ما الذي يمنع وضع سلاح المقاومة بإمرة الدولة؟

بعدما قالت غالبية اللبنانيين كلمتها في الساحات وفي الانتخابات
ما الذي يمنع وضع سلاح المقاومة بإمرة الدولة ؟

السؤال الذي يحتاج الى جواب باتفاق اللبنانيين عليه هو: هل يريدون قيام دولة قوية لا دولة سواها ولا سلطة غير سلطتها ولا قانون غير قانونها ولا سلاح غير سلاحها ولا جيش غير جيشها، وليس الجواب عن سؤال كم كان عدد المشاركين في مهرجان قوى 14 آذار والاختلاف على تقدير هذا العدد بمقاييس سياسية او حزبية او عاطفية.
تقول اوساط سياسية مراقبة ان حجم المشاركين في تظاهرات واعتصامات ومهرجانات وإضرابات ليس وحده الوسيلة التي تحسم الخلافات حول القضية المطروحة، انما القضية في ذاتها هي التي تحسم ما اذا كان الشعب معها لان ليس كل من ينزل الى الشارع يكون مع القضية ومن يبقى في منزله يكون ضدها، لذا لا يجوز القول ان من نزلوا الى ساحة الشهداء يوم 13 آذار احياء لذكرى 14 آذار هم وحدهم ضد السلاح خارج الدولة، بل كثيرون ممن لم ينزلوا الى هذه الساحة لاسباب شتى هم ضده ايضا، بدليل ان الانتخابات النيابية عام 2005 وعام 2009 فازت فيها قوى 14 آذار بالاكثرية النيابية، وهذه الاكثرية عبّرت عن رأيها في هذه الانتخابات بإرادة حرة لتقول انها مع الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها على كل الاراضي اللبنانية، وانها مع الدولة السيدة الحرة المستقلة، وليست مع اي سلاح خارج الدولة، وانها مع المحكمة الخاصة بلبنان لمعرفة الحقيقة في جرائم الاغتيالات التي ارتكبت واستهدفت شخصيات سياسية ونيابية واعلامية بارزة على رأسها الرئيس الشهيد رفيق الحريري والوصول بعدها الى العدالة التي تنزل اشد العقوبات الرادعة بمرتكبي هذه الجرائم.
لذلك، لا داعي للدخول في جدل عقيم حول حجم المشاركة في كل احتفال تقيمه قوى 14 آذار احتفاء بالذكرى السنوية لانتصار لبنان، لان هذا الجدل حسم في الانتخابات النيابية ونتائجها، لكن السلاح في يد الاقلية حال دون تمكين هذه الاكثرية التي جاءت بها قوى 14 آذار من ان تحكم فتكون رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب والحكومة من صفوفها.
والجواب عن السؤال حول السلاح خارج الدولة الذي اعلنه جمهور 14 آذار بصوت مرتفع وهو: لا لهذا السلاح، مطلوب من الحكومة العتيدة ان تعلنه ايضا، لان ما من لبناني لا يريد ان يكون له دولة قوية سيدة حرة مستقلة لكن الخلاف هو على مفهوم هذه الدولة، وكيف تكون، وهو ما ينبغي الاتفاق عليه، ليس بمن يحشد اكثر من الآخر في الساحات ليكون مع او ضد، بل بما يخدم اكثر مصالح لبنان ويكون مع قضاياه الوطنية.
