النظام الطائفي بين أمل والجماعة الاسلامية

رغم مرور شهر على انطلاقة "حملة اسقاط النظام الطائفي في لبنان" لم تصدر عن الاحزاب اللبنانية ذات التكوين الطائفي والمذهبي مواقف لافتة من هذا التحرك، علماً ان الناشطين في الحملة يصوّبون على 7 احزاب يعتبرونها اساس النظام الطائفي.
"النهار" تسأل بعض هذه الاحزاب عن موقفها من حملة استهداف الاحزاب الطائفية وإسقاط النظام الطائفي، وما اذا كانت معنية بهذه الحملة ام انها احزاب عابرة للطوائف؟

تعتبر حركة "امل" نفسها من المعنيين الاوائل بإلغاء الطائفية السياسية وتتكئ الى ادبياتها ومواقف مؤسسها، الامام المغيب السيد موسى الصدر، وان رئيسها كان اول من وافق على مشروع الزواج المدني الاختياري قبل نحو 15 عاماً، والحركة تدعم "حملة اسقاط النظام الطائفي" وتتفهم مشاعر من يرفع صورة الرئيس نبيه بري كأحد رموز النظام الطائفي. اما "الجماعة الاسلامية"، فتؤكد دعمها لاقامة الدولة المدنية في لبنان لانها حزب "غير طائفي يسعى لإصلاح الوضع الداخلي اللبناني ولديه مشروع اصلاحي للقضاء على الفساد السائد واشاعة اجواء الديموقراطية".

قبلان: ميثاق "أمل" يدعو لإلغاء الطائفية

وفق التوصيف الذي اطلقه مؤسس "امل" الامام المغيب السيد موسى الصدر، انها "حركة وطنية وليست طائفية، ولا تملك مشروعاً طائفياً، مع الاعتراف بأن ظروف الحروب جعلت من الغالبية الساحقة من المنتمين للحركة من الطائفة الاسلامية الشيعية، الا ان نشأة الحركة ومؤتمراتها ووثائقها منذ تأسيسها شارك فيها حركيون من غير الشيعة، وفق ما يؤكد عضو المكتب السياسي في الحركة حسن قبلان، ويضيف: "ان البيان النظري والفكري للحركة قام على اقنومين، محاربة التحدي الصهيوني للبنان اولاً ورفع الحرمان وإلغاء الطائفية السياسية في لبنان، وهذا ما ينص عليه ميثاق الحركة".
ويلفت قبلان الى ان كل الوثائق الاصلاحية التي قدمها السيد الصدر، اضافة الى مواقفه، ومواقف رئيس الحركة رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومجمل المادة التعبوية لعناصرها، انما تقوم على ضرورة الخروج من النظام الطائفي و"أمل" أكدت وتؤكد ضرورة تطبيق اتفاق الطائف وتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، وتعتبر هذا الامر بمثابة الحد الادنى لاصلاح النظام السياسي اللبناني.
ويتابع: "الحركة منفتحة، وعلى استعداد لمناقشة اي فكرة تدفع بالحياة الوطنية الى الامام من دون اي احراج، بشرط عدم المس بالقيم الدينية للبنانيين.
ويُذكر ان الحركة سبق ووافقت على مشروع الزواج المدني في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي في العام 1997. وفي العام الفائت اطلق الرئيس بري الدعوات المتكررة لتشكيل الهيئة الوطنية للشروع في الغاء الطائفية السياسية، وبالامس وقع الاخير على اقتراح القانون الذي قدمه النائب مروان فارس والمتعلق بالاحوال الشخصية.

