“حزب الله” في مرمى الخصوم: ليتعظ من تجارب غيره في زمن الحرب

سهّل أداء الأكثرية الجديدة انتقادها وتسجيل ملاحظات عليها سواء كفريق واحد أو على كل مكون من مكوناتها. لكن تبقى «حصة الأسد» لـ«حزب الله»، مباشرة حينا أو مداورة في أحيان أخرى.
«حزب الله» يعرف ذلك. وله قراءته ومعطياته وتحليله، وهو لم يتوان في الكثير من المناسبات عن التأكيد على «الاستهداف المستمر للمقاومة» و«التآمر عليها». لكن خصومه يعتبرون في كلامه «هروبا الى الامام». وهم اليوم يراكمون «اخطاءه وسلوكياته» ويحذرون من انعكاسها «على طائفة بكاملها»، وبالتالي «على الوطن وصيغته وما توافق عليه اللبنانيون طوعا في اتفاق الطائف».

يتحدث مسؤول سياسي في حزب «يميني» مسيحي مستفيضا في محاولة التشبيه بين حزبه في زمن الحرب اللبنانية وبين «حزب الله» اليوم.. و«ضرورة استخلاص العبر». يقول القيادي «اليميني» ان كل ما يحصل في البيئة الحاضنة اليوم للحزب «يتحمل هو مسؤوليته. من منع الدولة من الدخول الى بعض مناطقه الا بإذن مسبق. والقوى الامنية، على اختلافها، عليها ان تنسق معه للدخول بسلاحها الى اي منطقة من مناطق نفوذه، لذلك راحت هذه القوى تتجنب دخول تلك المناطق مما راكم فوضى وتسيبا، وغياب الحد الادنى من صورة الدولة وتراجع هيبتها. وما سمح بالتالي بتفشي ظواهر وآفات لا يرتضيها الحزب نفسه وتتعارض مع قناعاته. وهذا ما عرفناه نحن واختبرناه سابقا في الحرب. فقوى الامر الواقع التي تملك السلاح وبالتالي السلطة على الارض، تشعر بقدرتها على الامساك بكل شيء لكنها سرعان ما تكتشف عجزها عند محطات مفصلية فتحاول لملمة الوضع لكنها تواجه بالخسارة على مستويين: على مستوى المعالجة، كما على مستوى الشعبية».

يضيف المسؤول: لقد أطلق «حزب الله» حملة «النظام من الايمان». أراد تسخير الدين لتطبيق النظام وجعله رادعا للمخالفات. ومع ذلك فشلت تلك الحملة وانتهت الى ما دون الحد الادنى المعّول عليه منها. واليوم فُتح ملف المخالفات والاعتداءات على الاملاك العامة. وحتى الآن، لم يتمكن «حزب الله « ولا حركة «أمل» من اقناع أحد بأنهما لم يشرعا، تلك المخالفات، اقله عن طريق غض الطرف تواطؤا. وغدا، حتى لو اراد الطرفان التراجع عما سمحا به، سيجدان أنهما يتواجهان مع جمهورهما الواحد. هذا ما سبق لنا ان اختبرناه. وعاش الشارع المسيحي صراعات انتهت الى تراجع احزاب او حتى زوالها نتيجة محاولتها تنظيم تفلت جمهورها. تعلمنا ان لا احد يمكنه ان يحل محل الدولة. ومهما تضخم دور فئة او حزب او طائفة ومهما استقوت او احتمت وراء مطالب سياسية او اجتماعية فإن الدولة هي الحاضن الوحيد والحامي الوحيد وحصانة الجميع» . القيادي المسيحي نفسه يشير الى أن «هذا ما نحاول منذ 2005 ان نجعل «حزب الله» يدركه لكنه رفض ان يتعظ من تجارب من سبقوه مفترضا انه مختلف او محصن، لكنه سيتبين له انه مخطئ. وسيدفع، ويُدّفع معه اللبنانيين، ثمن تكراره لسيناريو قديم».

ويرى نائب في تيار «المستقبل» ان «كل التجاوزات التي يغطيها «حزب الله» وبأعذار واهية هي اقرب الى ربط نزاع في انتظار اللحظة السياسية». ويطرح النائب جملة اسئلة حول «تحريك ملف السجون ومخالفات البناء وتوقيتهما» معتبرا «ان الحزب يخلق اجواء متوترة. يستنفر بيئته ويصورها في دائرة الاستهداف ويواصل سياسة التحريض تحت عناوين مختلفة». ويبدي النائب تخوفا من «ان يكون الحزب ينتظر تطور الاوضاع الاقليمية ولا سيما في سوريا وأن يكون في وارد التمهيد لتحرك ما على الارض. فيستغل حادثة ما عفوية او مفتعلة ليدخل لبنان في أتون صراعات المنطقة».

لكن النائب نفسه يراهن «على حكمة بعض قياديي «حزب الله» لكي يجنبوا اللبنانيين الانغماس في صراع تُعرف بداياته وإن كان يصعب التكهن بنهاياته. فالحزب هو الطرف الوحيد اليوم القادر على اشعال لبنان او تهدئة الامور فيه وابقاء الصراع في السياسة. لكننا نخاف من تأثيرات الخارج عليه. وهي تأثيرات ليست بسيطة».

يتفق نائب «المستقبل» والمسؤول الحزبي اليميني على اعتبار «الاحساس بالقدرة على الحسم عسكريا مصدرا من مصادر تهميش الدولة وتهشيم صورتها». ويسأل المسؤول الحزبي «ما الذي يمنع الاجهزية الامنية من المبادرة مثلا الى إزالة كل المخالفات بعد ان أمّن لها «حزب الله» و«أمل» التغطية المطلوبة عبر بيانهما المشترك برفع الغطاء عن كل المخالفين؟ ليوضع الجميع امام مسؤولياتهم وليتحمل كل فريق تبعات مواقفه. فإذا كانت مواقف الحزب والحركة شكلية فليتم احراجهما. وإذا كانت جدية فلنعالج مشكلة ولتبسط الدولة سلطتها. يجب البدء من مكان ما. فلم يعد مقبولا استمرار تآكل الدولة والصمت على هدر هيبتها. يجب ان تُكسر هذه الحلقة المفرغة. وصاحب شعار «اللي طّلع الحمار على المئذنة فلينزله» هو الرئيس نبيه بري. ونحن اليوم نكرر له ما قاله سابقا.

السابق
إيران كانت صريحة … فمتى يكون بعضنا صريحاً أيضاً؟
التالي
مبادرة قوى اليسار الإسرائيلي