قانون السير هل يحلّ مشكلة السير؟

إنني أنظر بخوف إلى تفاؤل المسؤولين وهم يتفنون بقانون السير الجديد ويستعجلون صدوره ويعلقون عليه الآمال الكبار لحل مشكلة مستعصية تكبد الوطن والمواطن تكاليف باهظة وتعرقل النمو الإقتصادي وتلحق الضرر بالبيئة وبالصحة العامة وهي في ازدياد مستمر على رغم المحاولات المتكررة لحلها. كما أتصور في الوقت نفسه الصدمة المؤلمة التي سيصابون بها بعد صدور القانون – الأمل وبعد أن يتبين لهم أن العمل به لن يغير الكثير من الواقع الصعب والمعقد. تماماً كما حصل بالنسبة إلى نظام المقالع والكسارات على سبيل المثال.
لقد تعودنا في لبنان في كل مرة تتعقد فيها الأمور أن نضع المسؤولية على القانون، فنستصدر قانوناً جديداً يضاف إلى المجموعة الموجودة. ثم يتبين أن القانون الذي كنا نحمله المسؤولية لم يكن هو السبب الحقيقي للمشكلة كما أن القانون الجديد لم يحل الكثير منها.

إن هناك إمكاناً لتطوير أي قانون وتحسينه، مهما كان "مدروساً". لكنني على ضوء تجربتي الشخصية خلال أربعين سنة في الإدارة العامة كانت كلها في مراكز قيادية أخذتُ الوظيفة خلالها على محمل الجد، أستطيع التأكيد أن لدينا تخمة في القوانين وان بعض افضلها يعود إلى فترة الانتداب كقانون الأملاك العمومية وقانون المياه وقانون الحماية من التلوث وقانون البناء على سبيل المثال. وإنما كانت المشكلة دائماً في تطبيق القانون.
وفي هذا السياق أرى أن قانون السير الحالي ليس سيئاً لو يتم تطبيقه بالفعل على رغم أنه قابل للتطوير وللتحسين، وان صدور القانون الجديد قد يؤدي إلى بعض التحسين كجميع الحلول الجزئية، لكنني أجزم بأنه لن يحل المشكلة. فالمعالجات الجزئية والمجتزأة التي نقوم بها في هذا المجال منذ إلغاء الترامواي في بيروت في الستينات من القرن الماضي كانت كلها كمن يعالج المرض الخبيث بحبة أسبيرين تخفف الألم بعض الوقت، لكنها لا تعالج الداء، أو تنقل المشكلة من مكان إلى آخر كتحسين تقاطع في نقطة معينة.

إن معالجة موضوع النقل المديني والذي يشكل موضوع السير أحد مظاهره يحتاج إلى رؤية إجمالية وإلى وضع خطة متكاملة تبدأ بدراسة الأسباب، ثم تضع العلاج الفعلي للمرض ولا تكتفي بمعالجة بعض مظاهره، تماماً كما يفعل الطبيب الذي يبدأ بالتحاليل والصور الشعاعية ثم يصف العلاج المناسب على ضوء ذلك. وإنني سأحاول بإيجاز كلي تقديم بعض ما أراه مناسباً في هذا المجال علماً بأنني سأترك عن قصد، بغاية عدم الإطالة، بعض النواحي الأساسية في الحل الطويل الأمد كالخطة الشاملة للإنماء، التي نتحدث عنها منذ منتصف القرن الماضي، ودورها في توزيع السكان والنشاطات، ودور تصاميم التنظيم المدني في تحديد كثافة السكان ومواقع التجمعات العمرانية وإنعكاس ذلك على انتقال الأشخاص ونقل البضائع.
أولاً: إن ازدياد عدد السكان في المناطق في غياب الخطة الإنمائية التي تؤمن لهم إمكان كسب العيش والحصول على الخدمات الضرورية في مناطقهم أدى إلى هجرة كثيفة لهؤلاء السكان إلى المدينة بصورة عامة وإلى العاصمة بيروت بصورة خاصة حيث يتركز النمو الإقتصادي وتتوافر الخدمات، فشكلوا عبئاً ثقيلاً على مختلف قطاعات الخدمات ومنها النقل المديني.

