مشاعات الجنوب.. رهن السرقة

(خاص الموقع)

بالأمس كانت يارين، واليوم طيرفلسيه وغدا من يعلم؟
هو إشكال بين أهالي بلدة طيرفلسيه وبين قوى الأمن الداخلي بسبب أعمال بناء كان بعضهم يقوم بها في الأملاك العامة التي تعرف بـ"المشاعات".
لكن مامدى صحة هذا الإشكال؟ وماهي تفاصيله؟ وهل ستحل مشكلة أراضي المشاعات المنهوبة في الجنوب؟
في اتصال مع "janoubia" رفض رئيس بلدية طيرفلسية حسن شلهوب التعليق على الموضوع. في حين وافق أحد أبناء البلدة على وضعنا في تفاصيل ما جرى. حسين عيّاد يقول إنّه المتحدث باسم الأهالي، وهو أكد صحة الخبر: "لكن ليس بالصورة التي تداولتها وسائل الإعلام".
وشرح عياد أنّ ما جرى "إشكال بسيط بدأ بتلاسن بين مجموعة من نساء البلدة وعناصر من قوى الأمن الداخلي في جويّا". بعدها قامت دورية من الأمن بجولة في القرية لاحظ عناصرها أنّ بعض الأهالي يعيدون ترميم بعض المنازل، ويزيدون بعض الغرف على منازلهم".
ويتابع عياد: "لم يبنِ أحد في المشاعات بل هو ترميم، وعندما طلبت الدورية من الأهالي وقف العمل الترميم، ولأنّهم لم يمتثلوا تمركز العناصر على مداخل البلدة ومنعوا دخول أي شاحنة محمّلة بمواد البناء، لكن لم يحصل إطلاق نار في الهواء من قبل أحد على ما تناقلت بعض الوسائل الإعلامية".
لكنّ سائر فاضل، وهو موظّف في مصلحة تسجيل العقارات بسرايا صيدا، أكّد أنّه "لا يوجد تشريع يجيز الترخيص، أو يعطي تشريعا قانونيا لمنازل مبنية على أراضي المشاع، ولا يمكن أبدا تسجيل منزل غير شرعي في دوائر العقارات الرسمي". كما شدّد على أن "المستفيد الأول والأخير من العملية هو صاحب البناء فقط".
ووافقه الرأي مهندس المساحة علي دياب، الذي هو عضو اللجنة المعنية بمسح الأراضي في الجنوب: "لا يمكن البناء في أراضي المشاع لأنها ملك الدولة ولا يمكن أن تتحوّل الى أملاك خاصة إلاّ بعد بيعها من قبل الدولة"، ويضيف: "الأمر الذي لا يتم إلاّ بقرار يتخذ في مجلس النواب. حتى أنه لا يوجد في القانون اللبناني أي تشريع يسمح بتملّك المشاعات في الحالات الخاصة"، شارحا ذلك بأنّ "كون أحدهم لا يملك عقارا خاصا أو أنّ وضعه المادي سيء جدا ليس دافعا لتغيير القانون".
وأشار دياب الى أنّ "هناك فارقا بين مشاعات الدولة ومشاعات البلدية، إذ لا يحق للبلدية التصرف بمشاعاتها إستثمارا إلاّ بموافقة الدولة"، وتابع: "يجتمع المجلس البلدي ويقرر مجتمعا استثمار مشروع ما ويرفع القرار الى المحافظ، والأخير يرسل بدوره كتابا الى وزير الداخلية والبلديات، وعلى الوزير طرح الأمر على الحكومة، وهكذا تكون البلدية سلطة تقريرية وليست سلطة تشريعية، فلا يحق لها اتخاذ أي قرار له علاقة بالدولة مفردة".
عياد من جهته أكّد أنّ "الأهالي سيستمرون في عملية الترميم إسوة بقرى جنوبية عدة، كالخرايب وعدلون والحميري، حث يقوم السكان بالبناء على أراضي المشاع"، ويتابع: "المنطق يقول إنّ من قام ببناء منزل يتألف من غرفة ومنتفعاتها منذ أكثر من 20 عاما، يحق له، وإن على أرض ملك للدولة أو للبلدية زيادة غرفة أو إثنين كحد أقصى إستجابة لحالته الإجتماعية وزيادة عدد أفراد عائلته"، ويتابع عياد بلا منطق قانوني ولا عقاري: "في الأساس عملية البناء هذه لا تؤثر سلبا على أحد أو حتى على البلدية، لأنّ الأراضي بعيدة عن الطريق العام وغير مستثمرة من قبل السلطة المحلية".
هكذا يستكمل عيّاد ما بدأه كثيرون منذ تحرير الجنوب في العام 2000، في بلدات عدّة، مثل العديسة وربثلاثين، حيث استولى بعض القريبين من الجهات النافذة على أراضي المشاعات وبنوا عليها، واليوم بعضهم يتصرف بها بيعا واستثمارا، في حين ما عاد هناك مساحة، في قرى كثيرة، لبناء مستوصف أو مدرسة أو ملعب أو حتى حديقة صغيرة أو مكتبة. ولا من يحاسب، في وجود من يحمي المخالفات والمخالفين.
المشاعات وسرقتها قصة ستروى عن الجنوب بعد سنوات، وسيقال ما لا يمكن أن يقال اليوم.

السابق
شكراً فرنسا
التالي
لجنة رسمية لدعم وإغاثة جالية ساحل العاج