تفاصيل وأسرار جديدة لعملية أبوت أباد

كشف مسؤولون أميركيون معلومات جديدة عن لحظات بن لادن الأخيرة، وقالوا ان القوات الأميركية رأته عند باب غرفته في الطابق الثالث بمنزله في أبوت آباد بباكستان، فانسحب إلى داخل الغرفة قبل أن تطلق النار عليه مرتين في الرأس والصدر.
وقال أحد المسؤولين الذي اطلع على مجريات العملية ان «انسحاب بن لادن اعتبر مقاومة، فمن يدري لماذا انسحب، وماذا يفعل هل يحضر سلاحا، أو سترة ناسفة»؟
من جانبها، نقلت شبكة فوكس نيوز عن مصادر شاركت في العملية ان بن لادن تصرف «بطريقة جبانة جدا» حين اقتحمت فرقة الكوماندوس الأميركية المنزل، حيث كان يختبئ، وأنه كان «خائفا» و «مشوشا بالكامل» في اللحظات الأخيرة. وكشفت المصادر انه «دفع زوجته بقوة» صوب الجنود الذين قتلوه في نهاية المطاف.
وعلمت فوكس نيوز أيضا ان بن لادن لم يكن يحمل سلاحا عند دخول الجنود المنزل، إلاّ أنه كان قريبا من سلاحين: مسدس «ماكاروف» عيار 9 ملم روسي الصنع، وبندقية «أي كاي 47».
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى لـ «فوكس نيوز» ان شخصا واحدا من الأشخاص الخمسة الذين قتلوا في المداهمة، كان مسلحا وأطلق النار، وهو ما يتناقض مع رواية البيت الأبيض التي تقول ان الجنود الأميركيين واجهوا مقاومة، وأن اشتباكا وقع خلال معظم فترة العملية التي دامت 40 دقيقة.
وقال مسؤول آخر انه عثر على حوالى 6 قطع سلاح في المجمّع، وأن أول شخص واجهه الأميركيون في المنزل «فتح النار فورا» قبل أن يقتل، وأنه مع دخول الجنود أكثر إلى المجمع نزل ابن بن لادن، خالد من الطابق الثالث إلى الطابق الثاني، وواجه الجنود الذين قتلوه.
وذكر مصدر مطّلع على العملية ان الطلق الناري الذي أطلق على بن لادن كان حين أطل برأسه من غرفة النوم.

بدم بارد
وحول العملية، قال مسؤولان امنيان باكستانيان كبيران نقلا عن تحقيقهما انه لم يكن هناك معركة بأسلحة نارية، لان السكان لم يردوا باطلاق النار مطلقا. وقال احد المسؤولين «الاشخاص داخل المنزل كانوا عزلا. لم تكن هناك اي مقاومة». وقال المسؤول الثاني عندما سئل هل كان هناك اي تبادل لاطلاق النار خلال العملية التي قال مسؤولون اميركيون انها استمرت قرابة 40 دقيقة انها «كانت غارة بدم بارد». واحجم المسؤولان عن الحديث عن كيفية حصولهما على المعلومات، لكن مسؤولين قالوا في وقت سابق انه تم اعتقال مصاب.

عزلة مع أبنائه
من جهة أخرى نقل الناطق باسم الجيش الباكستاني آثار عباس لشبكة سي إن إن عن زوجة بن لادن التي أصيبت بعيار ناري في ساقها أثناء الهجوم، قولها لمحققين باكستانيين إنها لم تغادر المنزل طوال 5 سنوات، وأنها كانت تعيش مع 8 من أبناء بن لادن، بالإضافة إلى خمسة أبناء آخرين من أسرة ثانية.
وقال عباس ان الجيش الباكستاني احتجز كل الناجين من العملية العسكرية، ونقل المصابين منهم إلى مرافق طبية من أجل العلاج، على أن يتم لاحقا إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية.
وأشار إلى أنه غير متأكد من خلال عملية استجواب زوجة بن لادن كم من الوقت عاش أسامة بن لادن في ذلك المنزل، أو إذا غادره خلال وجوده في المقر.

بلا أجهزة طبية
هذا وقال مسؤول أميركي آخر انه خلافا للتوقعات والتخمينات بشأن تردي صحة بن لادن، إلا انه تبين ان لا وجود لأية معدات وتجهيزات طبية لديه. ونقلت شبكة سي إن إن عن المسؤول انه «حتى الآن لم تظهر أي معلومات قد تشير إلى وجود معدات وتجهيزات طبية في المقر السكني لابن لادن مثل «آلة غسل كلى» كما ذكرت تخمينات سابقة عن معاناته من مرض في الكلى». وأضاف المصدر انه لم يتم تشريح جثة بن لادن بعد مقتله.
في السياق جدد الرئيس باراك اوباما دفاعه بحديث لشبكة سي بي أس ردا على سؤال عما اذا كان قد اتخذ قرار دفن بن لادن في البحر بصفة شخصية، بقوله: «كان قرارا مشتركا». وأضاف «اعتقدنا انه من المهم التفكير سلفا كيف سنتخلص من الجثة، اذا قتل في المجمع السكني». وأوضح: «اعتقد ان ما حاولنا ان نفعله – بالتشاور مع خبراء في الشريعة الاسلامية – ايجاد وسيلة مناسبة يتم من خلالها التعامل باحترام مع الجثة».

