الشرق الاوسط: اغتيال بن لادن يمر في لبنان دون مشكلات حتى الآن

مضى أكثر من أسبوع على العملية العسكرية الأمنية الأميركية التي استهدفت زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في باكستان ولم يشهد لبنان أي مؤشرات أو أحداث تشير إلى ردات فعل «غير تقليدية» باستثناء «صلاة الغائب» التي أقامتها بعض القوى الإسلامية في طرابلس (شمال لبنان)، في حين أن حزب الله لم يصدر أي تعليق لا سلبا ولا إيجابا، أما القوى السلفية فقد ابتعدت عن واجهة الحدث باستثناء بعض التعليقات المحدودة غير المباشرة، في حين لم تعمد «عصبة الأنصار» في مخيم عين الحلوة (التي كان لها علاقات مباشرة وغير مباشرة مع تنظيم القاعدة) إلى القيام بأي نشاط تأبيني لابن لادن، بعد أن كانت سابقا قد قامت بالعديد من المظاهرات المدافعة عن بن لادن وأرسلت مجموعات من المقاتلين إلى العراق للقتال إلى جانب تنظيم القاعدة، وسقط الكثير من مقاتلي «العصبة» هناك.

فما هي أسباب ضعف أو برودة التفاعل مع عملية اغتيال بن لادن لبنانيا؟ وكيف تنظر القوى الإسلامية اللبنانية إلى هذا الحدث؟ وهل هناك تخوف من حصول ردود فعل مستقبلية على عملية الاغتيال عبر استهداف قوى اليونيفيل أو من خلال إعادة تكرار تجربة «فتح الإسلام» في مخيم نهر البارد؟

حزب الله، وهو التنظيم الإسلامي الأبرز لبنانيا، لم يصدر أي بيان حول عملية اغتيال بن لادن، وقد أكدت مصادر مطلعة في حزب الله أنه ليس بصدد إصدار أي موقف لا سلبا ولا إيجابا، كما أن مسؤولي الحزب تجنبوا الحديث عن هذا الموضوع في مواقفهم وخطاباتهم خلال الأسبوع الماضي رغم أنهم تناولوا العديد من القضايا المحلية والعربية والدولية.

وتعتبر مصادر مقربة من حزب الله أن «عدم التعليق على عملية الاغتيال هو الموقف الأفضل، لأن الحزب لم يكن مؤيدا لأسلوب عمل بن لادن وتنظيم القاعدة، لكنه في الوقت نفسه لا يستطيع دعم أي عملية عسكرية أو أمنية أميركية تستهدف التنظيمات الإسلامية حتى لو لم يكن الحزب على وفاق مع هذه التنظيمات». وفي مقابل صمت حزب الله ورفضه إصدار أي موقف أو تعليق، أصدرت «الجماعة الإسلامية» (وهي الإطار اللبناني لتنظيم الإخوان المسلمين) بيانا نددت فيه بأسلوب عملية الاغتيال وحملت الإدارة الأميركية مسؤولية ما يجري في العالم العربي والإسلامي من حروب ومعارك، وإن كانت الجماعة لم تصل في موقفها إلى المستوى الذي وصلت إليه بعض التنظيمات الإخوانية في الوطن العربي كحركة حماس التي أدانت العملية وأشادت بابن لادن، فـ«الجماعة الإسلامية» كانت قد شاركت خلال السنوات العشر الماضية مع العديد من الحركات والجمعيات والتنظيمات الإسلامية في «إدانة استخدام العنف والإرهاب» ضد المدنيين سواء في لبنان أو الوطن العربي أو الغرب، ولم تكن الجماعة مرتاحة لعمل تنظيم القاعدة أو المجموعات الإسلامية المتأثرة به، وأصدرت الجماعة ميثاقين، الأول تحت عنوان «الميثاق الإسلامي في لبنان»، والثاني تحت اسم «وثيقة إسلامية لإدانة الإرهاب»، وذلك للتأكيد على رفضها اللجوء إلى العنف والإرهاب. أما حركة «التوحيد الإسلامي» التي يرأسها الشيخ بلال شعبان والقريبة من حزب الله، فقد عمدت إلى الدعوة لإقامة «صلاة الغائب» على روح بن لادن في طرابلس، وقد شاركت في هذه الصلاة بعض المجموعات والشخصيات الإسلامية الشمالية، ولكن هذه الخطوة لم تأخذ اهتماما كبيرا من وسائل الإعلام كما حصل بشأن مسيرة «حزب التحرير» المؤيدة للتحركات المعارضة للنظام السوري.

أما بقية التيارات الإسلامية فهي تعمدت الابتعاد عن القيام بأي عمل أو إصدار أي موقف حول عملية الاغتيال، لكن كان ملاحظا غياب أي تحرك ميداني أو إعلامي أو شعبي للقوى الإسلامية الجهادية التي كانت على تواصل مباشر أو غير مباشر مع تنظيم القاعدة كـ«عصبة الأنصار» في مخيم عين الحلوة و«فتح الإسلام» التي كانت متمركزة في مخيم نهر البارد أو غيرها من المجموعات الإسلامية الجهادية التي كانت تبرز بين فترة وأخرى من خلال عمليات عسكرية أو أمنية في الأراضي اللبنانية.

و«فتح الإسلام» تلقت ضربة قاضية خلال أحداث مخيم نهر البارد وإن كانت حاولت أن تعيد تنظيم أوضاعها عبر تشكيل مجموعات أخرى، لكنها لم تنجح حتى الآن في العودة إلى الساحة الميدانية، وقد يكون هذا هو أحد أهم أسباب غياب أي مواقف أو تحركات لها ردا على عملية الاغتيال. أما «عصبة الأنصار» التي سبق لها أن أرسلت مجموعات من المقاتلين إلى العراق للقتال إلى جانب عناصر «القاعدة» وسقط بعضهم في ميدان المعركة، وأقامت أيضا مظاهرات وتحركات شعبية مؤيدة لابن لادن في مراحل سابقة، فإنها ابتعدت حاليا عن أي تحرك إعلامي أو سياسي أو ميداني استنكارا لعملية الاغتيال.

السابق
لنحذر حرب الطوائف
التالي
مصدر في محكمة الحريري لـ”الشرق الأوسط”: لا توقيت سياسيا لإجراءات المدعي العام