في عيد العمال رفعن أصواتهن لتقدير عملهن

 تكافح النساء العاملات على جبهتين: – الأولى: في المنزل وبإقناع الرجل بأخذ جزء من الواجبات المنزلية لتخفيف العبء عليها··
– والثانية: في مكان العمل لإثبات حقها في الحصول على نفس راتب الرجل في ذات العمل··

وأيضاً تُكافح من أجل إلغاء كل التصورات التقليدية القديمة التي تقول إن النساء غير قادرات على القيام بالمهام التي يقوم بها الرجال، وخصوصاً أن الواجبات المنزلية لا تزال حتى الآن تُعد من مهام المرأة··

والنساء العاملات في لبنان يمضين قدماً في شق طريق نجاحهن وإثبات قدرتهن على التفوّق، ولكن في هذه الأيام تغيّر العنوان بعض الشيء، وباتت المرأة تنزل الى العمل كي تساعد زوجها في تخفيف العبء عنه في ظل الوضع المعيشي الخانق والغلاء الفاحش الذي أرّق الطبقة الفقيرة وذوي الدخل المحدود، على أن الأصعب أن تكون هي العاملة الوحيدة ومسؤولة عن البيت والأولاد في آن معاً··

بين العاملات وعيد العمال، يبقى كل عام هناك رابط ترفع فيه الأصوات والأمنيات كي تحقق تطالعاتها في المزيد من إثبات ذاتها وإنصافها مثل الرجل العامل في تقدير عملها وتساوي راتبها معه، وبينهما أن تبادر الدولة اللبنانية الى معالجة جادة ومسؤولية للأزمة الاقتصادية التي ينوء تحتها العاملين من النساء والرجال في لبنان بحيث يصبح الراتب كافياً لحياة كريمة··

الزعتري تنكب منى يونس الزعتري "أم علي" على ماكينة الخياطة لتكسب قوت يومها بعرق جبينها، فمسؤولياتها بتربية أولادها الثلاث، علي ومروى ومحمد، بعد أن غدر بها الزمن، ورحل زوجها، فجعلها أم في المنزل، وعاملة خارجه كي تتجنب ذل السؤال·

و"أم علي"، التي تعمل منذ 5 سنوات في مشغل الخياطة التابع لـ "جمعية المواساة والخدمات الاجتماعية" في صيدا قالت: إن الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب دفعني الى العمل كي لا أحتاج أحد، فمسؤوليات اليوم كبيرة، ومتطلبات الحياة كثيرة، وخصوصاً بعد وفاة زوجي، فالوضع الإقتصادي تغيّر عن السابق بسبب الغلاء· أما اليوم فكل شي يحتاج الى المال·

وأضافت: أنها تعمل من الثامنة صباحاً حتى الرابعة ظهراً، وبالكاد الراتب يكفي ولولا وجود بعض الجمعيات الخيرية التي تقدم بعض من المساعدة لكان الوضع أصعب عليّ·

وطالبت "أم علي" الحكومة والمسؤولين عن هذا البلد، بمختلف انتماءاتهم السياسية "النظر الى الفقراء وذوي الدخل المحدود، كي يُعالجوا الأزمة الاقتصادية لكي يرتاح هؤلاء"·

سليمان أما محاسن سليمان (المتزوجة منذ 15 عاماً، والتي تعمل كمشرفة في المطبخ التابع لـ "جمعية المواساة") قالت: إن المرأة العاملة أثبتت قدرتها على النجاح، ولم يعد هناك فرق بينها وبين الرجل في ميدان العمل طالما لديها الثقة بالنفس والإقدام، والعمل في أي موقع كان محترم طالما هو شريف·

وأضافت: إن العمل يعزز من استقلالية المرأة الاقتصادية ومن رفع ثقتها بنفسها، ولكن لا تزال هناك مصاعب كثيرة تواجهها داخل الأسرة وداخل سوق العمل أيضا، لان الأجور لا تزال حتى الآن غير متساوية بينها وبين الرجل في كثير من القطاعات، على الرغم من أن الوظائف التي يقوم بها الرجل والمرأة هي ذاتها·

وتابعت: إن "عيد العمال" مناسبة كي نرفع الصوت عالياً ونقول ارحمونا فأن حياتنا باتت صعبة بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة والراتب لم يعد يكفي لنصف الشهر، والله يعين الفقير كيف يعيش في هذا البلد وخاصة إذا كان عاطلاً عن العمل·

ودعت محاسن "الدولة اللبنانية الى وقفة جادة ومسؤولة لإعطاء العمال حقوقهم وأن لا تزيد الراتب باليد اليمين وتأخذه بالغلاء وارتفاع الأسعار بيد الشمال"·

عبد الهادي بينما نايفة عبد الهادي (تعمل في ذات المطبخ لتعيل أولادها الأربعة: شانيل، لينا، جانيت ومحمد، لأن زوجها مريض ويرقد في السرير داخل المنزل المتواضع)، وتقول بحسرة: لا يكفي المعاش على الإطلاق، بين توفير متطلبات الحياة المستورة وتأمين العلاج والأدوية لزوجي، ما اضطر بناتي الى إكمال تعليمهم والعمل معاً، كي يساعدوني في مصروف العائلة ودفع أجرة المنزل·

وأضافت: إن العمل مهما كان شاقاً، وهو يتطلب كل يوم من السابعة والنصف صباحاً حتى الثالثة بعد الظهر، وأحياناً طوال النهار وفق تأمين الطلبات، يبقى أسهل من أن يمد الإنسان يده لطلب المساعدة من الآخرين·

وأملت نايفة "من الدولة اللبنانية أن تبادر الى معالجة الأزمة الاقتصادية، وتخفض أسعار الطعام والشراب والمحروقات لأنهم من أساسيات الحياة، وبهذا وحده تكون "عيدية" العمال في عيدهم"·
 

السابق
تحطيم زجاج النصب التذكاري للمراقبين الدوليين في الخيام
التالي
هوف غادر بيروت متوجها الى عمان