ثانياً: بعد نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945 ازدهرت صناعة السيارات وازداد استعمالها بشكل كبير واعتمدت مختلف مدن العالم سياسة تسهيل سير السيارة إلى درجة أمكن معها القول بأن السيارة توجت نفسها ملكة في المدينة. لكن هذه المدن اكتشفت منذ منتصف السبعينات من القرن العشرين الماضي خطأ هذه السياسة. كما توصلت إلى اقتناع بأن الرهان على حل مشكلة النقل داخل المدن بواسطة السيارة الخاصة هو رهان خاسر حتماً، وإن الإستمرار في العمل على تلبية "حاجات" السيارة الخاصة لا يمكن أن يوصل إلى النتيجة المطلوبة. وقد تكرس هذا الاقتناع بقرار صدر عن المنظمة العالمية للمدن الكبرى (متروبوليس) خلال اجتماعها الأول في باريس سنة 1985 وراحت هذه المدن تعمل في إتجاهات أخرى تهدف أساساً إلى عدم تشجيع إستعمال السيارة الخاصة مع تقديم البديل، واعتمدت وسائل مختلفة للوصول إلى هذه الغاية نذكر منها:

أ – إنشاء شبكات نقل مشترك منظمة كالمترو في لوس أنجلس والقاهرة ودبي وليون ومرسيليا…
ب – تطوير وتحديث شبكات النقل العام كالترامواي في غرينوبل وبوردو وبروكسل…
ج – رفع تكاليف وقوف السيارة في نيويورك وباريس…
د – حتى دفع البدل لمجرد دخول السيارة بعض أقسام المدينة كالأحياء التجارية في مدينة سنغافورة وليس دفع بدل الوقوف فقط.
إلا أن هذا "الاقتناع" لم يصل إلى لبنان بعد، ولا تزال السيارة هي سيدة المدينة.
ثالثاً: عند معالجة النقل المديني يجب أن نتذكر أنه ليس من السهل إقناع المواطن بالإستغناء عن إستعمال سيارته الخاصة حتى لو توافرت له وسيلة النقل العام المناسبة لأن للسيارة الخاصة حسنات كثيرة بالنسبة إلى مالكها تدفعه إلى التعلق بها، نذكر منها:
1 – إنها في تصرفه ورهن أمره يستطيع إستعمالها عندما يريد.
2 – إنها تنقله من مكان وجوده إلى المكان الذي يقصد "من الباب إلى الباب".
3 – إنها تمكنه من تحميل ونقل مواد وحاجات وأغراض يصعب حملها ونقلها في حافلات النقل العام وخصوصاً في ساعات الذروة.
4 – إنها تؤمن له الإستقلالية والحرية بالإستماع إلى الموسيقى أو الأغاني أو الأخبار التي يختار.
5 – إنها تؤمن مكاناً محمياً من العوامل الطبيعية.
6 – بالإضافة إلى ذلك، تشكل السيارة الخاصة بالنسبة الى المواطن اللبناني مظهراً إجتماعياً قد يحرم نفسه من بعض الضروريات في سبيل الحصول عليها للتباهي بها أمام الآخرين.
رابعاً: إن جميع العناصر التي تدفع المواطن اللبناني إلى استعمال سيارته الخاصة هي متوافرة حتى الآن بصورة عامة ومن هذه العناصر:
1 – عدم وجود شبكة نقل عام كثيفة ومنتظمة ونظيفة يعتمد عليها المواطن لتنقلاته داخل المدينة وضواحيها القريبة.
2 – انخفاض تكاليف إقتناء السيارة الخاصة بصورة عامة والتي قد لا تتجاوز مئة دولار أميركي في السنة منها 50 دولار أميركي للتأمين الإلزامي و 50 دولار أميركي لرسوم الميكانيك.
3 – سهولة وإنخفاض تكاليف إستيراد السيارات المستعملة.
4 – الوقوف المجاني في الشارع العام (1).
فإذا أضفنا حب الظهور إلى هذه العناصر يتبين لنا أن لجوء اللبنانيين إلى إقتناء السيارة الخاصة واستعمالها يأتي نتيجة طبيعية لهذا الواقع.