وعليه، ترى "امل" نفسها في وسط ساحة شديدة التعقيد، ورغم ذلك تتقدم خطوات جريئة الى الامام وهي مستعدة لتلقي الكم الكبير من الاسئلة، وايضاً الاستنكارات، من المواقع الدينية.
اما عن التحرك الشبابي المطالب باسقاط النظام الطائفي ورفع صورة الرئيس بري مع رموز النظام الطائفي، فيوضح عضو المكتب السياسي في "امل":
"اكدت قيادة الحركة، وعلى رأسها الرئيس بري، الدعم الكامل لهذا التحرك. وأبدى بري تفهمه لرفع صورته وشارك في اجتماعات مع هؤلاء الشباب فاستمع الى هواجسهم. و"امل" في صلب هذه التظاهرات الهادفة لاسقاط النظام الطائفي، ولذلك يشارك
طلابها وعناصرها في هذه التحركات، شرط عدم رفعه اي علم حزبي والتقيد بالشعارات واللافتات التي يقرها المنظمون، وهي في سياستها هذه لا تمتطي اي مشروع او تركب الموجة لانها كانت السباقة الى طرح إلغاء الطائفية، على الاقل منذ العام 1975.

الشيخ عمار: "الجماعة الاسلامية" غير طائفية
قد تفاجئ مواقف رئيس مجلس الشورى في "الجماعة الاسلامية" علي الشيخ عمار بعض المتابعين، لأنه يؤكد ان "الجماعة" ومنذ العام 1972 تطرح شعار الغاء الطائفية السياسية "اعتقاداً منها ان السلطات التي تعتمد التوزيع الطائفي تكون عائقاً امام جعل لبنان بلداً ديموقراطياً". ويرى الشيخ عمار ان التنوع الطائفي والطائفية السياسية المعتمدين في لبنان ليسا السبب الأساسي في الوضع المتردي الذي يشهده لبنان، لان هناك بعض القوى السياسية والأشخاص يحاولون استغلال المسألة الطائفية لفرض رؤيتهم على البلد".

ويجزم عمار بان "الجماعة الاسلامية" ليست حزباً سياسياً طائفياً لان "البلد لكل ابنائه وبالتالي فإن باب الانتساب الى "الجماعة" مفتوح امام الجميع من اجل إصلاح الوضع الداخلي اللبناني والقضاء على الفساد السائد واشاعة اجواء الديموقراطية".
اما عن شعار "اسقاط رموز النظام الطائفي"، فيوضح رئيس مجلس الشورى في "الجماعة الاسلامية": "نحن لسنا معنيين بشعار اسقاط هذه الرموز، انما من يعتبر نفسه يختصر طائفة ما هو المعني بهذا الشعار، ونحن جزء من اللبنانيين الذين يسعون لأن يكون لبنان بلداً لجميع ابنائه وان يقضى على حال التخلف. ونرى ان التنوع الطائفي او المذهبي او الديني هو غنى للبنان.
ويؤكد عمار ان "الجماعة الاسلامية" من دعاة اقامة الدولة المدنية وليس لديها دعوة لإقامة دولة دينية. وفي كل الاحوال، فإن الدولة الإسلامية هي دولة مدنية.
اما عن امكان تحقيق "حملة اسقاط النظام الطائفي" اهدافها، فيعلق: "هناك اتفاق الطائف الذي يحدد بعض الخطوات الهادفة الى الغاء الطائفية السياسية، واذا كانت هناك نية جدية فانه من خلال الدستور يمكن الغاء الطائفية السياسية، وان كان هناك اجماع نحن مع الغاء الطائفية السياسية، ولكن لا نريد ان يكون هذا الشعار استفزازياً لفريق من اللبنانيين".

هي عينة من مواقف بعض الاحزاب والقوى اللبنانية من "حملة اسقاط النظام الطائفي"، وهذه المواقف تبقى برسم الرأي العام ليحكم عليها مقارنة بأداء بعض هذه الاحزاب في السلطة والمعارضة خلال السنوات الفائتة. ولكن اذا كانت هذه الاحزاب ضد الطائفية والنظام الطائفي، أليس من الاجدى ان يغير الناشطون في "حملة إسقاط النظام الطائفي" شعارهم؟

السابق
حزب الله والثورات وسوريا
التالي
الحوت: لسنا في صدد رؤية حكومة في القريب العاجل