شباب منزعجون من طمس العدالة

في الوقت الذي يطالب حزب الله بمحاكمة قادة ثورة الأرز على كلام نسب إليهم في لقاءات ديبلوماسية، يعمد الحزب إلى لفلفة قضية مقتل الشهيد سامر حنا.

"قضية اغتيال الشهيد سامر حنا ليست منفصلة عن أروقة السياسة المظلمة، وهي أبعد من عملية قتل غير متعمّد، كما روّج البعض لها". هذا ما عبّر عنه الطالب في جامعة الكسليك بيترو خير (سنة سابعة طب)، مشيرا إلى أنّ "العناوين الكبرى الطنّانة، التي يحاول البعض إشغالنا بها، لن تنجح في التعتيم على ضرورة محاسبة القاتل على نحو يليق بدماء من استشهد".

إلى جانب الوجه السياسي لهذه القضية، توقف خير عند بعدها الإنساني المأسوي: "جريمة إنسانية، لا يمكن السكوت عنها والبقاء مكتوفين، وبما أنّ حزب الله وراء من اغتال الطيّار حنا، فلماذا لا يحاسب؟.

في هذا السياق، أسف خير للأسلوب الذي انتهجه حزب الله مع التحقيقات التي تلت الجريمة. وأضاف: "ما من شيء مستحيل مع بقاء السلاح غير الشرعي داخل وخارج المربعات الأمنية".

خير وغيره كثر من الشباب الذين تحدّثنا إليهم، تستفزّهم قضية اغتيال سامر حنا، لأسباب عدّة، أهمّها "أنه محسوب على الوطن، وليس على حزب من دون آخر، واغتياله يعني طعن المؤسّسة العسكريّة". ويذهب خير أبعد من ذلك، موضحا: "صحيح أنه لم يكن يخوض غمار أيّ معركة حربيّة، ولكن حزب الله في الجنوب ميليشيا في حدّ ذاتها، فكما استشهد جنود لنا في نهر البارد، كذلك استشهد حنا على أيدي ميليشيا إيرانية". في هذا السياق، حذّر خير من "أن يمارس حزب الله سياسة الترهيب والتخويف بحق كلّ من يثير قضية الطيّار حنا".

ودعا خير الدولة اللبنانية إلى أخذ العبر من التعدّي السافر الذي تعرّضت له. "هل يعقل أن تستباح كرامة الدولة على أرضها؟ لا بدّ من اجتماع وطنيّ جامع، يتمّ من خلاله الاتفاق على صيغة سياسية، توضح معالم أيّ وطن نريد، فالثوابت التي يفرضها حزب الله على اللبنانيين، ليست ثوابت الدولة التي نطمح إليها". وأضاف: "كما يعتبر حزب الله نفسه مقاومة، فنحن أيضا مقاومة، ولكن لا نقبل الاعتداء على دولتنا، ولا بوجود سلاح غير شرعيّ".

من جهته، اعتبر الطالب ميشال منير (سنة ثانية هندسة كمبيوتر واتصالات)، "أنّ اغتيال النقيب حنا قضية وطنية، لا تعني أسرته فقط، إنما كلّ شاب لبناني متجذّر في وطنه، لا سيّما وأن اغتياله استهدف الجيش اللبناني رمز الاستقرار". بشيء لا يخلو من الحذر والعتب، أسف منير لاستمرار حزب الله في بناء دولة ضمن الدولة اللبنانية، فسأل: "إلى متى يمكن السكوت عن تجهيل الفاعل وطمس الحقيقة؟ لا يمكن لحزب الله التلطّي مطوّلا وراء إصبعه".

في هذا الإطار، أكّد منير ابن شكّا البترون، أنّ صرخة أبناء القضاء مشتركة: "نستغرب كيف يمكن إطلاق المتهم بعد 5 أشهر، والأغرب من ذلك الكفالة الماليّة التي لم تتجاوز عشرة ملايين ليرة، فهل بدأ زمن تسعير الضحايا؟". إزاء عدم إحقاق العدالة، ومحاسبة القاتل، نقمة عارمة تراود كثرا من الشباب اللبناني، فمنهم من بات قلقا على مستقبله، ومنهم من بدأ يرى في الهجرة ملاذا آمنا. كما أكّد منير أنّ كيل اللبنانيين قد طفح، "هذه ليست القضية الأولى التي يعمد حزب الله إلى تخفيف وهجها، وإفراغها من معناها، على سبيل المثال، حتى يومنا هذا لم نسمعه يطالب بالإفراج عن المعتقلين في السجون السورية".

أمّا بالنسبة إلى الشاب نعيم كرم، فقال: "لا يمكن تصديق أنّ مقتل سامر لم يكن متعمّدا، لا يمكن لأيّ عنصر أخذ قرار إطلاق رصاصة من بندقيته، من دون علم وأمر من القيادة".

كرم، واحد من الرفاق الذين شاركوا سامر المقاعد الدراسية عينها في مدرسة الآباء الكبّوشيين على مدى نحو 11 عاما، قبل أن يفترقوا في المرحلة التعليمية الثانوية، لذا يرفض أن تموت قضية صديقه من دون أن تأخذ الدولة العبر. "لا يمكن المضيّ قدُما ونحن ندفن شهداءنا، ونلملم جراحنا، من دون أي محاسبة للقاتل، وعلى حسابات صفقات سياسية تعقد بالجملة".

يذهب كرم أبعد من ذلك، ويحاول قلب المعادلة، فيسأل: "ماذا لو تمّ التصويب على أحد من عناصر حزب الله، لا شكّ في أنّ الفوضى كانت لتعمّ البلاد وتقلبها رأسا على عقب، إلى جانب تجنيد كامل لوسائله الإعلامية".

بدورها، شدّدت الطالبة في جامعة البلمند إيليان فارس (سنة ثانية إدارة أعمال) على أنّ سامر حنا شهيد الوطن أيّا تكن هويّته، متأسفة لغياب العدالة، " لو في عدالة لم يكن ليسرح ويمرح القاتل، لا بدّ من حكم يطاول الجميع، من دون برطلة، فلا يمكن نسيان دم شهيد سقط".

السلاح غير الشرعي من أبرز العوائق التي تحول دون تحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين. أحداث متنوّعة أظهرت أن لا شيء يمنع توجيه السلاح إلى الداخل، بهدف "عملية نظيفة"، أو لتسجيل "يوم مجيد"، وأحداث 7 أيار من إحدى تلك الأدلّة… فأيّ توافق يمكن أن ننشده في المرحلة المقبلة، في الوقت الذي يؤدّي هذا السلاح دور "بيضة القبّان"؟

السابق
حسن بري:نصنع من الضعف قوة
التالي
نوايا أوباما