خامساً: إن طرح موضوع النقل المشترك كمشروع إستثماري يخضع للحسابات الظاهرة بين النفقات والعائدات، هو طرح خاطئ ويجب طرحه كمشروع وطني مع إنعكاساته الإيجابية على مختلف الحقول الأخرى فهو:
1 – يساعد فعلاً على حل مشكلة السير (ان نقل الراكب الواحد بالسيارة الخاصة يشغل مساحة من الطريق تزيد أكثر من ثلاثين مرة عن المساحة التي يشغلها نقل هذا الراكب بواسطة أوتوبيس النقل المشترك).
2 – يوفر في نفقات إنشاء وصيانة الشوارع والطرق العريضة اللازمة لتأمين سير السيارات الخاصة الكثيف.
3 – يوفر في المحروقات التي تستهلكها السيارات الخاصة للإنتقال.
4 – يوفر في ثمن السيارات نفسها وفي سرعة إستهلاكها ونفقات صيانتها.
أي أن معالجة موضوع النقل يجب أن تكون مبنية على رؤية واسعة تتضمن الجدوى الإقتصادية للمشروع نفسه بالإضافة إلى النتائج المرجوة منه وما يمكن أن يترتب على عدم تنفيذه على المستوى الوطني.
وفي المناسبة، كان العاملون في مجال النقل العام في مدينة باريس قد أخبروني عندما كنت مديراً عاماً للتنظيم المدني أن ثمن بطاقة المترو التي يدفعها المواطن تساوي 60% من نفقات التشغيل دون التطرق إلى الربح أو إلى رأس المال.

سادساً: يشكل وقوف السيارات عنصراً أساسياً من المشكلة:
6 – 1 – إن قسماً كبيراً من مساحة الطرق العامة يُستعمل لوقوف السيارات مجاناً ويؤدي إلى خفض طاقة الطرق على تأمين السير والى ازدياد حدة أزمة النقل في المدن. بالإضافة إلى انه استعمال غير عادل للملك العام لأنه يسمح للبعض باستعمال هذا الملك العام مجاناً ولفترات طويلة ويحرم آخرين استعماله عند الضرورة ولو لفترات وجيزة، كما أنه يشجع المواطن على الوقوف في الشارع العام، نظراً إلى سهولة هذا الوقوف، حتى عندما يكون لديه موقف داخل الأبنية.
لتغيير هذا الواقع نرى استيفاء بدلات لوقوف السيارات في جميع الشوارع والأملاك العمومية وفي جميع الأوقات على أن يكون ذلك بموجب بدل بنسبة وقت الوقوف للعابرين وبشكل بدل إشتراك شهري أو فصلي أو سنوي للسكان المقيمين في الحي.
إن تدبيراً كهذا يؤدي إلى:
1 – إستعمال أكثر عدالة للملك العام.
2 – ينسجم مع أحكام القانون الذي يسمح بالإشغال المؤقت للملك العام مقابل البدل.
3 – يمنع البعض من "إحتلال" الشارع.
4 – يسهل مهمة المواطنين الذين يضطرون الى الوقوف فترة وجيزة لقضاء حاجة.
5 – يدفع أصحاب السيارات التي كانت تقف طوال النهار في الشارع العام الى استعمال وسيلة نقل اخرى للوصول الى أماكن عملهم غير سياراتهم الخاصة.
6 – يدفع من لديه مرأب داخل البناء إلى إستعماله وعدم الوقوف في الشارع العام.
7 – يؤمن دخلاً للبلدية يساعدها على القيام بواجباتها.
8 – قد يشجع على إنشاء أبنية كمرائب عامة للسيارات.
6 – 2 – لقد بينت التجربة أن مساحات المرائب المفروضة بموجب الأنظمة الحالية عند الترخيص بالبناء هي غير كافية، كما أن أنظمة التشجيع على إنشاء أبنية للمرائب العامة وفقاً لما نص عليه قانون البناء لم تعط النتيجة المتوخاة ولم تشجع تجار الأبنية على ولوج هذا الباب.
6 – 3 – إن بعض القرارات الإدارية تساهم في إزدياد أزمة النقل المديني كالترخيص بإنشاء مطعم أو مقهى أو ملهى أو متجر من غير أن يكون هناك موقف لسيارات زبائن المؤسسة.

