الثورة الإيرانية في البحرين

عندما بدأت الثورة الشعبية في تونس ومصر وليبيا، أيدها كثير من شعوب عالمنا العربي والإسلامي، لأنها ثورات قامت ضد حكومات دكتاتورية انتهازية متسلطة، ضيعت ثروات البلاد وأهدرت كرامة العباد، اشترك فيها جميع أطياف المجتمع، ففي مصر مثلا رأينا الغني يساند الفقير، والمسلم يحمي المسيحي، والمثقف يقف بجانب العامي، الرجال والنساء، الشيوخ والأطفال، الكل يطالب برحيل النظام.
وفي النهاية تحقق المطلوب وخلعت الأنظمة الظالمة في تونس ومصر، وقريبا بإذن الله يتحقق ذلك في ليبيا.
ولكن هذا التأييد العربي والإسلامي لهذه الثورات اختلف عن الثورة الحالية في البحرين، وأعتقد أن ذلك راجع لأسباب عدة، ومنها أن الثورة البحرينية يتضح فيها النفس الطائفي الممقوت، والذي يؤدي إلى تفتيت المجتمع، وإثارة النعرات وشق وحدة الصف.
وثانيها أنها ثورة اتضح ارتباطها بولاءات خارجية، يؤكدها الإعلان الإيراني عن استعدادها للتدخل في حال تعرضت الطائفة الشيعية للاضطهاد، وتصريح رئيس مجلس الشورى الإيراني لارجاني- الذي قال بحسب ما أوردته «وكالة مهر» شبه الرسمية بأن «تدخل حكام المنطقة في البحرين لن يمر دون أن يدفعوا الثمن»- لهو خير دليل على ذلك، ولا يمكننا نسيان تصريحات إيرانية سابقة تزعم بتبعية البحرين لإيران تاريخيا.
ومن أسباب معارضتنا للثورة الطائفية في البحرين أنها ثورة تدعي السلمية، لكنها في الحقيقة ثورة تخريبية، فحمل المتظاهرون للسيوف والخناجر، وهجومهم على الجامعات والمدارس والمستشفيات، وتعديهم على الجنسيات العربية والأجنبية المتواجدة على أرض البحرين لهو أكبر دليل على أنها مظاهرات انتقامية.
لقد سعت مؤسسة الحكم في البحرين على احتواء الأزمة، من خلال الحوار ومد جسور التعاون، فأعلنت عن بعض الإصلاحات، وأطلقت بعض السجناء المدانين بعمليات تخريب، كما سمحت بعودة الزعيم المعارض الشيعي حسن مشيمع من الخارج، وبرغم ذلك كله سددت المعارضة الشيعية طعنة لهذه اليد التي امتدت لها، إذ تطورت التظاهرات إلى إغلاق الشوارع، وتعطيل المصالح، وإغلاق الطرق الرئيسية المؤدية إلى المرفأ المالي، والذي يدعم ويعزز الاقتصاد البحريني.
وتطور الأمر إلى المطالبة بإسقاط الحكم الملكي، واستبداله بالملكية الدستورية، والتي تؤدي إلى حكومة منتخبة من الشعب، وعلى اعتبار أن نسبتهم تصل إلى 50 في المئة أو أكثر فهما يسعون للوصول إلى رئاسة الحكم، ومن خلال التجربة كما في العراق وإيران، فإن تصفية الطرف الآخر وكبت حريته، ستكون من أولى أولوياتهم.
إنني من أشد المؤيدين لدعم دول مجلس التعاون الخليجي للبحرين، فمصير دول الخليج مرتبط بالنتائج المترتبة على الثورة الطائفية في البحرين، ونجاح وصول هذه الطائفة للحكم في البحرين سيهدد الدول المجاورة وسيكون سببا في زعزعة أمنها، لذلك أتمنى من المعارضين لتدخل دول الخليج في حل الأزمة البحرينية أن يتركوا عنهم المثاليات، وأن يدركوا الخطر المحدق بالمنطقة، حتى لا يأتي اليوم الذي نقول فيه: «أكلت يوم أكل الثور الأبيض».

تساؤل لنواب المكيالين
من النواب من يكيل للأمور بمكيالين، ويزن المواقف بمعيارين، بحسب ما تمليه عليه منطلقاته الطائفية، فالنائب عدنان عبدالصمد مثلا يقول عن أحداث البحرين: «على السلطات البحرينية أن تتعامل مع المطالبات الشعبية السلمية للإصلاح بالحكمة والعقل وليس بالقمع، من أجل سلامة وأمن البحرين واستقراره»، بينما يعلق على الأحداث المصاحبة لندوة الحربش قائلا: «لا يمكن القبول بتجاوز القوانين ومحاولة كسر هيبة الدولة، بتحدي التعليمات الخاصة لحفظ الأمن والنظام»، فأين العدالة والانصاف؟!

السابق
قمع الجماهير ونتائجه
التالي
لماذا يواصل “حزب الله” صيامه عن الكلام ومساجلة الآخرين؟