الشرق الاوسط: إقفال الحدود يوقف نزوح السوريين إلى لبنان

خلت الحدود اللبنانية – السورية وتحديدا في منطقة وادي خالد – العريضة اللبنانية من أي حركة عبور في الاتجاهين، بعدما أحكم الجيشان اللبناني والسوري سيطرتهما على كل المعابر، وعززا انتشارهما الواسع على طول الحدود الشمالية بين البلدين. وترافق ذلك مع هدوء حذر ساد المنطقة منذ ما قبل ظهر أمس، بعد إطلاق نار كثيف حدث صباحا في منطقة العريضة السورية وسماع أصوات انفجارات، تردد أن مصدرها قذائف أطلقت من دبابات للجيش السوري كانت تطوق البلدة وتمشطها بحثا عن مطلوبين.

أحد سكان بلدة العريضة اللبنانية، أحمد السيد (أستاذ مدرسة)، أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحدود باتت مقفلة بالكامل، ولم يسمح الجيش السوري لأي من مواطنيه بدخول الأراضي اللبنانية، كما أن الجيش اللبناني منع أي شخص من دخول الأراضي السورية حتى السوريين الراغبين في العودة للاطمئنان على منازلهم وأقاربهم». ووصف السيد الوضع الأمني بالهادئ نسبيا، وقال: «منذ الساعة السادسة والنصف صباحا (أمس) حضرت دبابات للجيش السوري وعدد من السيارات الرباعية الدفع التي تقل عناصر من الأمن العسكري السوري و(الشبيحة) إلى بلدة العريضة السورية. وبدأت عمليات إطلاق نار كثيف بالأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة وقذائف الدبابات، وتمشيط دقيق للمنازل؛ الواحد تلو الآخر، بحثا عن شبان مطلوبين، علما بأن هذه البلدة خلت تماما من سكانها منذ نحو أسبوع، حتى إن أهالي العريضة رحلوا معهم مواشيهم إلى القرى اللبنانية المجاورة».

وأكد السيد أن «قرى وادي خالد بدأت تغص بالنازحين الذين لجأوا إلى أقاربهم، وأن الإحصاءات التي أجريت (أول من ) أمس من قبل الهيئة العليا للإغاثة والصليب الأحمر، تفيد أن هناك نحو 500 عائلة سورية في وادي خالد، أي بما يوازي 6500 شخص غالبيتهم من النساء والأطفال والمسنين، فضلا عن انتقال عشرات العائلات الأخرى إلى قرى جبل أكروم ومشتى حسن ومشتى حمود وصولا إلى حلبا وعدد من قرى عكار». ووصف الوضع الإنساني بأنه «صعب جدا، خصوصا أن العشرات من هؤلاء النازحين يعانون من أمراض مزمنة ومستعصية مثل حالات غسل الكلى والتلاسيميا والربو والإعاقات الجسدية الكاملة، إضافة إلى النساء الحوامل». وأشار إلى أن «المساعدات التي يقدمها الصليب الأحمر جيدة، خصوصا مسارعته لنقل مرضى إلى المستشفيات، لكنه عاجز عن استيعاب الأعداد الكبيرة، خصوصا مسألة تأمين الأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة، سيما أن الهيئة العليا للإغاثة لا تزال في طور المسح الشامل للأعداد وللحاجيات الضرورية قبل أن تباشر تقديم مساعداتها».

في المقابل، أكدت المديرة التنفيذية لجمعية «رواد – فرونتيرز» التي تعنى بحقوق الإنسان والحماية القانونية للاجئين سميرة طراد لـ«الشرق الأوسط» أن «الجمعية تتابع عن كثب ما يحصل على الحدود اللبنانية الشمالية»، مشيرة إلى أن «السلطات اللبنانية لا تعتمد الشفافية في تقديم المعلومات المتعلقة بالنازحين السوريين». وإذ أبدت استياءها من «إقفال الحدود أمام المواطنين السوريين الهاربين من المصير المجهول وطالبي الحماية»، ذكرت بأن «لبنان لديه التزامات دولية لحماية أي شخص نازح ومعرض للعنف والاضطهاد». وقالت: «على لبنان أن يعمل وفق التزاماته الدولية وأن يقدم التسهيلات الطبية والإنسانية والأمنية للهاربين من الاضطهاد في سوريا، لأن الاتفاقيات الدولية تسمو على الاتفاقية الأمنية الموقعة بين لبنان وسوريا». ورأت في «إقفال الحدود والمعابر أمام النازحين انتهاكا صارخا للمعايير والإنسانية الدولية، لأن عدم السماح للنازحين بدخول الأراضي اللبنانية يشكل خطرا مباشرا على حياة هؤلاء، ويعد مخالفة واضحة للأعراف والمواثيق الدولية التي وقع لبنان عليها».
وتحدثت مصادر مواكبة لأوضاع النازحين عن معلومات عن فرار ستة عسكريين سوريين إلى الأراضي اللبنانية ولجوئهم إلى عشائرهم في الجانب اللبناني، وذلك بسبب رفض هؤلاء المشاركة في إطلاق النار على متظاهرين، وبين العسكريين الستة اثنان من حرس الحدود (الهجانة). ويرفض هؤلاء التحدث إلى الإعلام، أو إعلان هويتهم خوفا من إعادتهم إلى سوريا وتسليمهم للسلطات هناك على غرار ما حصل مع عسكريين آخرين.

السابق
اختلالات نزع السلاح
التالي
الشرق: سيناريوهات خاطئة حول استقالة رئيس الجمهورية