سابعاً: نحو سياسة للنقل المديني في لبنان
إن وضع سياسة للنقل المديني في لبنان يحتاج إلى العمل في إتجاهات عدة ومتوازية نذكر منها السبعة الآتية:
7 – 1 – الإتجاه الأول يقضي بتغيير المفاهيم السائدة في لبنان التي تعطي الأفضلية للسيارة داخل المدينة. ويجب العودة إلى الأصل وإعطاء الأفضلية للإنسان وتصميم وتخصيص الشوارع والأرصفة وتشغيلها في هذا الإتجاه.
ان الانتقال سيراً على الأقدام هو الوسيلة الأقدم والأسهل والأرخص إذ يمارسه الجميع دونما حاجة إلى أية معطيات خاصة، وهو يؤمن اكبر قدر من الحرية للفرد أثناء الانتقال، علماً بأن الكثيرين من سكان المدن في البلدان الغنية ينتقلون سيراً على الأقدام خلافاً لما نتصور ولمسافات يبلغ معدلها 500 متر في المدن الفرنسية العادية و 1200 متر في مدينة باريس أي أكبر من المنطقة المعروفة بوسط بيروت التجاري وذلك على رغم وجود شبكات جيدة للنقل المشترك.
7 – 2 – والإتجاه الثاني يقضي بتأمين وسيلة نقل مشترك كثيفة ومنظمة ومنتظمة يستطيع المواطن الإعتماد عليها بصورة أكيدة لتنقله داخل المدينة ومحيطها، وأن تكون جذابة ونظيفة ومنخفضة الكلفة لتجذب المواطن إلى إستعمالها.

هناك ثلاث وسائل رئيسية معروفة للنقل المديني وهي المترو والترامواي والأوتوبيس، يضاف إليها في لبنان وسيلة رابعة هي التاكسي سرفيس.
1 – يشكل المترو وسيلة ممتازة للنقل المديني فهو بصورة عامة مستقل عن الطريق المخصصة لسير السيارات ويقع عادة تحت سطح الأرض أو فوق مستوى الأرض، فيؤمن وسيلة نقل منتظمة، لا تتأثر بكثافة السير على الطريق، ويمكن توقيت سيره وسرعته بشكل دقيق إلى حد كبير. لكن إنشاء المترو يكلف غالياً (نحو مئة مليون دولار أميركي لإنشاء الكيلومتر الواحد).
2 – ويشكل الترامواي وسيلة نقل جيدة في المدن المتوسطة والصغيرة ونرى أن قرار إلغائه في بيروت في الستينات من القرن العشرين الماضي كان قراراً في غير موقعه. وقد أقدمت مدن كغرينوبل وبوردو في فرنسا على تطويره وتحديثه وهو يعمل بشكل جيد.
لذلك يمكن إعادة الترامواي أو ما يشابهه، بعد تحديثه، إلى العاصمة وضواحيها القريبة وهو يشكل الحل الأمثل في نظرنا.
3 – ويشكل الأوتوبيس وسيلة نقل جيدة داخل المدينة، لكن نجاحها يحتاج، على الأقل، إلى توافر العنصرين الآتيين:
أ – وجود العدد الكافي من الحافلات العاملة وهو الأمر الذي لم يحصل يوماً في لبنان. فبالمقارنة مع مدن مشابهة لبيروت كمدينة تونس أو دكار أو جنوى تحتاج بيروت إلى 700 أوتوبيس عاملة، الأمر الذي لم يحصل في أي وقت من الأوقات. بل إن عاصمتنا لم تؤمن ربع هذا العدد في أحسن أيامها.
ب – تخصيص مسرب خاص من الطريق لسير أوتوبيس النقل العام حيث يمكن ذلك لإخراج هذه الحافلة من أزمة السير وتمكينها من السير بسرعة أكبر من سرعة السيارات الخاصة.
4 – تقوم التاكسي سرفيس بدور مهم في تأمين النقل العام في العاصمة بيروت، لكنها تسير بشكل فوضوي.
ونرى المحافظة على هذه الوسيلة المساعدة، لكننا نرى ضرورة تنظيمها بشكل جدي وصارم.
7 – 3 – أما الإتجاه الثالث فإنه يقضي برفع تكاليف إستعمال السيارة الخاصة بعد تأمين وسيلة النقل العام المناسبة والكافية للمواطن.
7 – 4 – والإتجاه الرابع يرمي إلى إيجاد حل فعلي لمشكلة وقوف السيارات في المدينة حيث لم تؤد شروط قانون البناء ولا العناصر التشجيعية المتوافرة إلى إنشاء المرائب الكافية ولا يزال الوقوف يشغل قسماً كبيراً من الطريق العام وحتى من الأرصفة.
وللوصول إلى هذه الغاية نرى:
1 – تعديل قانون البناء ونصوصه التطبيقية وفرض إنشاء المرأب الكافي في الأبنية الجديدة بعدما بينت الممارسة العملية أن مساحة المرأب المفروضة غير كافية، هذا إذا تمت المحافظة عليها كمرأب.
2 – دراسة كيفية وقوف سيارات الزبائن عند دراسة طلبات الترخيص بإنشاء المؤسسات التي يلجها زبائن كالمطاعم والمقاهي ودور السينما والمسارح والملاعب الرياضية.
3 – وضع الشروط التشجيعية لإنشاء المرائب الخاصة للتشغيل أو للتأجير أو للبيع بعدما تبيّن التطبيق الفعلي للشروط التشجيعية السابقة عدم فاعليتها.
4 – الإنتقال من الكلام إلى الفعل وإعطاء إمتيازات إنشاء وإستثمار مواقف عامة للسيارات تحت الساحات العامة وربما تحت الشوارع العريضة في المدن.
7 – 5 – والإتجاه الخامس يقضي بوضع الخطة الشاملة للإنماء التي يتحدث لبنان عنها منذ أكثر من نصف قرن دون التوصل إلى وضعها بالفعل.
7 – 6 – والإتجاه السادس يقضي بمعالجة خاصة لنقل الأشخاص بين العاصمة بيروت وضواحيها القريبة من جونية إلى الدامور في مرحلة أولى ومن جبيل إلى صيدا في مرحلة ثانية ومن طرابلس إلى صور في مرحلة ثالثة وذلك بتحويل خط السكة الحديد إلى مترو على سطح الأرض لأن خط المترو الواحد يستطيع أن ينقل عدداً من الأشخاص يزيد أضعاف ما يستطيع الأوتوستراد الذي يتضمن أربعة مسارب للسير من نقله في الوحدة الزمنية (الساعة) بواسطة السيارة الخاصة.
7 – 7 – والإتجاه السابع يقضي بتطبيق أحكام القانون.

