحة اللبنانية الى إلحاق البلد وأهله واستقراره في اجواء الغليان التي تعصف بالمنطقة؟
وفي غمرة هذا السؤال العريض تبقى الحكومة اللبنانية معلقة بين من تسميه قيادة <حزب الله> مشروعاً أميركياً – اسرائيلياً، ومشروع مقاومة، وحاجة لبنان الى حكومة تسير الاعمال وتثبت الاستقرار وتبعد <شبح النارين>، النار الآتية من الجنوب والنار الملتهبة في الشمال·

في هذا الاطار، تؤكد مصادر قيادية في الاكثرية الجديدة ان الوقت المسموح به لتشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بدأ ينفد· وترى هذه المصادر ان على كل الاطراف ان تقدم تنازلات موجعة لتثبيت وضع البلد في ضفة الاستقرار، ولادارة الخلافات الداخلية من زاوية استراتيجية، وليس بحسابات تكتيكية ظرفية·

لكن مصادر ديبلوماسية أعربت عن خشيتها من طبيعة المطالب والمطالب المضادة التي سمعها كبار المسؤولين من الديبلوماسيين الاميركي والايراني، واللذين اتفقا على عبارة واحدة بالرغم من اختلافاتهما الكبيرة وهي ان <بلاد كل منهما مع حكومة لبنانية بلا تدخل خارجي>·

واكدت هذه المصادر ان مهمة السفير جيفري فيلتمان تركزت على فصل لبنان عن الحراك داخل سوريا، فيما تركزت مهمة السفير شيباني على التنسيق بين الاطراف الثلاثة ايران، سوريا وحزب الله وحلفائه·

وفي معلومات <اللواء> الخاصة، ان فيلتمان نقل ما يشبه الانذار العسكري والاقتصادي والسياسي الى المسؤولين الذين التقاهم اذا ما تجددت التجمعات الشعبية في مارون الراس او سواها من القرى المحاذية لشمال دولة الاحتلال (اسرائيل)، او اذا تشكلت حكومة كانت اليد الطولى فيها لحزب الله، واذا لم تلتزم الحكومة المزمع تشكيلها برئاسة الرئيس ميقاتي بند المحكمة الدولية والتعاون المالي واللوجستي والعدلي مع المحكمة في البيان الوزاري·

وكشفت مصادر المعلومات ان وقعاً سيئاً لسياق الانذار الديبلوماسي والذي سبق في معرض التنبيه، وفي معرض الدفاع عن تجاهل الرئيس الاميركي باراك أوباما لحقوق لبنان في التسوية، بما في ذلك حقه في إعادة الفلسطينيين اللاجئين على ارضه الى ديارهم، أرخى بثقله على محادثات فيلتمان، ولا سيما عند اشارته إلى تسهيل الجيش اللبناني للفلسطينيين الذين تظاهروا عند الحدود يوم الأحد الماضي في ذكرى النكبة، وتحذيره من مغبة تورط الجيش في أي فلتان أمني قد تشهده الحدود مع فلسطين المحتلة، وكذلك من عدم إعطاء الجيش السوري ذريعة لاختراق الحدود الشمالية، رغم الحرص الذي ابداه فيلتمان بعدم المساس بأمن المواطنين السوريين <الذين يفرون من العنف في سوريا>·

فيلتمان وكان فيلتمان قد أشار بوضوح في البيان الذي وزعته السفارة الأميركية في بيروت عن محصلة لقاءاته أمس، والتي شملت الرئيس ميشال سليمان والرئيس ميقاتي ورئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط، إلى قلق الولايات المتحدة من احداث الخامس عشر من أيّار على حدود لبنان الجنوبية، مشدداً على أهمية الحفاظ على أمن حدود قوي على كل حدود لبنان من أجل منع الحوادث التي تزيد حدة التوترات التي يمكن أن تؤدي الى وقوع اصابات وتؤثر سلباً على أمن المنطقة>·

وأوضح فيلتمان انه نقل إلى المسؤولين اللبنانيين رسالة فحواها أن الولايات المتحدة تنظر إلى الثورات في الشرق الأوسط وشمال افريقيا باعتبارها فرصة تاريخية لتلبية تطلعات شعوب المنطقة، ولبناء أسس اقوى للازدهار، ولاظهار ثمار التغيير الديمقراطي للناس·

وبالنسبة إلى الحكومة، لفت إلى أن واشنطن لا تحكم مسبقاً لا على الحكومة ولا على رئيس الوزراء المكلف، مشيراً إلى أن هذه العملية شأن لبناني، لكنه استدرك بأن على القادة اللبنانيين أن يفهموا ما نريده من الحكومة عند تشكيلها وما هي الخطوات التي ننتظر منها اتخاذها·

وأوضح بيان السفارة أن موقف الولايات المتحدة وكذلك المجتمع الدولي سوف يقيم مع أي حكومة جديدة في لبنان على أساس تركيبة مجلس الوزراء والبيان الوزاري والإجراءات التي ستتخذها الحكومة الجديدة في ما يتعلق بالمحكمة الخاصة بلبنان والتزامات لبنان الدولية الأخرى، مشدداً على أن واشنطن تعتبر تركيبة حكومة لبنان قراراً لبنانياً حصرياً·

