إيران كانت صريحة … فمتى يكون بعضنا صريحاً أيضاً؟

بلا أدنى شك أن كل التصريحات الايرانية في الفترة الأخيرة سواء كانت عن طريق المؤسسات الحكومية أو الشعبية كانت واضحة جلية في هجومها على دول الخليج وتدخلها المشين في شؤونها، بل ومحاولة زعزعة استقرار أمنها، كما أنه من غير الخفي أن هذا النهج الإيراني ليس بجديد عليها بل هو قديم… هذه الحقيقة لم تعد خافية علينا جميعاً وهي تبرز مع تأكيدنا أن ايران جارة لنا لن نستطيع تغيير البعد الجغرافي لنا ولا لها فنحن كما هي مضطرين للتعايش والاستقرار.

هذه الحقيقة تم تأكيدها من قبل وزراء خارجية دول مجلس التعاون وفي أكثر من مجال، إذاً من غير المقبول ما يشاع هنا أو هناك أن في الأمر مبالغة وأن الإعلام يضخم الدور أو التدخل الايراني لأن هذا يعني انعدام الثقة تماماً في خارجيات دول مجلس التعاون وهو بالضرورة إنسلاخ عن الكيان الوطني لهذه الدول، فنحن ومهما اختلفنا مع حكوماتنا لكن يبقى أننا نوقن وبلا أدنى شك أنه، وعلى الأقل وزراء خارجياتنا، لا يحيكون التهم لأحد أو أنهم أدوات في يد الغرب كما يدعي بعض المتفذلكين.

وإذاً وحسب كم هائل من التصريحات والتقارير لم يعد خافياً نوايا إيران تجاهنا واستضعافها بقواتنا وقدراتنا بل وكياناتنا. فإن كان هذا واضحاً من إيران فإن المطلوب من بعضها وأعني ببعضنا أولئك الذين يدعون أن في المواقف الأخيرة مؤامرة ضد إيران وأن موقفها سليم بالنسبة لما أثير اخيرا في الخليج… إن المسألة أبعد بكثير من مذهب ديني يؤمن به شخص أو هوى ومرجعية يتبعها إنسان، إن المسألة اليوم تعني «وطن» سواء كان هذا الوطن هو هذا الوطن الصغير الذي نتوسد ترابه ونلتحف سماءه أو كان هذا الوطن هو الوطن الكبير الذي نرتبط مع باقيه بروابط المصلحة الواحدة والهدف المشترك.

إن المطلوب اليوم هو إعلان الموقف تجاه الخطر الذي يهدد الوطن، المطلوب الثقة والايمان بما ينتهي إليه مسؤولو الوطن في العلاقات الخارجية والالتفاف حولهم، مطلوب أن يعلن البعض موقفه من التصريحات الإيرانية والخطر الذي يمكن أن تتوجسه منهم.

يحاول البعض الباس الخلاف الخليجي – الإيراني لباس الطائفية وهو ليس كذلك أبداً، فنحن في الخليج حكومات وشعوب لا نفرق بين المذاهب، وكنا ومازلنا نتعايش مع بعضنا لا لأهمية التعايش فقط بل لأننا أصلاً لا ن
جد فرقاً بين أبناء المذاهب الإسلامية. تسعى إيران إلى التلبيس على الشعوب من خلال تغطية أطماعها بغطاء المذهبية، والواجب هنا ليس علينا بل على اتباع هذه المذاهب، والذين هم منا وفينا، أن ينتبهوا لمثل هذه التدليسات وأن يعلنوها صراحة هل هم مع الوطن أم مع غيره؟

أقول هذا وكلي إيمان ويقين بأننا واحد مهما اختلفت أعراقنا ومذاهبنا يجمعنا الوطن وله منا الفداء، وهو يريد منا الإخلاص والالتفاف حوله لا حول غيره.

السابق
أحداث المنطقة دليل فشل سياسة أميركا
التالي
“حزب الله” في مرمى الخصوم: ليتعظ من تجارب غيره في زمن الحرب