ممتلكات مصادرة
من ناحية ثانية، قال مسؤول آخر للـ «سي إن إن» انه عثر في مقر بن لادن السكني على 5 هواتف خلوية، وجهاز تشغيل أوديو فيديو، وخمس بنادق من طراز كلاشينكوف، ومسدسات، بالإضافة إلى «كمية كبيرة» من الوثائق الورقية. فيما أفاد مسؤول أميركي ثالث أنه تمت مصادرة 10 أقراص صلبة، و5 أجهزة كمبيوتر، وما يزيد على 100 وحدة تخزين بيانات مختلفة من المقر. وأوضح المسؤول ان وحدات التخزين المختلفة، التي تمت مصادرتها من مقر بن لادن، ضمت أقراص مدمجة CD، ورقمية DVD وذاكرات (فلاش ميموري). وكان مصدر في الكونغرس قال في وقت سابق، انه عثر في ملابس بن لادن على 500 يورو، بالإضافة إلى رقمين هاتفيين.

منزل التجسس
إلى ذلك، نقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن مسؤولين أميركيين لم تكشف عن هويتهم ان الـ «سي آي إي» تجسست طوال أشهر على أسامة بن لادن من منزل آمن ومجاور لمنزله في أبوت آباد، وكان هذا المنزل أشبه بقاعدة عمليات لواحدة من أكثر مهمات جمع المعلومات الاستخباراتية دقة في تاريخ الوكالة.
وأوضحوا ان هذه القاعدة السرية، كانت تعتمد على مخبرين باكستانيين ومصادر أخرى لجمع صورة عمن يشغل، وعن النشاطات اليومية لقاطني المجمع المحصن، حيث عثر على بن لادن.
وأشاروا إلى ان عمل المراقبة على الأرض كان يندرج في إطار دفعة لجمع المعلومات الاستخباراتية تمت تعبئتها بعد اكتشاف المجمع المثير للشكوك في أغسطس الماضي.
ولفتوا إلى ان الجهد المبذول كان مكلفا ومكثفا ما دفع الـ «سي آي إي» إلى التوجه إلى الكونغرس في ديسمبر الماضي لضمان تخصيص عشرات ملايين الدولارات لتمويل العملية، لأن الجهد تضمن التقاط صور بالأقمار الصناعية، وجهودا لتسجيل أصوات داخل المجمع.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين ان «مهمة الـسي آي إي كانت إيجاد بن لادن وتدبير الأمور»، مضيفا ان «عمل الاستخبارات أنجز كما كان مفترضا، وحان دور الجيش لإنهاء الهدف».
من جهتها نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن مسؤولين أميركيين ان مجمع بن لادن خضع للمراقبة طوال أشهر، وتم التقاط صور ولساكنيه وزواره من منزل مستأجر مجاور، لم يستخدم في عملية الاقتحام.

مراقبة بأجهزة خاصة
وأشارت إلى ان فريق المراقبة حرص على عدم اكتشافه، ليس من قبل «القاعدة» فقط، بل من قبل الاستخبارات الباكستانية والشرطة المحلية. وأوضحت ان المراقبة كانت تتم من وراء زجاج أشبه بالمرايا، واستخدمت كاميرات ذات عدسات خاصة، وتجهيزات حساسة في مسعى لالتقاط الصوت داخل المنزل، واعتراض الاتصالات الهاتفية الخلوية.
لكنها لفتت إلى ان العملية كانت محدودة مع ذلك، إذ كان الفريق يرى رجلا طويلا يتحرك بشكل دائم، ولكن لم يتم التأكد من انه بن لادن، إلا قبل وقت قصير من تنفيذ العملية.

لماذا اختار أبوت آباد؟
وفي ما يتعلق بما يثار من شكوك حول سبب انتقال بن لادن للسكن في باكستان، بدلا من البقاء في المناطق القبلية كما كان من قبل، نقلت «واشنطن بوست» عن مسؤولين أميركيين قولهم ان ما من دليل حازم على ما يتردد عن كون زعيم «القاعدة» كان تحت حماية الاستخبارات الباكستانية.
وقال المسؤولون ان تواجد بن لادن في أبوت آباد، يوفر له امتيازات عدة أهمها انها تقع على مسافة آمنة من المناطق القبلية التي تكثر فيها الغارات الجوية الأميركية. وأعرب المسؤولون الأميركيون عن قناعتهم بأن بن لادن انتقل من المناطق القبلية نتيجة تصاعد الغارات الأميركية.

شهود عيان
في السياق، قال ذاكر إقبال – الجار الأقرب – لمنزل بن لادن لـ «العربية» إنه لم يصدقْ بعد أن زعيم القاعدة كان هنا، مؤكدا على أن شخصين ملتحيين كانا يسكنان المكان مع زوجتيهما، وأن أطفالهما كانوا يخرجون ويلهون في المكان. وفي تلك الليلة صعد إقبال إلى سطح منزله ليشاهد ما يجري بعد هبوط مروحية مجهولة بالقرب من منزله.. دقائق قليلة ثم هبطت مروحية أخرى داخل منزل بن لادن، يقول إقبال إن الطائرة انفجرت مباشرة عقب هبوطها. ويضيف أنه سمع بعض طلقات نارية فقط في المنطقة، ويشرح تفاصيل ما شهده تلك الليلة.

السابق
سوريا الجديدة.. بلا تماثيل
التالي
رالي بيبر لمناسبة يوم شهداء الصحافة غدا