سليمان وميقاتي وأوضحت مصادر مطلعة، أن فيلتمان لم يشر في لقاءاته، ولا سيما مع الرئيسين سليمان وميقاتي إلى الوضع الداخلي، مكتفياً بعرض السياسة الأميركية من وجهة نظر الرئيس الأميركي، داعياً إلى دعم الاصلاحات في المنطقة ومنها سوريا التي ركّز عليها مطولاً، متمنياً أن تتم الاصلاحات فيها، وأن تكون برعاية الرئيس بشار الأسد· وهو أبلغ الرئيس ميقاتي الذي أقام على شرفه مأدبة غداء بأنه لم يأتِ إلى بيروت للبحث في الموضوع الحكومي، مكرراً الموقف الذي سبق للسفيرة مورا كونيللي أن شرحته، مشيراً إلى أن هذا الموقف نعلنه بعد تشكيل الحكومة وفي ضوء بيانها الوزاري، فيما أوضح الرئيس المكلّف توجهه لتأليف حكومة وطنية منتجة وفاعلة وتلبي طموحات اللبنانيين، وتكون قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والإقليمية والدولية، مؤكداً <أن هذا التوجه لا يزال هو القاعدة التي تحكم مواقفه، علماً أن تشكيل الحكومة مسؤولية لبنانية وفعل إرادة وطنية صرفة>، لافتاً نظر فيلتمان الى أن <مبادرة أوباما للسلام تحتاج الى بعض التوضيح وإلى إرادة جدية، وإلى ترجمة على أرض الواقع، رغم أنها لم تتطرق الى حق العودة>·

وأكد الرئيس سليمان من جهته على أهمية الاستقرار في دول المنطقة، وأن يتم تشجيع خطوات الاصلاح التي تقوم بها هذه الدول، مشدداً على وجوب أن تقوم الولايات المتحدة بدور جدي والدفع بصورة عملية من أجل إحقاق سلام شامل وعادل في منطقة الشرق الأوسط·

شيباني أما نائب وزير الخارجية الايرانية لشؤون الشرق الأوسط محمد رضا شيباني فقد جدد وقوف بلاده إلى جانب لبنان، آملاً في تشكيل الحكومة اللبنانية بسرعة لمواكبة تطورات الأوضاع في المنطقة وتلبية طموحات اللبنانيين في الداخل·

وقال شيباني الذي نقل دعوة الى الرئيس سليمان من نظيره الايراني محمود احمدي نجاد لحضور مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب يعقد في طهران في 25 و26 حزيران المقبل وجال على رئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادات الاكثرية الجديدة <لا يحق لأي قوة خارجية ان تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية التي هي حق اساسي وراسخ وثابت للشعب اللبناني وقواه السياسية، وايران ترى ان تشكيل الحكومة هي مسألة داخلية تتعلق بالشعب اللبناني والقوة اللبنانية الفاعلة والمؤثرة على الساحة اللبنانية·

واوضح ان <زيارته الى لبنان اعد لها منذ اسبوعين عبر القنوات الدبلوماسية، اما اذا كان السفير جيفري فيلتمان قد بادر الى جعل زيارته تتزامن مع زيارتنا فإن السؤال يوجه اليه وليس الينا>·

ورأى ان التهويل والصرخات التي تطلقها اميركا اشبه ما تكون الى الصرخات التي يطلقها المقامر الذي خسر كل ما عنده على طاولة القمار، معتبراً ان الولايات المتحدة تعمل من اجل الحد من الخسائر التي تمنى بها·

وفهم ان شيباني ابدى خشيته من ان تنحرف الاصلاحات الى فتنة مذهبية، في اشارة منه الى ما يحدث في البحرين وسوريا، وقال بحسب ما نقل عنه، ان الناس في سوريا ما تزال تتحرك بالرغم من دعوة القيادة الى الحوار، وابداء استعدادها للاصلاح، الامر الذي يدفع الى السؤال عما اذا كانت هناك مؤامرة خارجية لحرف المطالب الاصلاحية عن اهدافها وتحويلها الى فتنة؟

ولوحظ ان الديبلوماسي الايراني حصر لقاءات اليوم الاول من مهمته في لبنان، بقادة الاكثرية الجديدة، حيث جال تباعاً بعد زيارته الرئيس سليمان في بعبدا، على كل من الرئيس بري والرئيس السابق اميل لحود والنواب العماد ميشال عون وسليمان فرنجية وجنبلاط، ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان، على ان يزور اليوم الرئيس ميقاتي، فيما حصر فيلتمان جولته على فريق مختلف من ضمنه الرئيس السنيورة من كتلة <المستقبل> والنائب جنبلاط من الاكثرية الجديدة، والذي قدم له هدية عبارة عن كتاب عن الحرب العالمية الثانية، كما انه اراد لقاء الرئيس بري لكن مكتب الأخير ابلغه انه خارج لبنان، بحسب ما قال الدبلوماسي الاميركي·

السابق
المستقبل: فيلتمان: المحكمة والالتزامات الدولية أساس تقويمنا لأي حكومة
التالي
لماذا غاب لبنان عن خطاب أوباما؟