إن من يقرأ هذه الكلمات سيستهجن كيف يكون تطبيق القانون مطلباً وليس عملاً بديهياً يُعمل به حكماً وتُفرض العقوبات الرادعة على المخالف. لكن سنوات الأحداث اللبنانية وتراخي سلطة الدولة وضعف التربية المدنية أدت مجتمعة إلى إنتشار عدم التقيد بأحكام القانون وبشكل أدى ويؤدي إلى الحاق الضرر الفادح بقطاع النقل كتحويل الأوتوستراد المقفل في انطلياس أو في خلدة إلى سوق تجاري مفتوح خلافاً للقانون فيشكل إختناقات للسير، وهو واقع يتوسع تدريجاً كبقعة الزيت إلى الأقسام الباقية من الأوتوسترادات. فالأوتوستراد، بموجب القانون الصادر سنة 1968، يعتبر طريقاً مقفلاً مخصصاً للسير السريع، يُمنع أن يستعمله المشاة والعربات البطيئة، ويمنع الدخول إليه والخروج منه إلا في مواقع المحولات المخصصة لهذه الغاية، ولا يحق للعقارات الملاصقة حق الدخول إليه أو الخروج منه لأنه مقفل في وجهها قانوناً.

وتدفع الدولة مبالغ طائلة لإنشاء الطريق بمواصفات مميزة مخصصة للسير السريع ثم تتركها تتحول إلى أسواق تجارية خلافاً للقانون فتتسبب بأزمة سير خانقة تعمل على حلها بعد ذلك. وحتى في الأقسام البعيدة من المدن يصار إلى وصل الأوتوستراد بالطرق الفرعية بشكل لا يؤمن الحد الأدنى من المواصفات الفنية وتشكل خطراً محدقاً على السلامة العامة. كما تبدأ المخالفات بإنشاء خيمة لبيع الخضار والفواكه، ثم تتحول الخيمة إلى غرفة، فإلى بناء من طبقات، فإلى سوق تجارية أمام عين الدولة وليس هناك من يردع ويا للأسف.

(1) بدأ سنة 2009 إستيفاء بدل وقوف في بعض الشوارع الرئيسية خلال ساعات النهار، لكنه لا يزال تدبيراً جزئياً وبطيئاً جداً.

السابق
تقاطع أميركي ـ سعودي ـ سوري على تأجيل التأليف؟
التالي
الأردن والموازنة الصعبة