في الماضي كان خلاف بين اللبنانيين على مفهوم الاستقلال، فحسمت الاكثرية الشعبية والنيابية هذا الخلاف في الانتخابات. وكان خلاف على التجديد للرئيس الشيخ بشارة الخوري فلم يحسمه عدد النواب الذي كان مع التجديد وقد جاءت بهم انتخابات مزورة، بل اقلية نيابية لا يتجاوز عددها العشرة لان الشعب كان مع هذه الاقلية النيابية وقال كلمته ضد التجديد في اضراب عام مفتوح عبّر فيه الناس عن رأيهم بحرية من دون ضغط ولا اكراه، اكثر من التظاهرات التي شارك فيها احيانا من لا يعرف لماذا يتظاهر بل كل من يعرف انه يلبي دعوة زعيمه او حزبه او طائفته. فلو ان الاعداد في التظاهرات والاعتصامات هي التي وحدها تحسم لما كان حصل تغيير في مصر ولا في تونس لان عدد المتظاهرين لم يتجاوز خمسة في المئة من مجموع عدد السكان في البلدين، انما قضية التغيير هي التي تحظى بتأييد غالبية الشعب، سواء كان بعض منه في الشارع وبعض آخر في منزله وهي التي تنتصر، شرط ان يتم هذا الانتصار بإرادة حرة يعبّر عنها في الشارع وفي غير الشارع وفي الاستفتاءات والانتخابات الحرة وليس بقوة السلاح وأعمال العنف والارهاب.
وفي الماضي ايضاً حصل خلاف بين اللبنانيين حول السلاح الفلسطيني، وعندما لم يتوصلوا الى اتفاق تقاتلوا ولم يتوقفوا عن التقاتل الا بدخول جيش سوري، ثم اختلفوا على بقائه او انسحابه، فلا يجب ان يتكرر ذلك بسبب الخلاف على سلاح "حزب الله"، بل يجب ان يحصل تفاهم على ايجاد حل له، سواء من خلال الحكومة العتيدة او من خلال العودة الى طاولة الحوار، لان الخلاف لا يحسمه حشد من هنا يدعو الى سقوط هذا السلاح وحشد آخر من هناك يدعو الى سقوط من يسقطه.
لذلك، على الزعامات الوطنية العاقلة والواعية ان تبحث عن حل لمشكلة السلاح في ايدي لبنانيين وغير لبنانيين، وانه يمكن التوصل اليه اذا حسنت النيات ولم يكن لأي خارج اهداف ومصالح يريد تحقيقها من خلال هذا السلاح.
الرئيس ميشال سليمان كان قد اقترح استخدام سلاح المقاومة عندما يطلب الجيش اللبناني ذلك، ويرى انه في حاجة اليه في مواجهة مع العدو الاسرائيلي، وكان الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله قد اعلن خلال معركة عديسة بين الجيش اللبناني وجيش العدو الاسرائيلي انه يضع سلاح الحزب في تصرف الجيش، فما المانع من التوصل الى اتفاق على طريقة الافادة من سلاح "حزب الله" في مواجهة اسرائيل عوض استمرار الخلاف حوله، وهو خلاف يفيد منه العدو، خصوصا اذا ادى الى فتنة داخلية في لبنان.
وحل مشكلة هذا السلاح في رأي المراقبين يكون اما بتحديد المناطق التي ينبغي ان يكون فيها وجود لهذا السلاح في مواجهة اسرائيل، مثل الجنوب، ولكن خارج مناطق وجود القوات الدولية والجيش اللبناني، وفي جزء من البقاع، ولا يكون له وجود في مناطق اخرى من لبنان، او ان يبقى السلاح في يد "حزب الله" في كل مكان، شرط ان تكون إمرة استخدامه للدولة اللبنانية، خصوصا ان هذا الحزب ممثل في كل مؤسساتها ولاسيما في مجلس النواب وفي الحكومات.
فاذا كان سلاح الجيش وقوى الامن الداخلي خاضعا عند استخدامه لقرار السلطة السياسية فكيف لا يكون سلاح "حزب الله" واي سلاح غير سلاح الدولة خاضعا لهذا القرار ايضا؟
ان الجواب عن السؤال المتعلق بسلاح "حزب الله" هو عند الحكومة العتيدة، فهل تتفق على حل له فتزيل اول عقبة من طريقها؟

السابق
ايران اطلقت صاروخا يحمل كبسولة الى الفضاء لاجراء تجارب
التالي
لا لأميركا