الحياة التي تحت القبب الحديدية

شكّلت نهاية الاسبوع الاخيرة ذروة جديدة في كمية النار التي وقعت على جنوب البلاد منذ "الرصاص المصبوب". 700 ألف نسمة، كما أفادت الأنباء، قضوا سحابة السبت في منازلهم، ملتصقين بالغرف الأمنية والملاجيء (اذا كانت ثمة كهذه في محيطهم). نجاح قبة حديدية، كما يتبين، لم يحرر سكان الجنوب، حتى وإن منع وقوع اصابات.

مفهوم قبة حديدية دخل في وعينا، في لجنة الخارجية والامن للكنيست، قبل نحو خمس سنوات. زرنا الموقع، التقينا بالمخططين، طرحنا الكثير من الاسئلة. انتقدنا مؤيدو بديل استخدام الليزر. تحدثوا معنا عن مشكلة المدى القصير غير المغطى. عن قذائف الهاون التي لا رد لها. تساءلنا عن الثمن الباهظ. وسألنا كم يمكن تقصير المدى الزمني الى أن يتم تشغيلها، حتى لحظة نصبها، حتى لحظة عملها. لم يكن ممكنا لنا ان نعرف بشكل قاطع اذا كان الانفاق المالي الكبير هذا مبررا. الايام الاخيرة تثبت ان هذا لم يكن خطأ؛ كان محقا عمير بيرتس عندما أصر على الاستثمار في قبة حديدية، كان محقا اهود باراك حين واصل الضغط وكانوا محقين من منحوا لهما الاسناد في الكنيست.

منظومة سترة ريح، بالمقابل، رافقتنا في المراحل الاخيرة من حرب لبنان الثانية. حتى ذلك الوقت كان يُخيل ان دبابات مركفاة علامة 4 منيعة في وجه الصواريخ المضادة للدبابات، فأثبتت الحرب بأن هناك صواريخ تخترق هذه المدرعة ايضا. سترة الريح كان يفترض ان تحمي الدبابات من مثل هذه الصواريخ بسلاح قادر على اعتراض من يحاول ضرب الدبابات.

نجاعة الحل ثبتت منذ الآن، غير أن كلفته منعت، في حينه، الاستخدام لهذه الوسيلة. وجاءت الحرب لتُسرع القرار بتغطية قسم هام من الدبابات بـ "السترات". وهذا ينجح. في الحالات الاخيرة التي أُطلقت فيها صواريخ مضادة للدبابات، تم اعتراضها.
غير انه لا توجد قبب حديدية وسترات ريح شاملة في عالمنا. تسليح الميليشيات الاسلامية في غزة بعد "الرصاص المصبوب" يشبه تسليح حزب الله في لبنان في أعقاب حرب لبنان الثانية.
الوسائل التي في أيدينا، ناجحة، إبداعية وباهظة قدر ما تكون، لن تجعل الجنوب مكانا آمنا ولن تمنحه امكانية عيش حياته تحت قبة حديدية ما تتطاير الصواريخ من فوقها ولا تعرقل الحياة السارية تحتها.
حتى لو اعترضنا مهندسا كهذا أو كذاك، ستواصل غزة البحث عن نقاط الضعف في منظوماتنا الدفاعية، وستجدها.

لا يكفي انتقاد القرارات التي اتُخذت. التحصين ضروري، قبة حديدية هامة جدا، وسترة ريح هي اضافة هامة للمدرعات. ولكن على أحد ما ان يسأل نفسه ماذا يعني هذا اذا حصل بعد اربع سنوات من حكم حماس في غزة ان كل ما تبقى لنا ان نعمله، بعد ان منحنا القطاع هدية لهذه المنظمة المشكوك فيها، هو ننفق أموالا طائلة على الدفاع أو على الانطلاق مرة اخرى لحرب في غزة. ويجدر بالذكر ان مثل هذه الحملة ستجري هذه المرة حين تكون مصر المختلفة تماما تجلس على الطرف الآخر من الحدود.
لو أن عُشر الابداعية التي استثمرت في الحلول التي توفرت حتى الآن كانت موجهة للجهد السياسي، لعله كان ممكنا منع مئات الآلاف من الجلوس في غرفهم الأمنية يوم السبت.

السابق
منيمنة: 8 آذار تستميت لتحويل رئيس الحكومة إلى «باش كاتب»
التالي
لنواصل الضرب وعدم رفع اليد عن حماس