الراي: سورية تضع تيار الحريري في “قفص الاتهام” بأحداث تلكلخ

… لبنان يسبح في «الرمال المتحركة»، وسط جمود سياسي ينذر بإدخال المؤسسات في «كوما»، وبدء تدحرج «كرة» المطالب العمالية والنقابية التي يُخشى ان يتم «تلقيمها» لتصبح «خرطوشاً» في لعبة «عض الاصابع» الدائرة على تخوم ملف تشكيل الحكومة، واستمرار محاولات جرّ بيروت الى «ملعب النار» السوري عبر «خط الفرار» في وادي خالد (الشمال) الذي أحدثت دمشق امس «ربط نزاع» بينه وبين الأحداث الجارية في تلكلخ عبر تقرير لـ «وكالة سانا للانباء» اتهم تيار «المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) بقصف منازل البلدة «بالقذائف لحرقها وإجبارنا على الرحيل إلى منطقتهم على أساس اننا مهجّرون».

هكذا، حوّل مشهد الـ freeze السياسي والحكومي بيروت ما يشبه «حقل مغناطيس» يجذب الأزمات، فيما البلاد في مرحلة من «فقدان الجاذبية» في لحظة «العواصف» الاقليمية (ولا سيما في المقلب السوري) التي يتعمّق معها الانطباع بان العناوين السياسية والاجتماعية والامنية باتت تشكّل ما يشبه «مثلث برمودا» لبنانياً «تختفي» بين «أضلاعه» الحلول على قاعدة ان «القفل والمفتاح» فيها… خارجي.

واذا كانت «طاحونة» الملف الحكومي، ورغم معاودة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي التواصل مع فريق الاكثرية الجديدة، لا تزال عالقة عند نقطة «الطحن المستمر لأفكار مطروحة»، على ما عبّر رئيس البرلمان نبيه بري، فان بيروت عاشت امس تطوريْن موازييْن عكسا من جهة انتقال وهج «كرة النار» السورية الى الداخل اللبناني، ومن جهة اخرى استشعار حراجة استمرار الدوران في حلقة الفراغ المفرغة. وهذان التطوران هما:
* ارتدادات إلغاء لقاء التضامن مع الشعب السوري الذي كان ناشطون من المجتمع المدني ينوون إقامته في فندق «البريستول» الذي اعتذر عن استضافة المؤتمر بعد تلقيه «تهديدات بالحرق» او «المواجهة بداخله» من أحزاب حليفة لسورية في فريق 8 آذار.

وفي حين وضع منظمو اللقاء ما جرى في إطار «قيام المجموعات المستقوية بالسلاح بالاعتداء على النظام الديموقراطي استمراراً لنهج 7 مايو (2008) الانقلابي» وسط استمرار محاولتهم البحث عن مكان آخر لعقد المؤتمر بعد رفض فنادق عدة في بيروت وحتى نقابة الصحافة استضافتهم، شجبت الامانة العامة لقوى 14 آذار امس، «الإرهاب الذي تعرّض له أحد فنادق العاصمة من فريق 8 آذار لمنعه من استقبال لقاء لناشطين في المجتمع المدني متضامنين مع الشعب السوري»، معلنةً «رفض أسر بيروت تحت ضغط الارهاب والترهيب المستقوي بالسلاح».

* انتقال التجاذُب الداخلي الى البرلمان الذي يحاول رئيسه ايجاد مخارج دستورية تتيح له التشريع في ظل غياب الحكومة، وهو ما كان محور اجتماع هيئة مكتبه التي أعطت مهلة عشرة ايام للتشاور في هذه المسألة، وسط اعتبار 8 آذار هذه الخطوة محاولة لتحريك العمل المؤسساتي وسط الفراغ الحكومي المرشح للاستمرار، مقابل قراءة غالبية قوى 14 آذار الامر على انه محاولة «للتغطية على عجز الأكثرية الجديدة عن تأليف الحكومة».
وفي غمرة هذا المشهد، وفي حين يستعدّ الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله للإطلالة في مهرجان عيد التحرير الاربعاء المقبل في بلدة النبي شيت (الجنوب) حيث يتوقع ان يتطرق الى العناوين الداخلية والاقليمية، نفّذ القطاع التربوي امس إضراباً للمطالبة بتحسين الاوضاع الاجتماعية وتصحيح الاجور ما ادى الى ملازمة نحو مليون طالب منازلهم، في حين يتحرك اليوم السائقون العموميون فيتوقفون عن العمل بالتزامن مع تظاهرة سيّارة في بيروت، احتجاجاً على ارتفاع أسعارالمحروقات.

ومساء أمس برزت خشية من ان يتحوّل تحرك السائقين العموميين اليوم حركة منظّمة تشلّ البلاد عبر قطع الطرق بالاطارات المشتعلة في مناطق عدة على غرار محطات سابقة في عاميْ 2007 و2008.
وترافقت هذه المخاوف مع معلومات عن عملية جمع للإطارات المطاطية بدأت بعد ظهر امس في اكثر من منطقة برعاية أطراف في 8 آذار، الأمر الذي طرح علامات استفهام حول الغاية من هذه الاندفاعة في اتجاه «تحمية» الارض وشلّ البلاد.

وعلمت «الراي» ان هذا التوجه كان لا يزال محور نقاش داخل الاوساط المعنية حتى ساعة متقدمة من ليل امس وسط «فحص» حسابات داخلية واقليمية متصلة بارتدادات مثل هذا التحرك.
ولم تحجب مجمل هذه التطورات الانظار عن الزيارة التي يبدأها اليوم لبيروت مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان وتستمر ثلاثة ايام يلتقي خلالها مسؤولين كباراً وقيادات سياسية.

السابق
السياسة : مخاوف من إشعال النظام السوري حرباً مثلثة انطلاقاً من لبنان
التالي
ماروني: يحق للبرلمان الانعقاد في ظل حكومة تصريف الأعمال